خاطرة
لطالما بت أسأل نفسي؛ هل شهر رمضان شهر عبادة وتقرب إلى الله؟ أم بات اليوم شهراً يلتهم فيه المسلم أخاه المسلم؟! يتوعد أغلب تجارنا ويجهز سيفه الذي سيقطع به جيوب زبائنه, وليكشّر عن أنيابه ويتسابق مع رفاقه. ليعقـّد كل منهم جبينه أمام أي مار. قد يهفو دون المرور بدكاكينهم, والويل لمن تلعثم بغلاء أسعارهم. أما المواطن الصعلوك فليس له سوى الرضى بما ابتلاه الله به من عبيده الطامعين.
ليس غريباً أن نعيش في ظل أزمات لا تفرج عنا كربها. فكل هذا الثبور يأتي من طبيعتنا الوحشية (الحيوانية) ورحنا نعزو أمر بلائنا إلى الله. والحق يقال حاشا لله أن يكون قد ابتلانا ظلماً وعدواناً. إن المسلم لا يرحم أخاه المسلم. فكيف نتضرع إلى الله أن يرحمنا (ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء).
يقضي المواطن رمضان. وهو يلوذ من صقيع الحر والظمأ. وينسطر من لهيب الأسعار, ليجيء العيد بفرحة الصائم والتاجر في آنً واحد!
لم يكتف بعض تجارنا مما جنت جيوبهم. بل جابت في خواطرهم (هل من مزيد؟)! ولطالما وقف الزبون لشراء حاجة ما. وربما اظهر شيئاً من الاحتجاج على ارتفاع أسعار السلع. حتى انهال عليه البائع بالأسى. لما أصبح حال السوق عليه اليوم. وكأنه ليس من أهله!
يذكرني هذا الموقف بوصفي لهم. كما وصف (الفرزدق) قتلة (الحسين) عليه السلام حين قال له: (قلوبهم معك وسيوفهم عليك). قلب التاجر مع المواطن. وسيفه على رقبته, فأصبحوا بهذا يعيشون صراعاً نفسياً مريراً, فليعنهم الله ويشفي صدورهم ويملأ جيوبهم. ويفرغ مخازنهم من أكداس البضائع التي عدوا عدتها؛ لتستهلك مابين رمضان والعيد!!