السبت ١٥ آذار (مارس) ٢٠٠٨
بقلم مسلم محاميد

هُنَالِكَ كُنَّا

هُنَالِكَ كَانَتْ
هُنَالِكَ كُنَّا
نشيداً لهذا التُّرابِ، وصوتاً
لتلك الأماني
وكُنَّا
غناءً يمرّعلى شفتينِ
وصوتاً صداه يسافرُ في شارعيْنِ
وبدراً له الأرضُ والسُّحْبُ والكونُ ترقصُ
تعجبُ منه
ومن عاشقينِ
التُّرابَ ولونَ السَّماءِ على الْـمُقْلَتَيْنِ
وكُنَّا
شراعاً يرفرفُ، يَسكنُ
عند الشِّراعِ الضَّجيجُ
يضجُّ لديه السُّكونُ
فيُبحرُ، يُنْجِزُ
ما يتمنّى
 
****
 
هُنَالِكَ كَانَتْ
هُنَالِكَ كُنَّا
بيادرَ جدّي، سنابلَ
شَعرِ الحبيبةِ يوماً
وكان الحشيشُ
سريرَ الطّفولةِ، مهدَ
البطولةِ، سرَّ
الرجولةِ، كُنْهَ الفحولةِ
كانَ الأنينُ المخيِّمُ ليلاً
يناجي شعاعاً من
البدرِ يهوي إليه
فيحتلُّ وجهاً لتلك اللَّيالي
ويُنبِتُ من وعيِ
تلك الحقيقةِ طفلاً ويزرعُ
تلك الخصوبةَ ليلاً
حقولاً، بيوتاً، سهولاً، جبالاً، ووجهاً
مضيئاً وصوتاً
لتلك الحقيقةِ فيه الحياةُ
شعاعٌ تَغَنَّى
 
****
 
هُنَالِكَ كَانَتْ
هُنَالِكَ كُنَّا
انبعاثاً لمملكةٍ في العراءِ
وفيها
هممتُ أُتوّجُ لحظةَ ميلادِ
تلك الأميرةِ فيكَ
وكان الزّجاجُ الحدودَ الّتي
سوف تفصل وجهاً عن العينِ
يَرقى إذا قَدَّمَ القلبُ
فيه الورودَ لعينٍ
غدت تستريحُ على ساعديكَ
وهَمَّتْ بقلبِكَ
تلك الأميرةُ، همَّ بها
القلبُ لكنْ
سيشهدُ من أهلِكَ الشّاهدونَ
يقولونَ: "كيدُكَ كيدٌ عظيمٌ
وعشقك للأرضِ عشقٌ عظيمٌ
لماذا اقتحمتَ الدوائرَ جُبْتَ المناراتِ ليلاً؟
لماذا فقأتَ عيونَ السّكونِ؟
وفجّرتَ منها
عيونَ العذوبةِ ماءً أجاجاً؟
وكسّرتَ كلّ
الحواجزِ بين الحقيقةِ والحلمِ يوماً؟
فهمّتْ أميرةُ قلبكَ، قدّتْ قميصكَ
من قُبُلٍ
كذلك يُجزى التمرُّد والخاطئونَ، كذلك
يجزى بك الظّالمونَ!
فهانتْ جيادُك عندَ المساحةِ
هانتْ خيولٌ لها العزُّ تاجٌ
وضاقتْ بنا الأرضُ
هُنْتَ وهُنّا"
 
****
 
هُنَالِكَ كَانَتْ
هُنَالِكَ كُنَّا
ولونُ الأميرة ليسَ
للونِ الأميرة لوناً
فتلكَ الأميرةُ
كانت أميرَةَ قلبِكَ، تلك
الأميرةُ كانت
لقلبك دربَ هداهُ جمال صباهُ
ولكنّها أنشبت فيكَ ناباً
أسالَ الدماء على
صدرك المستريحِ لديها
أيعقلُ أن تستشيطَ
الأميرةُ، تقسوَ
تلك الأناملُ يوماً عليكَ؟!
أيُعقلُ بعدَ اقتحامِ
جيوشِكَ صدراً رحيباً، أيُعقلُ
بعد العناق الطويلِ لأرضكَ أن تتمرّدَ
تلك الأميرةُ فوقَ جبالكَ
أن تستبيحَ ضياءً على ناظريكَ؟!
تغنّى الحنينُ تساءل كلُّ الحنينِ
وليسَ الحنينُ سوى
قلبِ من عشقَ الأرضَ يوماً
وصار لهذي الجبالِ كلحنٍ
يغنّي له الشوقُ لحناً جديداً
يُغَنَّى لقلبِك، ليس لغيرِ
القلوبِ يُغَنّى
 
****
 
هُنَالِكَ كَانَتْ
هُنَالِكَ كُنَّا
وكان الحنينُ شراعاً تغنّى
وكان الزجاجُ
المساحةَ، كلَّ المساحة، كانت
هنالك تسكنُ
خلفَ الزجاجِ، تداعبُ
شعرَ الوليدِ وتنظرُ وجهَك علّ المحيّا الصغيرَ
يعبّرُ عن نزقٍ في يديكَ
وكنتَ تتوّج لحظة صحوٍ
طوته العقود الثلاثةُ
لم تتردّدْ
ورحتَ تغني، ورحتَ
تنادي ورحتَ تصفّقُ تنعمُ إذ تتمنى
ولكّن وجه الأميرةِ كان قناعاً
وفوق القناع قناعٌ
سيسقطُ حتماً قناعُ القناعِ
ستسقطُ تلك التماثيلُ، أنت
نَحَتَّ البطولةَ فيها
 
****
 
هنَالِكَ كَانَتْ
هُنَالِكَ كُنَّا
ويا ليتَ قلبَك ما كان يوماً
هنالك، ليتَ الأميرةَ
ما كان منها المكانُ، الزَّمانُ
فكم كان فينا، وكم كان منّا!
ويا ليتها لم تتوَّجْ هنالكَ
يا ليتني لو أتوَّجْ هنالكَ
يا ليتنا لم نكن، غيرَ أنّا
هُنَالِكَ كَانَتْ
هُنَالِكَ كُنَّا
وسوفَ نكونُ
الشراعَ المسافرَ
عندَ ضفافِ الحياةِ
يُغنّي
وليسَ يُغَنَّى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى