

الطريق المستقيم هو الطريق إلى فلسطين

يَجْدُرُ بِالذّكْر أنه في فيلم "الطريق المستقيم" الذي عُرِضَ في 17 أكتوبر عام 1943، إشارة قوية لفلسطين أقدم من إسرائيل، مناسبة هذا الحديث لافتة إشارية مهمة جداً في الطريق بين مصر وفلسطين في الفيلم الدرامي المصري المُتَمَيِّز "الطريق المستقيم"، إخراج وسيناريو ومونتاج وإنتاج المُخرِج الفنان المصري الكبير توجو مزراحي، أمَّا القصة والحوار والبطولة فهي لعميد المسرح العربي يوسف وهبي بك، إن هذه اللافتة الإشارية أقوى بكثير جداً من جهاز دعاية الكيان الصهيوني الكاذب ،وبالتالي فإن تلك اللافتة الإشارية تُعتَبَر صفعة قوية على وجه ذلك الكيان الصهيوني الواهم، حيث لم يتحقق للعصابات الصهيونية شيء يدل على أن لهم في فلسطين تاريخاً أو أثراً، وإن أكسبه الدعم الإرهابي الأمريكي الهمجي كل ممارسات الإرهاب الدنيء، لكن ذلك الإرهاب تهزمه حقائق ومفردات تنتمي إلى فلسطين التاريخية، ففي الفيلم وعند عبور قناة السويس توجد لوحة "جمرك الإسماعيلية"، وغرفة تفتيش حقائب المغادرين إلى سيناء ومنها إلى الشام، ويوجّه البطل سؤالاً إلى المرأة: " أخوكِ علّم على الباسبورتات؟"، هنا إشارة إلى السفر من دولة إلى دولة حرة ذات سيادة، حتى ولو كانت في ظل الانتداب ، أقصد دولة فلسطين الحرة، حيث يظهر كادر لا يستغرق إلَّا ثانيتين اثنتين فقط، لكنه مهم جداً في تقسيمه الحروفي، وفي مضمونه وثقله الرمزي، على يسار الكادر "القاهرة"، ومن اليسار ينطلق سهم إلى أقصى الشرق، حيث كُتِبَت "فلسطين" بالعربية والإنجليزية، وبين الحروف العربية والإنجليزية خطان مستقيمان؛ فلسطين على بعد 114 كيلومتراً.. ينتمي الفيلم إلى القصص الدرامية، موظف مرموق يقع في حبائل امرأة تشغله عن أسرته، فيختلس أموالاً، ويدبران السفر إلى بيروت، هناك يكتشف حقيقة المرأة اللعوب، فيقتلها، ويهرب عائداً بالقطار عبر معبر "القنطرة" على قناة السويس، ويتم القبض عليه وترحيله إلى القاهرة، ويموت برصاص الشرطة...تبقى حقيقة فلسطين التاريخية عبر اللافتة الإشارية في الفيلم بتفاصيل متوارية، يمكننا وضعها في أُطرها اللائقة للضغط بها على الضمير الإنساني حتى تصير جزءاً من الذاكرة الأخلاقية والمجتمعية، تستطيع هذه التفاصيل هزيمة محاولات تشويش تاريخ فلسطين، مِن هذه العناصر الصور الفوتوغرافية، والحق أقول أن عناصر اللقطة السينمائية في الفيلم مُعَبِّرة حقاً ولها دلالات عميقة.