أطفال في يومهم
أطلق أطفال وزهرات من محافظة طوباس العنان لأحلامهم، قبل يومين من الاحتفال بالخامس من نيسان. ورسموا خلال لقاء نظمته وزارة الإعلام وجمعية طوباس الخيرية، اليوم، مشهداً خلط الأمنيات بالقلق.
وقال الصغار بلغة عفوية، إنهم يحلمون بأن تتوقف عيونهم عن مشاهدة دبابات الاحتلال في الأغوار الشمالية، وأن تتحول طوباس إلى مدينة خضراء، ذات شوارع واسعة ونظيفة، وأزهار وملاعب وحدائق خاصة بهم.
"بحلم يروح اليهود بعيد عنا"،" ما بدنا نسمع صوت الدبابات"، " بدنا ملاعب كرة سلة"،" بدي أشوف أبوي اللي صرلة عشر سنين بالسجن، وأنا عمري 11 سنة"، " بدنا نحس بالأمان ويكون عنا بحر كبير"، على هذا النحو عبًر صالح دراغمة، وعبيدة محمد، وأحمد إبراهيم، ومحمد عبد الغافر، ونور عبد الحكيم، وعمر سعيد، وأوس صالح، ومحمد جمال، ومحمد تامر، وغنى عقاب، ونور شعبان، ونورا عبد الرحمن، عن حالهم في يوم الطفل الفلسطيني. وأجمع الأطفال الذين لم يكمل معظمهم العام السادس عن توقهم للفرح بمشاهدة مدينتهم مليئة بالأزهار والأشجار والملاعب، كتلك التي يرونها في الرسوم المتحركة، وعبر ألعاب الحاسوب والتلفاز.
واختار هشام محمد اسياجات( 11 عاماً) أن يكتب في يوم الطفل رسالة إلى والده الذي يقبع في سجن( ريمون) منذ عشر سنوات، ويقضي حكماً بالسجن 16 عاماَ.
يقول: أشعر بالخسارة والفقدان، وأنا أشاهد أطفالي صفي يوقعون أوراق امتحاناتهم من آبائهم، أما أنا فلا أعرف خطك يا أبي. وأحزن كثيراً لأني عمري 11 سنة، ولم أعانقك منذ 10 سنوات، لأنني ولدت قبل اعتقالك بعام فقط. أرجوك أن ترجع يا أبي، وعندما أسمع أخبار الأسرى وأستشهاد أحدهم، أو إضرابهم عن الطعام أبكي."
ويزيد:" أبي، هل تعرف أنني لا أحلم في المنام، إلا أن أراك ترجع إلى بيتنا، ويأتي يوم العيد القادم، والسنة الدراسية الجديدة، وقد عدت إلينا لنذوق طعم عطفك."
ونسجت أماني عطية( 14 عاماً) أحلامها ببناء مدينة افتراضية لطوباس، تكون أكثر أماناً ومحبة للأطفال، ولا تحرمهم من الملاعب الخضراء، والحدائق، وتنعم بالحرية، ولا تعرف شكل المستعمرات والحواجز، ولا تسمع أصوات الدبابات التي تفسد ليل غورها.
ووجهت رسالة لأطفال بريطانيين في جيلها: "بسبب جدكم بلفور، خسرنا بلدنا، وصرنا نسمع بالحرية عن بعد، ولم نشم رائحتها بعد، ولم نر البحر، ونحرم من زيارة القدس، ويسرق الاحتلال المياه من تحت أقدامنا ليروي أشجاره ويعطشنا."
وذكر منسق وزارة الإعلام في طوباس، عبد الباسط خلف، إن أحلام الأطفال خطيرة، وتكشف، بالرغم من صغر أصحابها، صعوبة الحال وثقل الواقع الذي يعيشونه، في محافظة ينهب الاحتلال معظم أرضها، ويسرق مياهها، ويمنع أطفالها وسكانها من الوصول إلى الكثير من جبالها وسهولها.
وأشار خلف أن الوزارة تعكف حالياً على إنتاج فيلم تسجيلي قصير، يتتبع يوميات طفل يعيش في الأغوار المحاصرة بالمستوطنات والحواجز ومعسكرات التدريب، ويرصد كل تفاصيل حياته وما يواحهه من شقاء، ويقدم مفارقة أحلامه، ويلتقط الأصوات التي يسمعها بفعل الحياة القاسية، وعدوان الاحتلال المستمر.
بدورها، قالت مدير جمعية طوباس الخيرية، مها دراغمة، إن ما سرده الصغار من قصص وكتابات، وما يقتحم عالمهم من رسوم، يحتم على مؤسسات المجتمع العمل على ترجمة أجزاء منها إلى واقع، وبخاصة فيما يتصل بتوفير بنية تحتية ومنتزهات وملاعب وحدائق ومكتبات للأطفال.