الثلاثاء ٤ حزيران (يونيو) ٢٠١٣
بقلم
خَسِرتَ الرِّهان
على بابِكَ موجٌ تنهّدبَحْرٌ يُلوِّحُ مُقبلاًوشِراعُ وَجْدِكَ يَمْضي صَامِتاًوحين عليكَ يُطِلُّ كالنَّجمِ مُحالٌأو يأفلُ في تِيهِ الطّريقِ ضوءُ الرَّجاءِاُتْرُكْ للريحِ أَجْنِحَةً واسْتَقْبِلِ السّماءثم ابتعِدْ ما اسْتَطعتَقليلاً أو كثيراًوَبَعْدَ لأيٍّ على فَننٍ فِي المَنَافِيالْقِ عَصَا التِّرْحَالِ وَارْتَجِلْ البُكَاءأو فاسْتَعْذِبْ الغِنَاءوإنْ شئتَ غَرّدْ إنْ طَابَ لَكَ التَّغريدُلَقَد مرَّ عَليكَ الأوَانُ حَاسِرَ الكَلامِوَخَسِرتَ الرِّهانَها أنتَ تَسْتَودعُ الصّحراءَ شيئاً مِن نحيبِ المُفارقوشيئاً مِن لهيبِ المُعاتبوبعضاً مِن رائحةِ قطعةِ ثوبٍقُدّتْ بأنفاسِ أشواقِ المسافةها أنتَ ترتدُّ مُعاتباً :أيُّها الوطنُ الأسيرُ أنا ابنُكَ الضّائعُ فخُذْنيولا تَجْعَلْني مضغةً لفمِ الوَحْشةِلا تُشَكّلْني شهقةً في لَوْحِ العراء***اُتركْ على ضفّةٍ مِن شطِّ لوعَتِكَ قَلْبَكَ المَفْزوعَوانتظرْ السَّفينَثم ارتحلْ عن جهةٍ سَفَحْتَ مِن أجلِها بهاءَ العمرِ***أنتَ أيُّها القادمُ مِن سِحْرِ الخيامِ في قيدارالهاربُ مِن عذاباتِ الأسرِعلى بابِكَ زأرتْ ريحٌومِن خلفِها ألفُ غابةٍ تَسْتَرِدُّ ضَجيجَ الذّاكرةِسَتُحْصى عليكَ أنفاسُ الزّمانِفاحْذَرْولا تفترشْ أرضاً خشيةً مِن سقوطٍ***بَحْرٌ سيأخذُكَ إلى مَهَبِّ البدايةِحيث ستجوبُ سماءً تَسْتَجْلِي طينَ زُرْقَتِهاوتُخوماً تَخْتَضُّ حنيناً للقاءِوأنتَ مثلُ صبيٍّ ذاهلٍ يُدَحْرِجُ أحلامَهُ نحو هاويةٍتُدَحْرِجُ ما تَبقّى مِن أيامٍ فانياتٍوأنتَ تَتشَهّى مِن بَيْنِ الرّياحِ الرّشيقَ عندَ هبوبِهاوتُطاردُ ما تمَرّدَ مِن طَيْرِ الرِّمالِأنتَ الذي يَنْأى في وحلِ الخَيالِولم يَكْتَرثْ لنداءِ البُقَاءالآنخَسِرتَ الرِّهانَخَسِرتَ في المضْمارِ جواداًتاهتْ في المدى أفراسُ اشْتِياقٍ مُضْمِراتٌومِن بعدِكَ خُسِرَ الرِّهانُ***اُتْرُكْ وردةً تَعَرّتْ على أبوابِ الصّباحتَعَمّدتْ نُزْهَةً على شَرَفِ الضّفافتوزّعتْ على خَدْيها حَسراتُ العُمرِوفوقَ رمشِها تَقاتَلَ الحزنُاُتْرِكْ وردةً لَبِسَتْ ورقَ الظلالِ وعَبَرَتْ جَسَدَ النهاراُتركْ للسكونِ نُزْهةَ الجناحينثم أطْلقْ للريحِ أحلامَكَ المؤجّلةَهذا الصّباحخَسِرتَ الرّهانَ لكن ريحَكَ مؤاتيةسَتَجِدُ صَمْتاً في المقَامصَخَباًوضِلالَ روحٍوتحتَ حَيْرَةٍ بها لا يُسْتَظلُّاقْرَأْ مِن آخرِ السَّطرِما تَكْتبهُ القفارُاقْرَأْ ما هُتِكَ مِن أعْرافِ الصُّحْبَةِآنَ لك أنْ تُدَحْرجَ مِن على سَفحِ موجةٍ عاتيةِ الرّغبةِ قرصَ الشّمسِآنَ لك أنْ تدعوَ القمرَ للمثولِ بين يَديْ صَبِيٍّلم يُكملْ نحو موطنِ الأملِ نصفَ الطّريقِأنتَ الذي جلسَ في آخرِ الصُّفوفِوعابثَ أُبّهةَ المَنافي امْتِناناًاُتركْ للريحِ أَجْنِحَةًوارتَحِلْأنّى شِئتَفلكَ ديدنُ الكأسِ الأخيرةِطَعْمُ حليبِهاعُذوبةُ ريقِهاهمسُ شفاهِهاولكَ أوهامٌ لم تَتَحَقق في بلادِ الكُنوزِولك رأيٌّ حائرٌ في المَكانِمُتَعَثِّرٌ في المَعانياُتركْ أَرْضَاً وَعَانقِ السّماءفلَقد خَسِرتَ كُلَّ الرّهانِ