وتر يومي في المكان
ترى.. من أين تنطلق شرارة الشعور بالاحتياج إلى ظل؟ وهل اندفاعنا نحو الرفيق مجرد حركة عفوية نقوم بها دونما دراية…؟ والوحدة تتبعها الآهات…
هل يمكن أن تكون هي الشرارة التي تشعل نيران الميل نحو الجديد… وتسيرنا نحو المكروه أحيانا.. فقط كي نكسر وحدتنا …ونبدد أوهامنا الساكنة في عيون أشباح الليل الجائع…
قد نظن عند لقاءنا بالصديق للوهلة الأولى بأنه سيحوي حزننا وقهرنا ووحدتنا التي تنهش عقلنا الحاضر وتحطم وجدان الماضي لكن سرعان ما يدور الزمن وتتحطم عقارب الأيام ونفارق الصديق…ويتلاشى الشعور بالأمان ويتربص لنا الخوف مجددا من خلف ستائر الألم… توقظنا الوحدة برنين يشبه رنين ساعة المنبه… فنفيق ونحن نبحث عن لمام أنفسنا الضائعة بين الأمس والغد والمنشود…
وإذا ما انشق الصباح … وأعلن اليوم وصوله … تعلن كلماته تمردها … ويهم بالجلوس خلف ذاك الذي قد تأنسن ليصبح عبدا مطيعا يخضع لتحركات أنامله السحرية التي قد قلمها بطريقة محبوسة بين البراءة الناعمة الملساء وبين فلسفة النضج…
لربما كان بحاجة كاتم سر يودع عنده كلماته التي تشبه القنابل الموقوتة… يتأرجح بين الحياة والفوضوية وبين الحياة الرقمية…
أراه يذوي كل يوم تحاصره الأفكار ويكابر … ما أصعب عناد مكابرته لأنه يرفض الاعتراف بأن الأزرار تحكم ضغطها على جسمه … ورغم ذلك يبتسم لها ويداعبها …فليبتسم كما يحلو له… فإنه لا محالة غريق الكتابة…
في نهاية ذلك اليوم الشاق … يود السيد لو يعانق تلك الكلمة … لكن سرعان ما تتلاشى وتتوارى خلف الزجاج…
عندها ينحني الجهاز معتذرا وشاكرا عبقريته … ويهم بتقبيل يديه… لكنه كان قد غضب من ذاك العبد الغبي ولعنه…
لأنه لا يدرك تماما متى يكون سيد في قمة الألم…