نشوة
وضعت الهاتف من يدها وهي ممتلئة به! كانت نبضات قلبها المتعالية مسموعة فعلا ، وقد انصبغ وجهها بحمرة التفاح كادت تطير جذلا في تلك اللحظات .
لم تتوقع في يوم أن يتذكرها أو أن تشاء الأقدار المجهولة أن تجمعهما معا فقد كان بعيدا جدا و لم تعرف من أخباره سوى القليل التي كانت تلتقطه من هنا و هناك بمحض الصدفة!
و ها هو الان أمامها ، يؤمن بكينونتها و مازال يذكرها! و هي التي كانت تتصور أنها كانت نكرة بالنسبة إليه ، أغمضت عينيها و حاولت استرجاع شريط الذكريات الجميل ، تلك الذكريات التي كانت و مازالت منذ عهد مضى عندما جمعتهما مقاعد الدرس .
لفت انتباهها منذ اول نظرة تبادلاها بمحض الصدفة، وهي في طريقها على عجل لإحدى قاعات الامتحان ، تشابكت عيناهما سريعا ثم ما لبثت أن تفرقت الخطى غير أن سعادة خفية لفت كيانها دون أن تعي السبب .
و منذ ذلك الوقت و عيناها ترمقه بإعجاب كلما لمحت وجوده قريبا منها، كان ذائع الصيت مجتهدا في دراسته و نشيطا جدا، كان بلا شك محبوبا من قبل اساتذته ، و كانت هي شديدة الإعجاب بهؤلاء الشخوص .
لم تستطع في حينها أن تتجرا و تحدثه على الرغم من قوة شخصيتها واجتماعياتها ، إلا أنها فيما يخصه كانت شديدة التردد و تخشى الإقدام على أي خطوة.
ثم غادر و مكثت هي بعده ، شعرت بالخيبة لأنه مازال لغزا دفينا بالنسبة لها ، أمضت عامها و مضت هي الأخرى تشق طريقها المجهول ، مخلدة تلك الذكرى الجميلة أو الفرصة الضائعة كما كانت تعترف بينها وبين نفسها ، حتى انها اعترفت أمام إحدى صديقاتها يوما أنها أخطأت عندما لم تحاول التعرف عليه عن قرب .
و الآن ها هو يعود من جديد! يلوح في سمائها نعم لقد عاد بعد أن كان حلما تائها، ترى هل سيعود ليكون واقعا؟ ترى هل ستحدثه عما كان يعنيه لها؟ ترى هل ستستغل هذه الفرصة جيدا؟ كيف يبدو الان؟ أمازال وسيما، مهذبا و متواضعا؟ أم أن سنين الغربة قد بدلت ملامحه؟
لا تدري فعلا لا تدري ، أو ربما أنها لا تريد أن يفسد فرحتها أي أمر سابق لأوانه ، كل ما تعيه الآن أنها تشعر بنشوة رائعة بعد أن سمعت صوته و أيقنت انه قد عرفها .