الجمعة ١٢ آذار (مارس) ٢٠١٠
بقلم هشام محمد علي

عندما يغتصب الشيطان طفلة

استيقظت مِنَ النومِ مُبتسمةً، فلأول مرةٍ تنهض من تِلقاءِ نفسها دون أنْ تزعجها أُمها او عمتها العجوز التي تسكن معهم. دخلت المطبخ الصغير مسرعةً لتحضن خَصر أُمِها وتقول: سأنظف كل البيت وأعمل كُلَ ماتريدين يا أحلى أُمّ، ولن اخرج للعب حتى توافقي. فنظرت ألأُمُ بحنان ملؤه الحزن إلى إبنتها التي أنتهت البارحة فقط من دورتها الشهرية الأولى، وقالت لها: اليوم لن تذهبي إلى اللعب، فلدينا ضيوفٌ مهمون. اجابتها الطفلة: حسناً يا أمي ولكن بشرط، أنْ انهض غداً ايضاً من نفسي دون أنْ توقظيني انتِ او عمتي. فتحول حزنُ ألأُمِ إلى بكاءٍ دفعها لإحتضان إبنتها وتقبيل وجهها قائلةً: سوف لن اوقظك مرةً أخرى يا صغيرتي.

وفي هذه الأثناء دخلن نسوة تزغردن. حينها أخبرت ألأمُ ابنتها أنها اليوم ستصبح عروساً، فلم تعرف الطفلة ماذا يعني ذلك، هل تفرح أمْ تخجل أمْ تبكي أمْ ماذا؟ لكن النسوة لم يتركن لها مجالاً للتعبير، حيث أنقضضن عليها وإلى الحمام ليُهَيئنَها للعريس.

عصر ذلك اليوم كانت الفتاة قد تزينت وجلست على كرسيٍ وسط المنزل، والأخريات من حولها يصفقن ويغنين وهي قد تأقلمت كونها مركز الحدث، حتى دخلت فتاة وصرخت: لقد اتت سيارات العرس. حينها بداءت ألأمُ بالبكاء، وكذلك فعلت الطفلة العروس.

دخلن نسوة من أهل العريس لإصطحاب العروس إلى السيارة التي ستقلها إلى زوجها، فرفضت بادئ الأمر الخروج معهم وأصبح لبكائها صوتٌ يسمع هذه المرة، حتى طلبت إحدى اقارب العريس من الأخريات الزغردة، فزغردن ليختلط صوت بكائها بزغاريد الفرح.

وفي السيارة أرادت أُخت العريس أنْ تواسيها فقالت: ستعيشين في بيتٍ كبير، ستأكلين طعاماً لذيذاً أفرحي أيتها الشقية. وهنا سألت الطفلة نفسها: من ياتُرى هو العريس؟!.

حين نزلت من السيارة اشاحت بعينيها نحو الأرض، فالعادة تفرض على العروس أنْ لا ترفع عيناها وإلا قيل أنها غيرُ محتشمة. فوصلت إلى حيث يجب أنْ تجلس بجوار عريسها، وسمعت اناساً يقولون: مباركٌ لكم، مبروك، بالرفاه والبنين إنشاء الله......... وكانت تسمع صوتَ رجلٍ بقربها يجيب الأصوات: شكراً لكم، حفظكم الله. فعلمت أنه صوت زوجها، لكنها لا تعرف بعد من هو، وحيائها لا يسمح لها أنْ ترفع عيناها لتنظر اليه امام هذا الجمع من الكائنات!

دخل الزوجان غرفتهما حيث الأخرين منشغلين بوجبة العشاء، وأُمُ العريس تقف قرب باب الغرفة التي تجرءت فيها الطفلة رَفعَ رأسها لترى رَجُلَها، لتندهش وتقول: عمو......، فيقاطعها بَعلُها: عمو حب وحنان وحياة سعيدة، تعالي ايتها الصغيرةُ الجميلة. فيحملها إلى الفراش ويضاجعها بقسوةٍ رغماً عنها، ويخرج بعدما ينتهي منها ليُعلم أمه بانتهائه، لتدخل بدورها وتحمل من تحت الفتاة الخرقة البيضاء الملطخة بالدماء، ولا تعيير صراخ الطفلة اذاناً وتزجرها صارخةً: عيب... عيب ايتها الغبية لا تبكي. لكن آلام الطفلة اشد من أنْ يداويه العيب، وقد تداوي الجسد الحاجة الداية التي ارسلوا بطلبها بعد أنْ عرفوا أنْ العروس تنزف.

وكان العريس حينها قد أستحم وخرج إلى المدعوين بملابس المنزل التي تدل على انه اتمم عمله، فأستُقبِل إستقبال الفاتحين، ودقت الطبول وبداءت الحفلة، والأقارب يتفاخرون بسرعة اتمامه الليلة الحمراء.

وبعد انتهاء الحفل في وقتٍ متأخرٍ من الليل، عاد البعل ليعيد الفتح من جديد، رغم تحذيرات الداية من خطورة تكرار العملية في مثل حالات الطفلة التي توسلت اليه أنْ لا يقترب منها لأنها ستموت من الألم إنْ هو فعل ذلك، لكنه وعدها بأن يكون اكثر هدوءاً هذه المرة.

وبعد مرور خمسة سنوات أصبحت الطفلة اماً لثلاثة اطفال وحاملاً بالخامس، حيث أنها كانت قد فقدت مولوداً مِن قبل.

وفي ظهيرةِ يومٍ من الأيام طلبت منها حماتها أنْ تصعد إلى السطح لِتُنزِلَ كم الملابس التي كانت قد غسلتها في الصباح الباكر، ولكنها أصيبت بدوارٍ مِن على الدرج الأول وسقطت على الأرض مغشية، فسارعوا إليها ليرشوا على وجهها الماء لتستفيق، فأفاقت وقالت: سأسمع كلامك يا أُمي، سأفعل كل ماتريدين، أيقظيني في الصباح ايضاً، لتوقظني عمتي ايضاً، فقط دعيني ألعبُ مع أترابي يا أُمي، أُمي... أين أُمي.. وبتعبٍ وتثاقُلٍ أسدَلتْ عيناها لتفارق الحياة. فانتشر بين الناس أنها لم تكُن تعاني أيَ مرضٍ طوال حياتها! ولكن الشيطان قد دفع بها مِن على الدرج!.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى