الثلاثاء ٤ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١١
بقلم مصطفى أدمين

حسرة على زكرياء

أتخيل عظمة الحسرة التي شعرت بها عائلتُه الصغيرة عندما علمت بموته في مدينة بعيدة عن مسقط رأسه بمئات الكيلومترا.
لم يتجاوز زكرياء الزروالي ربيعه الثالث إلا ببضع سنوات، وهو في عزّ قوّته وعطائه الكروي، أسلم روحَه لباريها تعالى في شعور عميق من الوحدة.

أتخيّل حسرة عائلته المتوسطة، فريقِه الرياضي (الرجاء البيضاوي)، عندما انفلت ابنُها البارّ من بين فروج أصابعها في إحدى المصحات بالعاصمة الاقتصادية والرياضية.

لم يمتْ زكرياء الشابّ المغربي المثالي والرياضي الطموح، بل سالتْ روحُه بهدوء من خلال ثقبٍ خفيٍّ في منظومة (العناية الطبية)... زكرياء كالماء، سال ليعطي الحياة للضمير الجمْعي.

والآن، وجب على أسرته الكبيرة؛ بلدُه المغرب، أن يُفكِّر ألف مرّة قبل الإقدام على أيّ تكريم لأبنائه بعد الوفاة.
هذه عادةُ آبائنا الروحيين والفكريين في بلدنا العزيز؛ فلا تكريم ولا اهتمام إلا بعد أن نموت.

عادة قبيحة ورخيصة؛ والحقيقة أنّ (آباءَنا) يتوفرون على الإمكانيات المادية والمعنوية لتكريمنا ونحن أحياء.
عظماء كثيرون ماتواْ بسبب الإهمال في زوايا مظلمة من بيوتهم المتواضعة... لماذا؟

لا يهمُّني أن أعرف الأسباب التي أدّتْ إلى وفاة هذا البطل. ما يهمُّني هو أن أعرف (كيف مات وفي أيّة ظروف؟)
لعلّه ابني، وأنا أتأسّفُ شديدَ الأسف لأنّني قصّرتُ ضدَّ حقِّه في الحياة. أنا مسؤول بشكل وبقدْر مّا لأنّني لم أكتبْ مِن قبل عن (كارثة الإهمال المُمَنْهج)...

لعائلات الفقيد حقُّ رفع دعوى قضائية ضدَّ من ائتمنتهم على حياة ابنِها. ولها عليَّ وأمثالي من حملة القلم، حق الاعتذار. فعذراً يا أمَّ زكرياء وأبيه! وإنّا للعقل والرُّشد راجعون، وسلام على روح ابننا البطل.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى