السبت ٢٥ حزيران (يونيو) ٢٠٢٢
بقلم هيثم نافل والي

جيم

وقتما كنت على أرض متحركة، أقصد، ليست يابسة؛ بمعنى، جزيرة، تعوم في الليل بحكم المد، وتركد عند الفجر بسبب الجزر! يرتادها الناس لجمالها وبساطتها ورقة روح ساكنيها؛ أصحابها الذين يبدون وكأن لا هم لهم في الحياة، لا يعانون الفقر والفاقة.. يضحكون ويمرحون ويعيشون وهم في حالة تناغم مع الواقع بشكل يثير العجب والتباهي يصل حد الفخر بفطرة ربانية نادرة الحدوث وشعار الجزيرة الثابت الذي لم يتغير قط هو الطبيعة! نعم، يؤمنون بالطبيعة كقانون إلهي لا يعلو فوقه قانون، الحياة من أجل الحياة، الحب من أجل الحب، العمل من أجل العمل، الضحك من أجل الضحك، وهكذا.. لا يحملون الأشياء فوق طاقتها بشروح وتفسيرات لا تغني ولا تشبع وبهذا هم راضين وبقسمتهم ونصيبهم سعداء لا ينقصهم شيء كما خلقهم الله بعد نزول آدم على الأرض وعنوان القصة يشير إلى اسم شخص تعرفت عليه على تلك الأرض المتحركة التي لا ينام أهلها إلا بعد أن تنام الضفادع، ولا يصحون إلا بعد أن تصحو العصافير!

أثار جيم اهتمامي، تواضعه غير المعقول، بساطته التي تصل حد السذاجة في ناموسي وقاموسي، يضحك من أعماق صدره، يتكلم برفق وكأنه يهمس، يساعد دون حاجه إلى السؤال، أو الكلام، رائع في كل شيء حتى في صمته وتأمله، سعيد بما يأتي به وما يفعله، هكذا وجدته فأعجبني طبعه وشخصه، فصادقته بناءً على ما أظهره لي من صفات وسلوك أحبهما وأطبق في حياتي جزء منهما قدر الإمكان ومتى ما يسعفني الزمان..

نال إعجابي عدم اعتراضه على ما يصادفه من أمور يومية في الحياة، كنوع الأكل أو الشرب أو حتى المنام؛ يعيش ساعاته بفرح غامر يحسد عليه، يأخذ كل شيء كما هو دون أن يبدي أي ممانعة، بعدها يقول رأيه، لكن بعد أن يكون قد أتم الأمر وانتهى، لكن لحظتها لم يمانع، ثم حدثني عن فقره، وبؤس عائلته، وحاجته المستمرة للمال ومع ذلك أكد لي بأنه بالقليل من المال يستطيع أن يسافر، يتعرف على أناس جدد مثلي، يعيش حياته رغم تواضعها بسعادة مبهرة ويحب الحياة بالفطرة كالطفل..

انتهت زيارتي للجزيرة؛ رجعت إلى عملي وحياتي المعتادة، وعندما كنت أقلب وريقات الصحيفة التي كانت بين يدي قرأت اسمه ورأيت صورته، صدمني الحدث، عرفت بأنه مليونير، ويملك أكبر ورش صناعة السفن في العالم، واسمه جيم!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى