فارسُ الأحلام
نعم يا سيدة الحرف، ويا ملكة الكلمات سأبقى واقفا عند بوابة اللغة، كمقدمة معجم لا يمكنك البحث فيه عن كلمة من غير أن تمسني أناملك، فارسا يمتطي حصانا خشبيا، لكن لن يخلده التاريخ كحصان طروادة، أيتها الفاتنة لقد أصبتني بمقتل، عندما عرفتِ نقطة ضعفي؛ كاحل (أخليس)، بعدك عني يخلط جميع الأوراق ويبعثرها في يوم ريحه صرصر. نسيتُ إني ورقة من بين تلك الأوراق تحمل توقيعك، وختم البعاد.
هل البعد والفراق أحد ألاعيبك لقدح زناد الشوق، وإيقاد شرارة الإبداع؟ هل هو السفر في اللازمان واللامكان؟ كنتُ دائما أخاف ابتعادك، لذا لم أكن أشربك جرعة واحدة عندما ألتقيك..تعرفين أنك الرصيد الوحيد في قلبي وفي تفكيري، وعندما تنسحبين من حياتي سأعلن إفلاسي على الملأ، ولا أجد من يتعاطف معي لأني بنظرهم سيء الإرادة والإدارة.
لن أشتكي أو أظهر ضعفي، لأننا تربينا على "كل الـمصائـب قد تمر على الـفتى فتهون غير شمـاتة الـحسـاد ِ"، وهذا ينسحب على جميع ظروف حياتنا، حتى عندما يؤلمني رأسي أذهب إلى صيدلية بعيدة عن منزلي لابتاع الحبوب المضادة للصداع، خشية أن يعرفني الصيدلي، تماما، كما تنفجرين بضحكات هستيرية مع زميلاتك في الجامعة حال انفصالنا، كي تغطي على ضعف داخلي يعتمل فيك، وكي تظهري عدم مبالاة.
تذكرين لحظات اللقاء التي تتسم في بداياتها بالتفلسف؛ عندما كنتُ أقولُ لك: "بالمال تستطيع أن تشتري السرير، لكنك لن تستطيع شراء النوم، وإن استطعت شراء النوم عن طريق الحبوب المنومة، فلن تستطيع شراء الأحلام الرائعة، وإن استطعت الحلم قسرا فإنك لن تستطيع الابتسام وأنت نائم.
سيدتي نحن التعساء المجهولون كحبات رمل في صحراء (نيفادا)، ولدنا حُفاة، لم تتذوق أقدامنا طعم النعال، ولم تتذوق شفاه قلوبنا قطرة حب على الرغم من عطشها ويباسها، دمنا ثقيل، يجري في شراييننا ثقيلا كبرادة الحديد، على الرغم من تظاهرنا بخفة الدم وثقل الوزن، وهو ما تقتضيه المصلحة الاجتماعية. سيدتي تذكرين عندما حرضتك على الحب والخروج من القبر؟ لكنها كانت لعبة خبيثة مني، كي أدخل أنا فيه. أتذكرين عندما التقينا ذات حلم وسافرنا إلى بلاد بعيدة وتزوجنا، وأنجبنا أطفالا.. والغريب أن كل من يراهم يقول إنهم يشبهون والديهم..وشعورهم بلون حقول القمح.
رن جرس الهاتف، ليقول لي إنكِ سافرتِ إلى الأبد، على الرغم من تركك لحقيبة أحلامك في غرفة قلبي.