الأربعاء ١٥ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٨
بقلم
دراهم كلكامش
(1)في حديقةٍ أصغر مما ينبغيأمام لحية كلكامش في المتحفِ العراقيوفوق عشبٍ أكله الحنين الرطبومزّقه الدمعوتحت غروبٍ أثقل من الحجرضيّع الطفلُ دراهمه السبعة.فبكىيا إلهي، لِمَ يبكي هذا الطفل؟(2)تلك التي اسمها الحياةمتلفّعة بعباءةِ السوادِ والحلمبعباءةِ الفقرِ والتعاسةهي مَن أعطاني الدراهم التي ضاعتْ سريعاً.كان لقاءً عابراًيشبه حياةً عابرةوكان أنكيدو عابراًيشبه أفعى عابرةسرقت السرَّ كما يزعمونتشبه كلكامش العابر هو الآخر.يا إلهي، لِمَ يبكي هذا الطفل؟أمن أجل الدراهم حقاً؟(3)صغرت الحديقة(هي في الواقع أصغر مما ينبغي)وكبرَ الطفلوتزوّجوهاجروكتبَ حرفاً عجيباًوماتَ أو كادلكنّه لم يزلْ ينظر إلى الحديقة:أين هي الدراهم يا إلهي؟كلّ درهمٍ كانَ اسمه السعادةوكلّ درهمٍ كانَ اسمه العيدأو الغيمةأو الشمسأو البحرأو قُبْلَة الأمِ متلفّعة بالسواد.كلّ درهمكان عبارة عن سرٍّ وجده كلكامشثم ضيّعه معي في الحديقة.(4)بعد أربعين عاماًكتبتُ رسائلَ مستعجلةً إلى كلكامشليعينني على استرجاع دراهمي الضائعةفوجدتُ تمثاله الحجريدون لحية طويلة تغطّي صدرهفانتبهتُ إلى أن كلكامشقد زوّر تمثاله ليعيش بعيداً عن السرّربّما بعيداً عن التعاسةولكن ليس بعيداً عن دراهمي السبعة.(5)مَن يعرف السرَّ يا إلهي؟مَن يعرف كيف ضيّع كلكامش سرّه؟ومَن سرقه منه؟مَن يعرف كيف ضيّعتُ دراهمي السبعةقرب الحديقة التي تقع تحت لحيتهأو قدّام لحيته؟مَن سرقَ دراهمي يا إلهي؟(6)حتّى أنكيدو الذي ماتَ لأسبابٍ غامضةلم يعرف السرّحتّى أتونابشتمأو صاحبة الحانةأوصاحبة اللعنة...ليس من أحدٍ يعرفُ السرَّ أبداً.(7)أنافقطأعرف:إنني أعيش منذ أربعين عاماًقدّام لحية كلكامشفوق عشبٍ أكله الحنين الرطبومزّقه الدمعوتحت غروبٍ أثقل من الحجرأبحثُحتّىالموتعن دراهمي السبعة التي ضيّعتُهافي حياةٍ عابرةكملمسِ الأفعى العابرةكلحيةِ كلكامش العابرة هي الأخرىنحو غروبٍ أثقل من الحجر.