الأحد ٢٦ حزيران (يونيو) ٢٠١١
بقلم عبد الهادي شلا

اســـتفتاء

في باب (التعليقات) نجد مواقع ألكترونية تتيح للمتابع فرصة أن يدلي بدلوه على موضوع ما. وهي كثيرة ومتنوعه في غرابتها وما تحمله من إسقاطات لمشاعر المعلقين والتي تعكس الحالة النفسية الناتجة عن إرهاصات ومعاناة هي نتاج الحالة العامة لتشابك الأحداث وسرعة وتيرتها التي لايمكن متابعتها وربطها ببعضها إلا لقادر ومتفرغ وصاحب حس عال.

فما أن يصدر خبر أوصورة لخبر ما حتى تنهال التعليقات بعضها يحمل فهما وتفهما لمضمون الخبر أو الصورة والبعض الأكثر يحمل سخرية وتندر وضجر في كثير من الأحيان.

فماذا يعني هذا الرضا بالخبر أو السخرية منه ؟!

لاشك أن رأي المعلق هو ردة فعل ناتجة عن وقع الخبر من نفسه وحالته في ذلك اليوم أو تلك اللحظة وقد يكون رد فعل مختزن فجاء الخبر ليفجره إما بالرضا عنه أو بالسخرية بل وبالتهكم أحيانا.

وبالتنقل بين الكثير من المواقع التي ليس لها خصوصية معينة وتكون مفتوحة لاستقبال كل شيء (غث وثمين) مما تجود به قريحة الكتاب أو دعاة الكتابة وهم الأكثر. نقرأ تعليقات ندرك من اللحظة الأولى أنها ناتجة عن عقد نفسية وعدم تقدير لجهد الآخرين فلا نقرأ منهم كلمة شكر ولا مديح لعمل طيب بل هجوم غير مبرر ولا يليق بشخص يتعامل مع هذه التقنية التي وجدت لتيسير التواصل وتبادل الرأي بمنطق وحجة تعود بالنفع على الجميع.

ولعلنا نطلق - تجاوزاً- على هذه التعليقات بكل أنواعها (إستفتاء) غير مباشر إذ أننا يمكن أن نحصل على بانوراما متنوعة لردات فعل المعلقين نحو الخبر أو الصورة ونقارن بين هذه التعليقات التي هي بشكل آخر عبارة عن آراء ووجهات نظر يمكن الاستفادة منها وعمل دراسات نستخلص منها شكلا للحالة العامة في البلد التي تلتقي فيها الآراء وتجمع على رأي غالب نحو الخبر أو الصورة أو الحدث مهما كان نوعه وشكله وموقعه.

ولعلنا أيضا ونحن نتابع تطور نتائج الثورات العربية الأخيرة نلاحظ أن التعارض والتضاد مازال قائما وهذا في حد ذاته حالة صحية إن بقي الأمر بعيد عن الجنوح نحو العنف وتطبيق قانون (اليد) في ظل الحالة التي مازالت في انتظار المزيد من الجهود ومن الملاحظ أيضا إصرار الكثيرين على الإسراع في تنفيذ ردات فعل عنيفة وكأنهم يدعون بشكل ما إلى تجاوز القانون وتطبيق مبدأ ردات الفعل العنيفة الناتجة عن رواسب معاناة الماضي القريب و هذا أمر لايمكن السيطرة عليه . ولكن الأصح من هذه الأغلبية أن تعيد التفكير و تأخذ بالطريق السليم الذي لا يترك آثارا غير حميدة على المدى البعيد وهذا في حد ذاته تقييم لرأيها يمكن الاستفادة منه لو تم طرح موضوع هام للمناقشة العلنية فإن إنشغال أصحاب الآراء أو التعليقات في النقاش حوله سيكون إستفتاءا مفيدا.

لماذا يكون التهجم ؟!

الواقع يعطينا الجواب إن أمكننا تشخيص الوضع العام للمجتمع بشكل لا ندعي بأنه سيكون شاملا وإنما تشخيص لتعليقات الأكثرية ( الضاجرة ) والتي لديها الجرأة على التهجم بشكل قد يكون وقحا أحيانا وغير مستساغا ولكنه موجود ولابد من استيعاب حالته ودراستها لنقف على أسبابه هذه . وكما أسلفنا فهي ناجمة عن إرهاصات أو كبت لرد فعل تأخر وحان وقته .

الفراغ ،والقهر الاجتماعي ، والجهل بمنافع التقنية الحديثة المتاحة قد تكون من أسباب هذا التهجم الذي لو تفكرنا فيه جيدا لوجدناه بعيدا عن المنطق الذي يحتاجه الموضوع أو الصورة أو الخبر.

ولعلنا لو تابعنا الكم الكبير من التعليقات الصادرة من الآرض الفلسطينية المحتلة نخلص إلى أن المعاناة اليومية ولسنوات طويلة قد خلفت جيلا من المعلقين الساخرين والمستهزئين حتى من أكثر الأحداث أهمية وكارثية فالتعرض اليومي للاضطهاد عبر الحواجز أو نتيجة الحصار أو الملاحقات وغيرها مما لا يستوعب هذا المقال حصرها فإنها تغذي فكرة التهجم والسخرية وهذا في حد ذاته إستفتاء لرأي شريحة هي في الأصل وطن بأكمله يعاني من الاحتلال والانقسام والحصار .!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى