الأربعاء ٢ أيار (مايو) ٢٠١٢
بقلم رقية عبوش الجميلي

كركوك... ارض الغرباء

تحكي الأساطير أن أحد الملوك وهو في طريقه الى السبي. مر بمدينة على جرف نهر يعلوها تل يغري في المكوث به. في ذاك الوقت كان الملك كلما مر بمدينة شيّد فيها قصراً. يحمل اسمه ويحفظ موطأ قدمه. وما إن مر بتلك المدينة حتى أمر رئيس العمال ان يشيد أعلى التل قلعة حصينة بأربعة أبواب وحصن رصين. وأمره أيضاً بذبح أحد أبنائه قرباناً للآلهة.

مرت الأيام وعاد الملك من الغزو. ومر بالمدينة فوجدها قد شيدت كما كان يروم. وما إن رأى ابنه الذي أمر بتقديمه قرباناً. حتى ثار واستدعى رئيس العمال. وسأله عن عدم تنفيذه الأمر الملكي.

رد عليه رئيس العمال قائلاً: خفت غضبك مني إن ذبحت ابنك وقدمته قرباناً. فاستعضته بأحد العمال الغرباء. فكان قرباناً للآلهة.

عاد الملك أدراجه ولم الجيش. وترك في ذلك الحصن بعضاً ممن سباهم من غزوته؛ ليستوطنوا فيه. ثم ألقى كلمته على رئيس العمال. قبل الرحيل: "ما دمت قد استبدلت القربان بغريب عنا. فستبقى هذه الأرض أرض الغرباء".
يقال أن الملك هو نبوخذ نصر. وأن من سباهم وترك بعضاً منهم هم يهود القدس. وأن المدينة التي شيدها أعلى التل هي قلعة كركوك!

ربما تكن هذه الاسطورة من نسج الخيال. أو من الأحداث التي ربطت مع بناء القلعة. واستيطان اليهود فيها. الا ان ما شدني إليها هي ان تكون ارض الغرباء. وامتداد الصراع على تلك المدينة. التي كانت وما زالت محط مختلف الاديان والقوميات. حتى آثارها. في كل موقعة فيها. مرت عليها عدة حوادث. لكل حادثة فرقة تختلف عن أختها. كما حدث وما زال يحدث في مسجد النبي (دانيال). إذ شيد هذا البناء على انه معبد لليهود. ثم تحول الى كنيسة للمسحيين. وهو اليوم مسجد للمسلمين... هذا ما حدث.

أما الذي ما زال يحدث فهو طقوس زيارة ضريح النبي دانيال. وهو احد انبياء اليهود إذ يأتي الزائرون إليه كل يوم سبت. وهو يوم معروف عند اليهود بيوم العبادة لله والتفرغ من كل عمل. ثم يلي ذلك طلب (المراد) أي بمعنى آخر طلب الحاجة. وإشعال شمعة مريم. بعد طلب المراد. لتتحقق الغاية. وهي عادة عن المسيحيين بعد الدعاء والصلاة. ثم يلي ذلك الصلاة ركعتين داخل المسجد. كصلاة المسلمين تحيةً للمسجد. وبهذا تكون قد انتهت مراسيم زيارة ضريح النبي دانيال.

أ هو الحس اللاشعوري الذي يجذب الناس لأداء تلك الطقوس والفروض. وهم على فطرتهم لا يدركون حتى من أين جاءت؟ ومن أين مفادها؟ أم هو من احترامٌ وتقديس لحضرة المكان الذي تنوعت فيه دور العبادة وجمعت تحت قببه اكثر الاديان خصومةً؟

تبقى كركوك على اختلافها وتنوعها مصدراً لتنوع الثقافات. وافرة بكنوزها مغلولة يدها عن العطاء. أشد النزاع عليها في حق البقاء. أما التأريخ فلا يروي إلا حقيقة تلك المدينة المعطاء وكأنها ملاذ لكل من حط فيها.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

من هنا أوضح مسيرتي العملية في مختلف الميادين، على مدى خمسة عشر عاماً من العمل واكتساب الخبرة.

الكتابة والصحافة:
بدأت في ميدان الصحافة كمحررة في جريدة (العراق غداً)، مسوؤلة عن صفحة المرأة وكاتبة مقال أسبوعي لجريدة رسمية. كما قمت بتحرير وإعداد برنامج اجتماعي تناقَش خلاله قضايا المجتمع وكيفية حلها بطرح الأسئلة التي تصل عبر البريد على اختصاصيين في علم النفس الاجتماعي. ثم انتقلت إلى برنامج إذاعي كضيفة أسبوعية لمناقشة التحديات التي يواجهها المجتمع. كما استلمت منصب (مديرة مشروع) في مؤسسة إعلامية لـ(صناعة القلم النسوي) ومشروع المقال والصورة (رسالة السلام) ثم كنت من منظمي مسابقة (الكتاب بوابة السلام). كما كانت لي عدة كتابات قصصية ومقالات بحثية نشرت في مواقع رسمية مثل (ديوان العرب) جريدة (الزمان) اللندنية، موقع (ما وراء الطبيعة) جريدة (الصباح) الرسمية.

البحث الاجتماعي والمسرح:
كنت عاملاً مهماً في إنشاء وتأسيس الفرق المسرحية (مسرح المضطهدين) في العراق لأربع مدن عراقية، فتم تأسيس أربع فرق مسرحية، وكان لي دور في اختيار وتدريب الفنانين، وكنت المسوؤل الأول في كتابة النصوص المسرحية التي تعتمد على البحث الميداني ودراسة الحالة في المجتمع قبل كتابة النص أو عرضه كنص مسرحي جاهز، واستمر عملي لمدة أربع سنوات على البحث وكتابة النصوص المسرحية وتدريب الممثلين وتنسيق للعروض.

البحث الاجتماعي:
في هذه الميدان كان التركيز على الحالات الإنسانية ودراسة الحالة وتقييم الاحتياجات اللازمة بحسب التقييم مع المتابعة وكتابة التقارير التحليلية التي تعتمد على قاعة بيانات في التحليل، ومعظم تلك التقارير كانت تصدر بشكل بياني ورقمي مع تقرير سردي، واستمر عملي في هذا الميدان مع مختلف المنظمات الدولية لمدة سبع سنوات ممتالية شملت تدريب الموظفين على خطوات دراسة الحالة وكيفية حفظ البيانات وكيفية الإحالة بطريقة إلكترونية وبسرية عالية.

من نفس المؤلف
استراحة الديوان
الأعلى