أمدينتي .. إني وقلبي في العراء
يا للسماء
غدت عيون مدينتي غَرقَى، ويخنُقُها البُكاء
تتدثَّرُ الألم المُهينَ، وترتعِد...تحتَ أمطارِ الشِّتاء
الخوفُ يرجِفُ في عيونِ مدينَتي
وسماؤُها مطليةٌ بِبُؤسِ ألوانِ الدِّماء
حتى سُقُوفُ مساجِدها
حتى الكنائِسُ
والمدارِسُ
وجميعُ جُدرانِ الفناء
حتى كُفُوفُ الأتقِياء!!
الحُزنُ يقبَعُ في عيون مدينتِي
وصَباحُها يرتدي، ثوبَ المذلَّة، والمهانة..والكبرياء...
يا للسماء!!
ما عُدتُ أعرِفُ عن رُبوع مدينَتي غيرَ رسمٍ في كتاب
حتى على خارِطة الكونِ مدينتي،،كانت أسيرة
ومضى الزمان
...
..
.
ومدينتي ملأى بآلاف القلوب الحزينة، والكسيرة..
يتساءلُ التَّأْريخ: من كسِبَ الرِّهان؟؟
يا للسَّماء!!
أمدينَتي..
هلاَّ حكيتِ لنا، من كان يرضى أن تكوني هكذا؟؟
قالت : - والليل في عينيها ضرير- هلاَّ مرَرْتَ بكُلِّ بيتٍ في المدينة
البعضُ يبكي.. والبَعضُ، يضاجِعُ الحُزنَ /السَّرير!!
هلاَّ مررت بكُلِّ بيتٍ في المدينة
النَّار موقدة، وقلوبُهم كالزَّمهرير
من في عيوني نامَ...مرتاحَ البال، قرير؟؟
...
ومضَيتُ أسري
من الأزِقَّةِ.. للمقابرِ.. للحُفر ..
بحثتُ عن شبهِ آثارٍ ، إنارة!!
عن بقايا العُمر، وأوراقِ الشَّجر
عن واحةٍ عذراءَ، ما عرِفت بشر
وطفِقتُ أبحثُ في الأزِقَّةِ، في المقابِر .. والحُفر ..
فإذا بها ملأى بأنصافِ الجُثث.. أرباعِها.. أشلائِها
وشككت .. هل من جِنسِ البشر
من خطَّ بالنَّار آلام البشر؟!!
جلستُ على رصيفِ القهر،أبكي، يجلِدُني المَطر
أمدينَتي...
ما عاد يعنيني البُكاءُ، ولا الربيع، ولا السَّمر!!
يا للسماء
لا زِلتُ أبحثُ في المدينة..
قلبي المُعنَّى،، يدُقُّ أنَّاتي الحزينة
وبِي جِراح.. تشكَّلت على كتِفِ الصَّباح..
وبحثتُ عن وحي الحقيقة
عن شيخٍ، يضمدهُ البَراح..
عن ليلةٍ ماسمعت يوماً نُواح
وطفِقتُ أبحثُ.. هل أراك؟؟؟
يا أيها المطعونُِ، بُُعداً، فلا بصيرة
ويذوبُ من ألمي.. الشتاء
وتذوب أسوار المدينة
حتى القلاع.. غدا بها الكونُ، رهينة...
فهتفتُ: يا للسمـــاء
روحٌ مسافرةٌ، وفي عُمقي مُستكينة..!
أمدينتي..
هلاَّ ذكرتِ لي،، أين سرى الزمان؟
علِّي أراك بعينيه العِبَر
وتهجأت كل النجوم قصيدتي
تتدثَّر الدمع/ البكاء!!
....
فمن أنا؟؟؟
أنا من عرفتُ
في عينيكِ بعد الضياع
سميَّتي..
واليوم بعد ضياع الدرب، أين هويَّتي
...
أمدينتي:
لستُ أدري من أنا!!
وبكت كل جوارِحي..حتى المدينة
...
إلى أن عاد الصباح
فتنبَّهت كل العيون النَّائمات
وتفتَّحت كل الزهور الغافيات
وتجشأت حناجرنا الجراح
قامتْ لتبحث في نهارات المدينة
زحفتْ على كلِّ الشوارع
فوق أرصفة المدامع
كانتْ تُحدِّقٌ في الجموع العابرات
في زِحام الحافلات.. في الرُّكام.. وفي الغمام
في عمق أنفاس الهُمام
عن أمانيها الشهيدة
وعن الحنين
في عمرٍ تُمَرَّغ بالسِّنينِ وبالضَّنين
فما رأت غير الأنين
والعُراة الجائعين
الحزن عينٌ ، في وُجوه العابرين
رغم أقنعة الفَرْحِ، المُقيَّد، والمُكبَّل.. والحزين
أمدينتي...
ما عُدتِ أنتِ
ولا أنا
ولا ذك الزمان
أمدينتي...
هلاَّ ذكرتِ أيام نصرٍ رُبَّما تأتِ ، من بعيد أو قريب
إنِّي تعبتُ مدينتي، ونعتي: أن "غريب"
مُستوطِنٌ في الرَّدى، يصرُخُ.. لا مُجيب
أمدينتي...
تتألَّقين كما السَّراب
مدِّي يديكِ إليَّ إنِّي ضائِعٌ
أبحثُ عنك ، خلف ذُرى السَّحاب
وعن الحقيقة ،، في وكرِ أنَّات الغِياب
أمدينتي...
مُدِّي يديك إليَّ إنِّي أضعتُ حقيقتي
وعرفتُ في عينيك -بعد الضَّياع- هوِيَّتي
واليوم..
أجهلُ من أنا
وما تكون شريعتي!!
...
..
.
آلافُ السِّهامِ بِجُعبَتي أرميها إلى عُمقِ الزَّمان ، السَّارقِ فرحتي، ومدينتي
وحنينيَ الذي عرفت في غوغائه -بعد الضَّياع- هويَّتي
...
لا زلتُ أعدو
من الأزِقَّةِ.. للمقابرِ.. للحُفر
ضاع النَّهار
وعربدَ الليل الأصم
والحُلمُ يدوي في عُمقِ ردى الظُّلَم
من أين يعود الفجر، وكلُّ ما أحياهُ ضاع!!
يحتدِمُ الصِّراع
في كلِّ ليلٍ من ليالي مدينتي
بين أبناء البلاط، وصراخ آلافِ الجِياع!!
أُناسٌ ساهرون على كؤوس
وآخرون، يراقِصون هَوَى المعاول، والفُؤوس..
ستُباعُ أحلامُنا عَلناً
وينفَتِحُ المزاد
من يشتري قلباً تعلَّقَ بالحبيبة؟
من يشتري قلباً تعلَّق بالمدينة؟؟
من؟؟
ومن؟؟
...
ونُباعُ في سوقُ العبيد
ويمُرُّ عيدٌ بعد عيد..
والقلبُ في أرجائنا حُرٌّ..شريــــد!!!
وعندما يرنُو النَّهار..
نُلملِمُ الآلام من أضلاعِنا،ونُسرِعُ بالفرار
إن كان في زمَنٍٍِ محبَّة ، أو بعض أشلاء قرار!
...
وتظلُّ في أعيُننا آلافُ الليالي
لا سبيل لمحوِها
فاعذُروني، يا كُلَّ أصحاب المعالي
يا أصدقاء
يا للسماء..
مدينتي صارت هباء
والظل هامَ بروحها وزها العراء
وأنا هنا .. وحدي
أُناجي مدينَتي
وكذا السَّماء
فاهتِفوا أحبَّتي، لِعودة الوطن الشهيد
لعودة القلب الشَّريد إلى الحياة
أم ذا هُراء!
لا سبيل إليَّ درباً
فإلى اللقاء أحبتي
إلى اللقاء