الثلاثاء ٩ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٨
بقلم
قال أبي
إذا المَرءُ لَمْ يَخلِق مَكَانَاً مُلَائِمَا | |
فَلا خَيرَ أَيْ لِلمَرءِ فيمَا تَعَلَّمَا | |
ولَا خَيرَ فِي عِلمٍ يُخَالِطُهُ الأَنَا | |
كَمَا خَالَطَ النِفطُ المِيَاهَ فَجَرثَمَا | |
ولَا خَيرَ فِي مَرءٍ بَشَوشٍ بِوَجهِهِ | |
إِذَا كَانَ قَلبُ المَرءِ كُفرَاً ومُظلِمَا | |
ولَا خَيرَ فِي عَبَّادِ مَالٍ يُجَمِّعُهْ | |
وجَارُهُ مِن جُوعٍ وفَقرٍ تَألَّمَا | |
ومَن عَاشَ فِي الدُّنيا مِثَالَاً فَإِنَّه | |
إِذَا مَاتَ فِي يَومٍ فَلَن يَتَنَدَّمَا | |
فَمَا المَرءُ بَعدَ المَوتِ إِلّا تَذَكُّرٌ | |
لِمَا كَانَ فِي الدُّنيَا ومَا كَانَ دَائِمَا | |
ومَا المَرءُ بَعدَ المَوتِ شَيءٌ فَرُوحُهُ | |
تُنَاجِي رِضَا الرَّحمَنِ فِي مَن تَرَحَّمَا | |
ومَا العُمرُ إِلّا لَحظَةٌ بَلْ لُحَيظَةٌ | |
فَعِشهَا كَمَا كَانَت ولَا تَكُ لائِمَا | |
أَلَا لَن يَمُوتَ المَرءُ إِلَّا بِيَومِهِ | |
وأنَّى أَتَاهُ المَوتُ يَلقَاهُ مُرغَمَا | |
ولَن يَشبَعَ الطَّمَّاعُ إِلا مِن الثَرَى | |
ولَن يَطلُبَ الأبطالُ إِلَّا وَغَى الحِمَى | |
وإِن أنتَ لَمْ تَعتَد عَلَى العَيشِ قَانِعَاً | |
سَتَحيَا مَعَ التَّعذِيبِ عُمرَاً كَأنَّمَا | |
حَيَيتَ ولَمْ تَحيَا وقَد كُنتَ هَا هُنَا | |
كَطَيرٍ مِن الجيفَاتِ رَبَّى ولَمْلَمَا | |
كَذَا المَرءُ لَودَارَى بِنَاءً مُشَيَّدَاً | |
عَلَى الوَهمِ والوَعدِ الكَذُوبِ تَكَتَّمَا | |
فَلا عَجَبَاُ فِيمَا لَوالبَيتُ قَد هَوَى | |
وفَوقَ الذي دَارَاهُ عُمرَاً تَهَدَّمَا | |
ومَن يَطلُب الأَمرَ العَظِيمَ فَقَد عَلَا | |
ومَن يَطلُب الأَمرَ الحَقَيرَ تَشَرذَمَا | |
لَنَا العَيشُ فِي الدُّنيِا كِبَارَاً بِفِكرِنا | |
بِهَا نَرتَدَي الأَخلَاقَ ثَوبَاً مُنَمنَمَا | |
لَنَا العَيشُ فِي الدُّنيا وهَيهَاتَ ذلُّنا | |
وفينا دَمُ الأعرَابِ يَجرِي مُكَرَّمَا | |
لَعَمرِي ومَا شَيءٌ أَذَلُّ عَلَى الفَتَى | |
مِنَ النَّذلِ أُعطَى مَوْقِعَاً فَتَحَكَّمَا | |
ولا خَيرَ فِي الشُّعَّارِ إِن لَمْ يَكُن بِهِمْ | |
حَكَيمٌ وذُوعَقلٍ ولَوكَانَ أَبكَمَا |