السبت ١٠ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٩
بقلم
لم يغدر البحر
عَبَّارَةٌ غَرَقَتْ أَمْ أَنَّهَا بَلَدُ | النَّاسُ حَائِرَةٌ وَالدَّمْعُ يَتَّقِدُ | |||
رُبَّانُهَا أَحْمَقٌ بِالحُمْقِ أَوْرَدَهَا | بَحْرًا تًمُورُ بِهِ الأَمْوَاجُ وَالزَّبَدُ | |||
البَحْرُ أَرْجَى لَهَا مِنْ عُصْبَةٍ فَسَدُوا | لَمْ يَغْدِرِ البَحْرُ بَلْ لِلْغَدْرِ هُمْ قَصَدُوا | |||
شَمْطَاءُ قَدْ شَهِدُوا لَهَا بِحُسْنِ صِبًا | وَالحُسْنُ مِنْ قُبْحِهَا قَدْ بَاتَ يَرْتَعِدُ | |||
مَرَّتْ دُهُورٌ بِهَا حَتَّى غَدَتْ مِزَقًا | لانَ الحَدِيدُ وَلانَ الحَبْلُ وَالوَتَدُ | |||
كُلُّ الأَحِبَّةِ فِي أَحْشَائِهَا دُفِنُوا | غَابَ الحَفِيدُ وَغَابَ الأَبُّ وَالوَلَدُ | |||
وَآبَ شَيْخٌ وَقَدْ طَالَ الزَّمَانُ بِهِ | بِئْسَ الحَيَاةُ إِذَا أَحْبَابُهُ فُقِدُوا | |||
أَرْوَاحُهُمْ ذَهَبَتْ رُخْصًا بِلا ثَمَنٍ | فَلا أَنِيسٌ بَقَى كَلا وَلا سّنّدُ | |||
يَا طُولَ غُرْبَتِهِ مِنْ بَعْدِ فَقْدِهمُ | مَلَّ الحَيَاةَ وَأَضْنَى قَلْبَهُ الكَمَدُ | |||
لِلهِ يَشْكُو أُنَاسًا مِنْ فَرْطِ ظُلْمِهمُ | غَصَّتْ حُلُوقُ الوَرَى وَتَفَتَّتَ الكَبِدُ | |||
أَيْنَ القَضَاءُ الَّذِي قَدْ كَانَ مَفْخَرَةً | لِأَهْلِ مِصْرَ وَفِي جَنَبَاتِهِ وَجَدُوا | |||
مِيزَانَ عَدْلٍ يُحِقُّ الحَقَّ بَيْنَهُمُ | حِصْنَ الأَمَانِ الَّذِي فِي ظِلِّهِ سَعَدُوا | |||
بَلْ أَيْنَ مِصْرَ الَّتِي فِي القَلْبُ مَسْكَنُهَا | فَالقَلْبُ يَعْشَقُهَا وَالرُّوحُ وَالجَسَدُ | |||
كَانَتْ جَمِيعُ الدُّنَا بِالأَمْسِ تَحْسِدُهَا | مَنْ كَانَ ذَا عِزَّةٍ فِي النَّاسِ، يَنْحَسِدُ | |||
الظُّلْمُ جَرَّدَهَا مِنْ ثَوْبِ عِزَّتَهَا | فَاليَومَ يُرْثِي لَهَا حَتَّى الأُولَى حَسَدُوا | |||
أَخْنَى الزَّمَانُ عَلَى أَمْجَادِهَا فَغَدَتْ | وَالظُّلْمُ يَعْلُو بِهَا، وَالعَدْلُ يُفْتَقَدُ | |||
إِنَّ الفَسَادَ الَّذِي بِالقَهْرِ كَمَّمَنَا | قَدْ طَالَ فِي عَهْدِهِ فَكَأَنَّهُ الأَبَدُ | |||
بِاللهِ لا تَيْأَسِي(يَا مِصْرُ)وَاصْطَبِرِي | مَهْمَا عَلا مَوْجُهُمْ لَنْ يَمْكُثَ الزَّبَدُ |