الأربعاء ٥ آذار (مارس) ٢٠٠٨
بقلم
المهرولون
ـ 1ـ
سقطت آخر جدرانِ الحياءْ.و فرِحنا.. و رقَصنا..و تباركنا بتوقيع سلامِ الجُبنَاءْلم يعُد يُرعبنا شيئٌ..و لا يُخْجِلُنا شيئٌ..فقد يَبسَتْ فينا عُرُوق الكبرياءْ…-2-
سَقَطَتْ..للمرّةِ الخمسينَ عُذريَّتُنَا..دون أن نهتَّز.. أو نصرخَ..أو يرعبنا مرأى الدماءْ..و دخَلنَا في زَمان الهروَلَة..و و قفنا بالطوابير, كأغنامٍ أمام المقصلة.و ركَضنَا.. و لَهثنا..و تسابقنا لتقبيلِ حذاء القَتَلَة..-3-
جَوَّعوا أطفالنا خمسينَ عاماً.و رَموا في آخرِ الصومِ إلينا..بَصَلَة...-4-
سَقَطَتْ غرناطةٌ-للمرّة الخمسينَ- من أيدي العَرَبْ.سَقَطَ التاريخُ من أيدي العَرَبْ.سَقَطتْ أعمدةُ الرُوح, و أفخاذُ القبيلَة.سَقَطتْ كلُّ مواويلِ البُطُولة.سَقَطتْ كلُّ مواويلِ البطولة.سَقَطتْ إشبيلَة.سَقَطتْ أنطاكيَه..سَقَطتْ حِطّينُ من غير قتالً..سَقَطتْ عمُّوريَة..سَقَطتْ مريمُ في أيدي الميليشياتِفما من رجُلٍ ينقذُ الرمز السماويَّو لا ثَمَّ رُجُولَة...-5-
سَقَطتْ آخرُ محظِّياتنافي يَدِ الرُومِ, فعنْ ماذا نُدافعْ؟لم يَعُد في قَصرِنا جاريةٌ واحدةٌتصنع القهوةَ و الجِنسَ..فعن ماذا ندافِعْ؟؟-6-
لم يَعُدْ في يدِنَا أندلسٌ واحدةٌ نملكُها..سَرَقُوا الابوابَ, و الحيطانَ, و الزوجاتِ, و الأولادَ,و الزيتونَ, و الزيتَ, و أحجار الشوارعْ.سَرَقُوا عيسى بنَ مريَمْو هو ما زالَ رضيعاً..سَرَقوا عيسى بن مريَمْو هو ما زالَ رضيعاً..سرقُوا ذاكرةَ الليمُون..و المُشمُشِ.. و النَعناعِ منّا..و قَناديلَ الجوامِعْ...-7-
تَرَكُوا عُلْبةَ سردينٍ بأيديناتُسمَّى (غَزَّةً)..عَظمةً يابسةً تُدعى (أَريحا)..فُندقاً يُدعى فلسطينَ..بلا سقفٍ لا أعمدَةٍ..تركُنا جَسَداً دونَ عظامٍو يداً دونَ أصابعْ...-8-
لم يَعُد ثمّةَ أطلال لكي نبكي عليها.كيف تبكي أمَّةٌأخَذوا منها المدامعْ؟؟-9-
بعد هذا الغَزَلِ السِريِّ في أوسلُوخرجنا عاقرينْ..وهبونا وَطناً أصغر من حبَّةِ قمحٍ..وطَناً نبلعه من غير ماءٍكحبوب الأسبرينْ!!..-10-
بعدَ خمسينَ سَنَةْ..نجلس الآنَ, على الأرضِ الخَرَابْ..ما لنا مأوىكآلافِ الكلاب!!.-11-
بعدَ خمسينَ سنةْما وجدْنا وطناً نسكُنُه إلا السرابْ..ليس صُلحاً, ذلكَ الصلحُ الذي أُدخِلَ كالخنجر فينا..إنه فِعلُ إغتصابْ!!..-12-
ما تُفيدُ الهرولَةْ؟ما تُفيدُ الهَرولة؟عندما يبقى ضميرُ الشَعبِ حِيَّاًكفَتيلِ القنبلة..لن تساوي كل توقيعاتِ أوسْلُو..خَردلَة!!..-13-
كم حَلمنا بسلامٍ أخضرٍ..و هلالٍ أبيضٍ..و ببحرٍ أزقٍ.. و قوع مرسلَة..و وجدنا فجأة أنفسَنا.. في مزبلَة!!.-14-
مَنْ تُرى يسألهمْ عن سلام الجبناءْ؟لا سلام الأقوياء القادرينْ.من ترى يسألهم عن سلام البيع بالتقسيطِ..و التأجير بالتقسيطِ.. و الصَفْقاتِ..و التجارِ و المستثمرينْ؟.من ترى يسألهُم عن سلام الميِّتين؟أسكتوا الشارعَ.. و اغتالوا جميع الأسئلة..و جميع السائلينْ...-15-
... و تزوَّجنا بلا حبٍّ..من الأنثى التي ذاتَ يومٍ أكلت أولادنا..مضغتْ أكبادنا..و أخذناها إلى شهرِ العسلْ..و سكِرْنا.. و رقصنا..و استعدنا كلَّ ما نحفظ من شِعر الغزَلْ..ثم أنجبنا, لسوء الحظِّ, أولاد معاقينَلهم شكلُ الضفادعْ..و تشَّردنا على أرصفةِ الحزنِ,فلا نم بَلَدٍ نحضُنُهُ..أو من وَلَدْ!!-16-
لم يكن في العرسِ رقصٌ عربي.ٌّأو طعامٌ عربي.ٌّأو غناءٌ عربي.ٌّأو حياء عربي.ٌّ ٌفاقد غاب عن الزَّةِ أولاد البَلَدْ..-17-
كان نصفُ المَهرِ بالدولارِ..كان الخاتمُ الماسيُّ بالدولارِ..كانت أُجرةُ المأذون بالدولارِ..و الكعكةُ كانتْ هبةً من أمريكا..و غطاءُ العُرسِ, و الأزهارُ, و الشمعُ,و موسيقى المارينزْ..كلُّها قد صُنِعَتْ في أمريكا!!.-18-
و انتهى العُرسُ..و لم تحضَرْ فلسطينُ الفَرحْ.بل رأتْ صورتها مبثوثةً عبر كلِّ الأقنية..و رأت دمعتها تعبرُ أمواجَ المحيطْ..نحو شيكاغو.. و جيرسي..و ميامي..و هيَ مثلُ الطائرِ المذبوحِ تصرخْ:ليسَ هذا الثوبُ ثوبي..ليس هذا العارُ عاري..أبداً..يا أمريكا..أبداً..يا أمريكا..أبداً..يا أمريكا..