الجمعة ١٥ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٠
بقلم محمود قحطان

مُذَكرات مُراهقَة

علَّموني الخوفَ.. منْ ضوءِ النَّهارْ
طَعَّمُوني اليَأسَ، منْ غَيرِ انتظارْ
قتَلوُا فِي دَاخِلِي حُلمَ الصِّغَـارْ
رَسَمُوا.. فوْقَ فَمي،صَكَّ انتِحَارْ
طوَّقوني.. حاصروني.. كالسُّوارْ
صلبوني.. حينَ فكَّرتُ الفرارْ
يا إلهي..
كيفُ تَغدُو غُرْبتَي في الدَّارِ نارْ؟!
 
****
 
كنتُ أُلقي.. كُلَّ نفْسي
بينَ أحضانِ السَّمَاءْ
كُنْتُ أجْري
لا أرَى أينَ المسَارْ
نجْمَةٌ فوْقَ البحَارْ
أملأُ الأفْقَ بَهَاءْ
في غَدَاتي.. أو.. رُوَاحي
أمتَطي ظَهْرَ الورُودْ
أعتَلي.. صَمْتَ الوجودْ
لم يَكُنْ عنْدي حدودْ
كنتُ طفلةْ..
تفْتِنُ الماءَ انتشاءْ
تخْدشُ السَّأمَ البَغيضْ
تخْتَبئْ.. في قُطْنِ غَيْمَةْ
كُنتُ أنقَى.. كنتُ أصفَى
ما تلوَّثْتُ بزَيفِ البالغينْ
 
****
 
طَفِحَ اللَّيلُ.. فضَعني
إنَّ خوفي.. لمْ يزلْ يغتالُ خوفي، هلْ أكُابِرْ؟!
شِئْتُ أنْ أقْتُلَ خوْفي
فتمادى الذُّعْرُ يَعْوي، هلْ أُثَابِرْ؟!
ها هُنَا ضَعْني.. ولا تأبَهْ لأمري
لا تقُلْ أيْنَ مكاني.. لا تقُلْ عَنْ ضَجَرِي
لا تقُلْ عَمَّا أُعَاني.. في زمَاني
فانتِحَاري ذَائِبٌ يَهْوي ويهذي
وانقِسَامي.. كَشُعَاعِ الشَّمْسِ يذوي
ها هُنَا ضعْني ولا تأبهْ لأمري
أرتدي صَمْتِي وَأمْضي في طَريقي
عَلَّني أكْسو شُحُوبي.. بُقَعًا مِنْ بعضِ صبري
أنفضُ الأفكَارَ عَنِّي منْ دناءاتٍ وغدرِ
يا تُرَى..
هلْ تَرى الحكْمةَ منْ وأدي وكَبْتي..
حينَ يَنْمُو كلُّ زهْري؟!
 
****
 
يا طُغاةً يَا كوابيسَ الظَّلامْ
آهِ لوْ أمْكَنَني قَلبَ النِّظَامْ
لفرَشْتُ الصَدْرَ محرَابًا مِنَ الآهَاتِ كيْ أنسى انهيَاري
ولأشْعَلتُ فتِيلَ القُنْبُلةْ
ولألقَيْتُ بصَوْتي صَاخبًا
وَحَللتُ الأُحْجِيَةْ
عَجَبًا، كيفَ غَدَتْ حرِّيتي مُعتقَلَةْ؟!
 
****
 
فِلمَاذَا.. تُغسَلُ الميْتَةُ حَيَّةْ
حينَ تبقَى موضعًا للإتهامْ؟!
ولماذا..؟ حينَ تغدو الأنثَى حُبْلَى بالأمَاني
يتهادى فوْقَها حبْلُ المشانِقْ
حاميٌ يطعَنُهَا
وهْوَ لهَا الحَاميَ!
فلمَاذَا.. يا تُرى لم يقبَلوُني
ينْهَشُوني إنْ تفوَّهْتُ حرامْ!
يبْطُشُوا بيْ.. إنْ أنا قُلتُ السَّلاَمْ!
 
****
 
يا ضميرًا نائمًا
حينَمَا أعلنتُ أنِّي لستُ عَبدَهْ
طَلبُوا منِّي كتابًا وَوصِيَّةْ
جعلوا منِّي قضيةْ
ودعوا..
أنْ تُوافيني المنيَّةْ!
جَهْلهُمْ بَاكٍٍ يُعَاني
غَيمةٌ ثكْلى بأشكالِ السُّخَامْ!
نحنُ أموَاتٌ على أضرِحَةٍ تهمِسُ هيَّا للأمَامْ
حانَ وقتَ القيصَريَّةْ!
 
****
 
يرَوِّعُنِي.. وجُودِي الآنَ فِي الدُّنيا
أجَل أدري.. بِأَنَّ الوهْمَ يَلدَغُنِي
يُبَعْثِرُنِي إذَا لم أدْفَعِ الدِّيَةْ
ويجلدُني على ظَهري
ويقصُمُهُ.. كما الدُّميَة!
 
****
 
أبُوحُ.. فمنْ سيَفْهمُنِي
ومنْ سيَفُكُّ مُعْتَقَلِي
ويفْتَحُ بَابَ تابُوتِي
ويُخْرِجُنِي من الكَفَنِ؟!
 
****
 
أصيح بِكُلِّ منْ حوْلِي
وَكَفًّا حَاوَلتْ حَرْقِي
وأبصقُ كُلَّ تاريخي
وأُلقِيهِ عَلىَ قَدَمِي
 
****
 
شُعَاعُ الفَجْرِ يُزْعِجُني
ويُؤْذيني..
ويَلسَعُني
وبَيْنَ الحينِ والحينِ
يُذِيبُ ظَلامِي العاتي
ويَعْميني،
ويَأتيني ويَخْدَعُني
يُقبِّلُ وَجنَتي لُؤْمًا
ألا رَبِّي..
لما أشْقَى
لمَ الأمْطَارُ تَبْلعُني؟
 
****
 
وقدْ أنسَاقُ دُونَ خِيَارْ
لأكْسِرَ عُزْلتِي الكُبْرَى
وأُشْعِلُ دَاخِلي ثوْرَهْ
أُقوِّضُ كُلَّ أسْوَارِي
أُفنِّدُ كُلَّ أسراري
أُمزِّقُها.. وأُلقِيهَا هُلاَمِيَّةْ
لأنِّي لم أزَلْ حُرَّةْ
لدَيَّ النَّابُ والأظْفَارْ!

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى