عيد ميلاد
عيد ميلاد سعيد. تمر هذه الأيام الذكرى الخمسينية لميلادك. ومازلت بنت العشرين، أو هكذا تتوهمين. مضت السنين سريعة. لكنك مازلت كما أنت تمضغين الهم بين فكيك، وتلوكين السنين في يسر. وتطلقين الضحكات يمينا ويسارا دون عناء. لم تهزمك الأوجاع، ولم يتملك منك اليأس أو الخضوع، عجزت الأيام عن أن تسطر خطوط الزمن على وجهك المتصابى. لم تملى الكذب بعد، فهو زادك وهواءك. مازال قوامك المشدود ينطلق فى الريح، ويجتاز الحدود فى خيلاء وعناد. لم يرهقك الطريق، ولم تخشى لحظات النهاية. فما زلت تقدمين أسوأ العروض الاستعراضية.
يستفزنى سؤال هل تضعين عشرين شمعة كعادتك، مثلما كنت تفعلين من ثلاثين عاما؟ وهل توقف التاريخ والزمن عند عمرك البلاستيكى المطاط؟. وهل مدعويك هم أنفسهم الذين حضروا منذ زمن عتيق. أم تغيروا باختلاف الزمن؟. وهل تحرصين على قبول الهدايا الثمينة الغالية؟. أتذكر أن مصير زهورى التى كنت أهديها لك كان سلة الزبالة، فهى لا تساوى سوى بضع قروش، وهى لا تغرى للاحتفاظ بها. فالهدايا عندك تعامل على قدر قيمتها، حتى الأحاسيس والمشاعر دائما كان لها ثمن.
مازالت أمانيك محصورة فى كلمات الاعجاب المزيفة وعبارات الإطراء الغبية، ونظرات الموتورين التى تجعلك تزهى بنفسك، فأنت مازلت رغم كل هذه السنين تتأرجحين بين الكلمات المعسولة الخادعة، ووهم الحكايات الملفقة.
ما زالت مرآتك ناصعة لامعة تضيف بريقا كاذبا علي جمالك المتصابى. وحتى لا يأتي وقت تعوى فيه كالذئاب فيخشى الناس الاقتراب منك أو الالتفاف تجاهك. أسألك السكينة. أسألك التأمل. فالحياة أنقى وأرقى من أن نعيش فيها مغيبين عن واقعنا. فأهدئى فى عامك الخمسين، ربما يكون العام الأخير من حياة امرأة بنصف قلب ونصف عقل.