الأحد ١٣ حزيران (يونيو) ٢٠١٠
بقلم
لم يعدْ مطلعُ الأغنيةِ مُبهِجاً
(1)تعبتُ من أكوابِ الشاي والقهوةومن الشمسِ التي لم تعدني بشيء.تعبتُ من المحطّاتِ والمحيطاتِ والطائرات,ومن المطرِ والصحو والغيوم,ومن الشوارع الفارغةِ والمكتظّة,ومن الأعدقاء وأشباهِ الأعدقاء,ومن المتشاعرين والمتشاعرات,ومن مدّاحي الطغاةومدّاحي القنابلحين تُفجّرُ وسط جموع الأبرياء.(2)"لم يعدْ مطلعُ الأغنيةِ مُبهِجاً"يكتبُ لي شاعرٌ من بغداد ويضيف:"ألم تجدْ في الكنغر تسليةً ما؟"قلتُ له:لم أجد الكنغرَ في بلاد الكنغربل وجدتُ القرد- واخيبتاه-وجدتُ القردَ الأصلع!(3)النهرُ هنا يتجددُ قطرةً قطرةليس كالفراتِ الذي يدفعُ ماؤه الضفافَ دفعاً.النهرُ حبيسٌ هناوقد جمّلوه رغم عفونةِ مائه.نعم, جمّلوه فأمسى جميلاًبنافوراته ونسائهوملابسه الضوئية الراقصة.(4)مَن يعيد إليَّ سمكَ الفرات؟ومَن يعيد إليَّ مركباً خشبياً وسط الفرات؟ومَن يعيد إليَّ سمكاً يلبطُ فيه,سمكاً من الضوءِ والمسرّةكأنني حين ألمسه بيديألمسُ سرَّ المسرّة.(5)كلّ شيء مضى.سأحتاج إلى كلمةٍ لأصفَ غربتيوسأخترعها إنْ لم أجدها.غربتي ليستْ هي البحر،فالبحرُ، رغم وحشته وأكاذيبه ومجونه، طيّبٌإذا روضّته أو روّضك.غربتي, إذن, بدأتْ في الفراتوغابتْ مع شمسه التي غابتْوسط مائه وصيحاتِ أطفالهوسط دموعه وأسراره.(6)غربتي هي غربةُ العارفينإذ كُذِّبوا أو عُذِّبوا.غربتي هي غربةُ الرأسيُحْملُ فوق الرماحمن كربلاء إلى كربلاء.غربتي هي غربةُ الجسرِ الخشبيإذ يجرفه النهرُ بعيداً بعيداً.غربتي هي غربةُ اليدوهي ترتجفُ من الجوعِ أو الإرتباك,وغربةُ السمكِ إذ تصطادهسنّارةُ الباحثين عن التسلية,وغربةُ النقطةوهي تبحثُ عن حرفها الضائع,وغربةُ الحرفوهو يسقطُ من فم السكّيرأو فم الطاغية.