الثديان .. والأنهار الأربعة
لا شك أن لهذه الأنثى الإنسانية أحاسيس ومشاعر خاصةً بها لا يمكن أبداً لذَََكَرِهَا هذا أن يشاركها فيها، ونعني بذلك مجموع أحاسيس ومشاعر جوهر معاني «الأمومة»، بالرغم من أن هذه المشاعر والأحاسيس لا تأتيها ولا تلامسها ولا تعايشها إلا من بعد أن تسبقها مشاركتها لهذا الذكر في لذة الوقاع، فيصيبها بالتالي من جراء هذه النشوة واللذة المتبادلة التي لا شبيه لها ذلك الحمل الثقيل بثقله، ليصبح «ثدياها» من بعد هذا الحمل هما المركز الحسي المتصف دوماً بالنمو والبروز، بل العنوان المميز لهذه اللذة الحسية الذاتية التي نعنيها، خاصة من بعد أن يلتقم المولود الصغير حلمة هذين الثديين ويمتص منهما ذلك الغذاء الكامل، «اللبن» ومن المعلوم بيولوجياً أن ثديا الأنثى هما اللذان يصنعان الاختلاف في الشكل فيما بينها وهذا الذكر!!
فالصغير يمتص هذا اللبن الحلو عبر لسانه كـ «لذة» فطرية خاصة به، ولها هي أولاً، ليتأكد لنا بأن هذا اللبن هو أفضل «غذاء» وأكمله لكل مواليد الثدييات، وليكون هذا الثدي من بعد هذا هو السبب الأول لتواصل الحياة!! ولا نعتـقد أن هنالك لـذة أفضـل وأسمى من هذه اللذة الفطرية بالنسبة لهذه الأنثى«الأم» وهي تلقم مولودها ثديها- وقد صرَّحت هي بذلك، إجابةً لأسئلة سبق أن طرحناها على عدد من النساء الوالدات- فكانت الاجابة: «شيء لا يوصف!!»!!
فالرضاعة- بالإضافة إلى ما ذكرنا– ترمز من طرف غيبي خفي إلى معنىً قدسي تخالف صورته هذه الصورة الحسية المشاهدة اليوم، معنىً يشير «هنا» إلى أن هذا العطاء الحسي المشاهد الآن له ما له من «أصلٍ» كان «هناك» ما كان يعيقه ما يعيق هذا اليوم!! وأن كل هذا الجود السخي الذي نراه من الذات إلى الغير، حتى وإن لم يكن المولود هو مولود أحشاء هذه الذات المرضعة تحديداً يكفي لأن نتبين ما جرى لرسولنا الكريم عند مولده وأن نصل كل هذا بذاك الأصل الفريد!!
سبحان الله !!
لهذا جاء ذكره في القرآن الكريم!! كما أننا نعتقد بأنه إحساس وشعور لا يمكن البتة لأي أنثى أن تعطي وصفاً لفظياً دقيقاً له كما ذكرنا!!
أما عند ملامسة ذَكَرِهَا وتحريكه وعصره ورضاعه لهذين الثديين- أثناء المداعبة والجماع- سواءً كان هذا قبل أو أثناء أو بعد المولود، إنما يكون تمهيداً وتلبية لنـداء تلك الفطرة الآتية من ذلك الماضي الروحي العميق خالد الذكرى بعيدها، ليلتقي اليوم بمثل هذا النداء الحسي المشهود- والذي يجسده هذا المولود - ليشكلا معاً مفهوماً واحداً لمعنى الشجن والحنين إلى معايشة الكيفية التي كانت في صورتها الأزلية الأولى!!
وهو هو عين هذا وذاك المولود مع الفارق والبون الشاسع!!
طاف بخيالنا أنه ماضي تلك الأنهار الأبدية الخالدة التي فارقها وفارقتها هي أيضاً، وبلا كيفية، تلك الأنهار الجارية بذلك «اللبن» وبذلك «العسل» وبذلك «الماء» وبذلك «الخمر»، ماضٍ كان فيه هو وهي في ظلٍ ممدود، وماءٍ مسكوب، وفاكهة كثيرة، لا مقطوعة ولا ممنوعة، عاليهما ثياب سندس خُضْرٍ واستبرق، وفي جوفيهما اعتدل «الطقس» لا هو بالحار ولا هو بالبارد. وما هذا الذي يقومان به اليوم إلا نتيجة لامتلاء الجوفين بالحر والبرد والدم.. وسكنى البيت!! وسكنى البيت- كما قالوا - غاية سبقت في الذهن بناء البيت، ولكن في الخارج بناء البيت أولاً ثم السكنى ثانياً؟!!
إنها المحاولة الاحتكاكية الجسدية الفطرية التوَّاقة منهما حنيناً إلى ذلك العهد السعيد الزاهي النضر!! أفلا يكون طول السعي والبحث في هذه الحياة الدنيا- كما نرى- متجهاً دوماً نحو توفير ما يمكن من أسباب الراحة- كمَثَلٍ - لتلك التي عاشاها في ذلك العهد بلا كيفية تذكر حتى وإن لم يدركا كنه ذلك!!؟!!
نعم، هو بلا شك واقعاً روحياً قد كان، لا يمكن الرجوع إليه إلا عبر سلوك المنهج الإلهي الموضوع للوصول، طالما أن هنالك «موتٌ» ينتظر الجميع في نهاية النفق!!
فهذا الذي يحدث- أي ما يسمي اليوم بـ «رضاعة الكبار» - إنما هو في الواقع قراءة غيبية لامفهومة لأكثر الخلق والتي لا سبيل لديهم خلافها لإسكات صراخ غول هذا العطش الدفين المستمر، ولإطفاء نار هذا الجوف الملتهب وشوقه الدافيء إلى حقيقة ذلك «اللبن» الأصل الذي لا وجود لمَثََلِه اليوم– مجازاً- إلا في هذا «الصدر» العنوان ومحاولات استدراره الكاذبة خلال فترات هذا الاستنشاق الجنسي الحار!! ولعل مرد كل هذه المحاولات اللامجدية- كما ألمحنا - هو تلك اللحظة العابرة المحدودة «حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ» والتي تذوق فيها خلالها طعمه الحسي فقط حينما كان حينها طفلاً في الحِجْرِ يداعب الأم ويستعذب الامتصاص وبه ينمو، ويبكي إن فقده وهو لا يعرف لكل ذلك سراً ولا كنهاً!!
فما السر إذن وراء تلك الأنهار التي ذكرناها والخاصة جرياناً بذلك «اللبن» وذلك «العسل» وذلك «الماء» وذلك «الخمر» التي ذكرها الحق– سبحانه وتعالى – في كتابه الكريم؟!!
أفلا تكون مثل هذه القُبَل المحمومة التي يتبادلها الحبيبان- الذكر والأنثى - والتي أخفى الله طعمها ورائحتها ولونها وجعل خفاءها هذا سراً يرعش كيانيهما ويصيبهما بالهزة والانتصاب، أفلا تكون هي المحاولة منهما أو بالأحرى من هذا الذكر تحديداً لامتصاص رحيق روح ذلك «العسل» الأصل القديم من بين هاتين الشفتين كتعبير حار جارف عن مدى شوقه وحنينه إلى ذاك «الروح» الخاص به والذي وضعته الحكمة العليا داخل هذا الكيان المجسد المقابل له، والذي لا يجد طريقاً للوصول لاحتضانه وامتلاكه ولو لثواني إلا من خلال هاتين الشفتين؟!!
أفلا تكون روح «العسل» وروح «اللبن» من جهةٍ هما السر الغيبي الخفي الذي خرجت به هذه الأنثى عند لحظة خلقها وإيجادها وخروجها من عمق أعماق هذا الذكر– بل ومن قبل هذا كله- وهما في الحقيقة من خواصه الذاتية المنسوبة إليه؟!! أفلا تهمس لنا الحكمة الجليلة بأن يا ذَكَرَ لا سبيل لديك لاسترداد ما هو من خواصك- مجازاً - إلا بالاقتران والاحتكاك الجسدي بهذه الأنثى؟؟؟!!!
ومن الجانب الآخر أفلا تكون روح «الماء» وروح «الخمر» من الجهة الثانية هما كذلك السر الغيبي الخفي الذي تركته هذه الأنثى في أعماقه هو من بعد استلالها وخروجها منه- لحكمةٍ - هي في الحقيقة من خواصها هي الذاتية المنسوبة إليها؟!! أفلا تهمس لنا الحكمة الجليلة بأن يا أنثى لا سبيل لديك لاسترداد ما هو من خواصك – مجازاً - إلا بالاقتران والاحتكاك الجسدي بهذ الذكر؟؟؟!!!
إذن لا مجال– كما تفيد هذه الحكمة العظيمة المثيرة - لاكتشاف كنه ما وراء هذه المحاور الأربعة إلا من بعد النظر لهذا التأطير الإلهي العظيم الذي يحيط بهذه اللذة الجنسية الفريدة التي يتعاطاها هذا الثنائي الفريد في نوعه وتركيبه منذ أن بدأت هذه الحياة مرحلياً، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، والتي لا يمكن لأيٍ منهما أن يسترد حقوقه إلا من خلالها كحكمة كبرى نستشف منها ما نحن الآن بصدده!!
ومن هاهنا أتى ويأتي بل كان ويكون هذا التفعيل المستمر لحركة هذا التجاذب الجنسي الكيميائي السرمدي الذي ما زال يربطهما ببعض أينما كانا خاصة حينما يكونان في أوج شبابهما وعافية أبدانهما وتألق أعضائهما وذروة عصرهما!! وحتى عند الكبر يبقى هذا التفعيل قائماً لكنه يقل تدريجياً!!
وبهذا وحده تعكس مرآة هذه العلاقة الحميمية الفريدة- وهي آخر المرايا العاكسة وأصفاها وضوحاً - هذه الصورة الذهنية المعنوية المتفردة التي نحاول استراق النظر إليها من تحت هذا الستار اللحظي اللذيذ الخاص بالنوع كله والذي تم من خلاله ظهور كل الثدييات وغيرها على سطح هذه المعمورة، ومن عمق هذا التباين الجاذب الملحوظ!!؟
عليه، وجدنا أنه وبنفس التقدير الذي ظهر به «عضو»هذا الذكر التناسلي، وبرز في نصفه الأسفل، وأُخْفِيَّ ثدياه في نصفه الأعلى «ولعلهما من الأعضاء الأثرية» بان لنا أن اللذة «الذاتية»، المنشودة له، قد أُخفيت له- بالتالي- في نصفه الأعلى هذا، وبالتحديد في قلبه، لا ثدييه، وما هذا الخفاء إلا لجلالها ورفعتها، وجمالها وخلودها، وقداستها وتفردها، بل هي- من حيث المعنى- بمثابة روائح الجنان المعنوية المنادية، ولا وجه للمقارنة بينها وبين تلك الذاتية الحسيـة التي ظهرت للحس وبرزت في النصف الأعلى للأنثى حيث ثدييها البارزين، لأنها كالقمر مكتوب عليه أن يتبع الشمس!!
في حين أن هذه اللذة الحسية- «الحيوانية»- التي ظهر عضوها التناسلي وبرز عنده في نصفه الأسفل، نراها قد أُخْفـيَّت أيضاً وأُخْفيَّ عضوها التناسلي عند الأنثى في نصفها الأسفل هذا، وما ذلك إلا لخستها، ودوام انقطاعها، وبأنها كتلك أُخفيت لخاصيتها، وشتان ما بين اللذتين من تفاوت وخاصية!!
فالتي خُصَّ بها الذكر- إن أدرك ذلك - نراها معنوية الجوهر والمضمون، لا صلة لها أبداً بحاسة اللمس- وذلك في أعلى درجاتها- روحية الأصل والمسار، فكرية المنحى، متعلقة بشيء زائد على تلك التي للأنثى ونعني بها ذلك المحتوى المعنوي «الملائكي»- سر النور الإلهي القلبي - هذا الذي تمتع به هو سلفا دون أنثاه، ولأنثاه يكون انعكاسه فقط!! ذلك المحتوى الذي يتحدث بلغة «أخرى» لا واقع لها اليوم، إلا في خيال الربانيين أصحاب القلوب السليمة وحدهم!! لغة الأمور الأخرى المباينة التي ما زالت تراود صدر هذا العالم اليوم وتـزحمه وهو لا يدري كيف يجتنيها بل كيف وأين يقتنيها!! و«الخطى» ما زالت تدور بهم- كحيوانات الرحى- حول هذا العماء والتيه واللاشيء!؟ كيف يجتنيـها ويقتنيها وهم لا ينشدون ولا يتطلعون إلا لما هو في متناول «اليد»!؟ المحسوس!! ولا يدرون أن هذا المحتوى المعنوي، هو وحده الحقيقة الممنوحة لنا جميعاً كـ «قبس» من دوامه- سبحانه وتعالى – وأنه هو ما سيقود الإنسان منَّا إلى مثل هذه الأحوال الجميلة الباقية اليوم، وإلى لذتها العظمى في واقع لا يشهده إلا من كتب له «الحظ» غداً، وحقاً: «.. َمَا يُلَقَّاهَا إِلا الذين صبروا * وَمَا يُلَقَّاهَا إلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ» .. لا مجرد أماني ورغبات وأحلام، لأن القدر الأكبر من اليقين، بجميع أبعاده، يكمن فيه- أدرك الإنسان ذلك أم لم يدرك! -.. لذلك شاءت الحكمة الإلهية أيضاً أن يتم انتقال هذا المحتوى «المعنوي» المبارك عبر هذا النصف الأسفل من الذكر، ليستقر في ذلك النصف الأسفل من الأنثى، حيث يكمن إحساسها بلذتها المعنوية الخفية، والتي هي عبارة عن الشعور والإحساس- معاً- بأن ذلك الشعاع الإلهي لا يمكن أن يصل إلى بيتها هذا- ونعني بالبيت هنا هذا الجسد، سواءً جسد الأنثى أم جسد الذكر - إلا من خلال هذا «الذكر» ، ولن يتم انعكاسه بالصورة الصالحة المطلوبة إلا عن طريق هذا الوضع الخاص المصبوغ بأول وآخر لذة من لذات هذه الحياة الدنيا، من قِبَل أولئك وهؤلاء الصالحين، «االرجال» من الذكور!! وكما قالوا فليس كل ذكر هو بالضرورة رجلاً ولكن كل رجل هو بالضرورة ذكراً!!
ولن يتأتى كل هذا إلا عبر مفهوم «الخمر» إن ترسخ معناه في ألأفئدة والذي يأتي– كما رأينا – قريناً لازماً لصلاح هذا «الرجل» الذَكَر «الذَاكِر»، هذا الرجل الصالح الذي تحس الأنثى بجانبه بالأمان وبالأمل في اقتيادها وإعادتها– علمت أم لم تعلم، علم هو أم لم يعلم، والمفترض أن يعلم - إلى فردوسهما الأول المفقود حيث ماضيهما المترع بما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلبيهما، مترافقاً مع إحساسها اللحظي المطيع الدفين اللذيذ بهذا «الماء» الدافق الطاهر الدافيء الذي اندلق في أحشائها وسال، تبشيراً لها بقدوم أجمل إحساس معنوي خاص بها، إحساس«الأمومة» الصالحة!! الأمر الذي خلقت له أصلاً!! وما هذا «الماء» إلا «الحق» الآخر من حقيها الموضوعين تبايناً في كيان هذا الذكر!!
والملاحظة التي تسترعي الانتباه هي أن شرب الخمر حسياً– وكل أنواع الخمور الحسية من صنع الشيطان - يدور أكثره بين الذكور في ظاهر الأمر، وذلك لعدم القدرة على الفصل بين هذين المعنيين المتباينين، وصعوبة تذوق ذلك الطعم المعنوي الآخر الذي نعني به «ذكر الله»، لالتباس وهيمنة هذا الأمر الغالب على الكثير من خلق الله !!، وصدق الحق حينما قال ويقول :-«إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ» " المائدة/91 "..
كأس من الخمر فى الحانات بيضاء بها لقد سكرت قوم أجـــلاء
لا غول فيها ولا نصب يعاب به صب له من معانى رمزها البـاء
فالزمهــرير سناه دونـها وكــــذا الذكـــاء إذا ما أدارتهـــا الأدلاء
بكر عجــوز حميــا عتقت قدمــا راح سلاف وسلســال وصهباء
أما من أراد الخالق الرحمة بهم من بعد ما استجابوا له فهؤلاء هم من رحلوا عن ديار الشيطان ولم يستمرءوا شرب ما يصنع ولم يستطع صدهم عن ذكر الله "خمرة الحق" والصلاة لما حصل لهم من معرفة وسماع من قول يدعو إلى موائد يطوف عليهم فيهاغداً:
«.. وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ * لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزِفُون» «الواقعة 17/19» .. ليعايشوا النشوة في أسمى وأرقى معانيها وصورها، وهذا أبسط ما يمكن أن يقال عنها في كلمات لاتفي بالحقيقة المطلقة!!
وهكذا بسط ويبسط الله بساط المودة والرحمة فراشاً وثيراً ليستلقي عليه هذا الذكر وهذه الأنثى عن طريق ما شرع لهما من حلالٍ يدركان به بأن تذوق الأصول الغائبة ومعانقتها واحتضانها ومعايشتها غداً لا يتأتى إلا باتباع المنهج والسير بخطى الحلال وحده والتحصن له بالنكاح الشرعي القائم على أركانه المؤدية حتماً إلى الاستمتاع غداً بهذه الأصول الروحية من بعد هذه الأمثلة الذوقية المحسوسة، شريطة أن لا تستمريء هذه الأنثى مثل هذا التحدي الإغرائي العاري بإبراز صدرها أو طلي شفتيها بالألوان ووجها وجسدها بالأصباغ كأنما هي في حالة نداء دائمة لهذا الذكر داعية إياه في تحرش صامت مثير ليسترد حقوقـه حتى تتمكن هي من استرداد حقوقها فيندفع نحوها كالثـور في مستودع الخزف، الأمر الذي قد تكون الإجابـة عليه أحياناً في غاية القسـوة، قد تكون «اغتصاباً» يؤدي إلى الموت!! أو إباحيةً حيوانية حرمتها جميع الأديان!!
ولتفادي مثل هذا الأمور المهلكة تم هذا الخلق وإنزال هذا المنهج ليرى الخالق ما نحن فاعلون إزاء هذه الورقة الصعبة من الامتحان!!
وعلى أن لا يستمريء هذا الذكر كذلك قبول هذا التحدي الإغرائي فيتحول إلى زيرٍ للنساء وإلى فحلٍ لهنّ، متخبطاً وتائهاً في أودية الجهل والضلال محاولاً استرداد حقوقه بلا فهم أو إدراك من خلال إندفاعه هذا نحو هذه الأنثى الأكثر شهوة منه، وهو لا يدري أن من يدفعه من الخلف إنما هو الشيطان حاثاً له وملحاً عليه أن يتبع هذا الصدر العاري وهذه الأرداف المكتنزة وهاتين الشفتين المعسولتين!! الأمر الذي قد تكون الإجابـة عليه أحياناً أيضاً في غاية القسـوة، ربما كانت القتل شنقاً!!
وفي الختام يقول الله- سبحانه وتعالى-:
مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ محمد15..
وضرب الأمثال من الله لنا وسيلةً لنفهم العلاقة بين ما هو محسوس وما هو معنوي ولإدراك العلاقة التي تربط بين أمرين بهذا المثل.. وقد يكون المثل في ظاهره بسيطاً ولكن معناه قد يدق عن الإدراك إلا لمن يسره الله له..
إنها دعوة إلى التأمل نرجو أن تنال حظها من التدبر، أوحته لنا آية من آيات الله الحكيم في كتابه المجيد يقول الحق فيها:«وفي أنْفُسّكُمْ أفَلا تُبْصِرُون» كانت خلاصته هذه السطور التي سطرناها، راجين أن يكون في ما جاء فيها ما يفتح المزيد من آفاق هذه الآية العميقة المباركة0 ولنا لقاء.
وعلى الله قصد السبيل.