العقلية القذافية.. ممارسات في الشارع الليبي!
إن الجشع والاستغلال ومحاولات اغتنام الفرص من منعدمي الضمير الأنانيين، هي سمة أساسية لمن لا يزالون يفكرون بالعقلية الفوضوية القذافية الاستبدادية الانتهازية التى لا يوجد لها انتماء للوطن ولا التزام بسلوك الإسلام.
هؤلاء يجب التعامل معهم بسرعة بفضحهم وإيقافهم عند حدهم وإذا اضطر الامر اتخاذ الإجراءات القانونيه الرادعة ضدهم، لأنهم يستغلون الفراغ الإدارى المحلى ويعتدون على الأماكن العامة والخاصة ويحتالون على الناس.
وبعض التجار يرفعون الأسعار بشكل غير مبرر وبصورة غير منطقية وكأنهم يريدون الناس أن تقول "مالاك يامرات بوى لولاه"، وهذا مثل ليبيى يعنى أن الشاب الذى تزوج والده من امرأة وكانت معاملتها له غير جيدة ثم تزوج أخرى، فكانت تصرفاتها أكثر سوءًا من الأولى فيقول هذا المثل قاصدا به أن امرأة والده السابقة حتى وإن كانت سيئة إلا أن الجديدة أكثر سوءًا، فالأولى عنده أفضل من الجديدة.
هؤلاء الناس في الحقيقة يخونون الوطن والشعب، ولا يقدرون دماء الشهداء ولا نضال الأمة من أجل تحقيق النصر فى ثورة 17 فبراير المجيدة.
سيارات عسكرية كنا نراها على جبهات القتال تدخل إلى أماكن عامة مثل الجامعات- مع أن سائقيها ليسوا طلبة، ويدخلون الحرم الجامعى وينتهكونه من أجل معاكسة الطالبات.
هذه السيارات هي نفسها التى كنا نعجب بها عندما نراها تدك مواقع الاستبداد وتهزم أعوانه، ووقف العالم كله معجب بها، الآن نرى البعض منها تجوب شوارعنا غير آبهة بنظم المرور فتكسر الإشارة الحمراء وتتجاوز الصفوف.
إن هذه التصرفات بعيدة عن الأخلاق الإسلامية والأصول والقانون، ويجب أن تتوقف فورًا؛ لأننا كنا نمقتها عندما كان يقوم بها رجال المخابرات والحرس وأمن القذافي.
وأروي هنا بعض الحوادث التي رأيتها بنفسي، أولها أن أحد المواطنين بجوار سور بيته شارع فرعي فقام بإغلاقه وضمه إلى منزله، بل تجاوز أكثر من ذلك فقام بتأجيره كجراج للسيارات .
وآخر قام ببناء غرفتين ومنافعهما في جزء من حديقة عامة وسكن فيهما، هذا إلى جانب انتشار بناء الأكشاك على الأرصفة وفى أطراف الحدائق العامة.
ونأتي إلى القرار الذى لا أعرف من وراءه، وهو صرف 2000 دولار لكل ليبي يرغب في بيع جواز سفره، وحدث ولا حرج عما يحدث في المصارف، فالتجار جالسون ويبيع لهم المواطن جوازه فيمنحونه مبلغ التحويل ويسلمهم الدولارات ويأخذ فى البداية 50 دينارا، حتى وصل سعر الجواز الآن إلى 200 دينار.
وأنا هنا أقول إن هؤلاء يهينون الليبيين ويسرقون المحتاجين بالتحايل عليهم، ولن يبارك لهم الله فيما يقومون به من تجارة.
والغريب أن هذا كان يتم فى البداية بخجل أمام المصارف، ثم تحول إلى داخل صالات المصارف وبوضوح تام، فكلما دخلت مصرفا ترى الطوابير أمامه.
وأناشد مأمورى الضبط القضائى أن يتدخلوا بقوة لإيقاف هذه المهزلة؛ لأنها استغلال لقرار أريد به فائدة الناس، فتحول إلى إذلال يجب إيقافه بأسرع وقت ممكن.
الشىء الآخر والمهم هو أنه إذا كان مصرف ليبيا المركزى أو أية جهة سيادية وراء القرار فإن من قام بإصداره مازال فكره قذافيًّا؛ لأن هذا هو أسلوب القذافي في إذلال الليبيين الفقراء، فكان يستغل الطوابير ليمكن للحذاق من ابتزازهم.
وهنا أقول إننا أطحنا بالقذافى؛ لكن علينا أن نطيح بأفكاره القذرة التى تشربها العديد منا ويقومون بها الآن؛ لأن هذا هو مستوى معرفتهم التى تشربوها فى دولة الفوضى والابتزاز والاستهزاء بكرامة الانسان لأكثر من أربعين عاما .
وكان الأجدر بمن يملك القرار أن يمنح للتجار إمكانية حصولهم على النقد الأجنبى بأسعار معقولة ليقوموا باستجلاب المواد اللازمة للسوق ليسهموا فى خفض الأسعار، ثم بعدذلك نقوم بصرف الـ2000 دولار لليبييين .
أرجوكم فكروا قبل إصداركم أي قرار ، فنحن لا نريد للمواطن الليبيى أن يتسول أمام المصارف أو أية جهة أخرى، المواطن الليبيى تعذب طيلة 42 سنة، وثار من أجل ما كان يحدث له، والأمر الآن يستحق تدخل سريع وعاجل لإيقاف هذه المهزلة التى نراها أمام المصارف فى مختلف قرى ومدن ليبيا .
إن هذه التصرفات تتطلب من منظمات المجتمع المدنى أن تقوم بتوعية الناس بأن لا يبيعوا حقهم للآخرين، فإما يأخذونه أو يتركونه فى مصارف الوطن ويستلمونه فى وقت يكونون فى حاجة إليه، هذا من ناحية ومن جهة أخرى يجب إجراء بحث وتحقيق وراء من أصدر هذا القرار ومن اقترحه ومن نفذه لأنه كما قلت لا يزال يفكر بعقلية إذلال المواطن .
لان انتشار هذا السلوك قد يؤدى الى شراء الاصوات اثناء الانتخابات من قبل القادرين كما يحدث في كثير من الدول التي لا زال ناسها يجهلون القيمة الأخلاقية للعفة والنزاهة في امور الوطن ويبتعدون عن سلوكيات الاسلام في المعاملات الحياتية.
ومن الطبيعي أن هناك ناسًا نفوسهم أمّارة بالسوء، ولكن في المقابل وجد القانون ورجال الضبط القضائى لردعهم؛ وهنا أدعو كل المواطنين للتصدي لكل من يقوم بهذه الأفعال، ويبلغ عنه؛ لأن هذا واجب وطني وديني في المقام الأول.
أرجوكم لا تشوهوا صورة ليبيا الثورة الحرة الجميلة؛ لأننا لن نرضى بذلك، وعلى الإعلام المرئي والمسموع والمقروء أن ينزل إلى الشوارع ويصور ويفضح هذه الممارسات .