

اليومَ أنـْكرني البَـحرُ
اليومَ زُرتُ بَحْري القديم ...شطـًّا لهوْتُ على سَيْفه ِ سَنوات ٍ كانتْ زُرقتي أصْفى’ وصخبي أكبر...وأثباجُ وهْمي تـُطاولُ انتصابَ أمْواجه الرَّعْناء اليوم أنكرني البحرُ...مَحا ما رسمْتُ مِن كلمات ٍ فوقَ رمْله ِالبليلْ لا أثر لخُطايَ التي أيقظتْ هَجْعةَ الرَّمل ِ، وخلَّفتْ خُدوشَ أحْلام إلا ما رمَّمتْ ذاكرتي ولم تَجدْ مُتسعا لتنصُب صَرْحي القـَديم فاندلقتْ مع المُويْجات ِ قشة ً يـَلفظها البحرُ الجَديدُ كيف لي أخيطُ ما تشرذمَ من فرح ِ الماء ، بجْسمي الـَّطري...كيْ أصالح بَحْري البعيد ِ..؟ وأنا الذي أدمنتُ غواية الصحراء..
وتـَسرْبلتُ بذهَب الشَّمس ِحتى’ شَعَّ دَمي في الأنحاءْ ؟ صار البحرُ غريبا على الرُّوح ..حتى أني لم أقوَ على خَلع شُجوني، لم أغُصْ في انْسيابه ِ البَطيء ِ..كي أطفـِئَ جمْر الصَّحراء ِ لم أفتش بين صَخره عن قواقعَ لا تزال تحفظُ أسراري الصغيرة لم أنجُ من شِراكِ الرَّمل المُقيم ِ في أغْواري رملُ الصحراء الذي آوى تيهي، رمل ٌ الصَّحراء الذي أفـْردَ لي فُسحةَ عُمر ٍ..وحريرا ليِّنا..وتبْراً أصيل.
ربَّما كنتُ الغريبَ ، على شـطِّ بحر ٍ أعادواْ رسْمَ خرائطه ِ كيْ تجرفني المتاهاتْ ربَّما لم يَعد ثمة َمن بحرٍ ...ربَّما مَحض ماءٍ خارتْ قوّاهْ أمام زحْف الأسمنت ِ والمتاريس، وزُحمة الأضواءْ ربَّما لم يَعد ثمة من طفل ٍ جَدير بصَهوات ِ الماءْ لم يعدُ ثمة َ من يَركبُ العُبابَ ، ويَصرخُ في وجْه ِ الأنواءْ اليوم أنكرني البحرُ ، كائنا خُرافيا ، يأتيه ِ مِن جفافِ الأصقاع ْ دار بوعزة