مع الروائي احمد رفيق عوض
في هذا الملف نتحدث - ومن خلال الحوار والقراءة - عن روايتي "آخر القرن" وبلاد البحر" للروائي الـ د. أحمد رفيق عوض، ليس من باب الرد على أحد ولكن لتوضيح الصورة حول هذا الرجل وأعماله الادبية.
في مقال نشر قبل عدة أيام اتهم رفيق عوض وعدد من الروائيين الفلسطينيين بانهم " يعبدون الطريق نحو التطبيع"، واتهمت الروايتين المذكورتين بتمجيد القاتل ومحاولة تهيئة الوجدان والعقل والجمهور الفلسطيني الى تقبل العدو ووجوده.
و نلتقي اليوم مع رفيق عوض في حديث حول روايتيه وقراءة لبعض الكتابات التي تعرضت لأعماله الأدبية التي وإن كان كتاب هذه المقالات قد رأوا شبهة أو دعوة للتطبيع في أعماله، واذا كان دور النقد هو اظهار حقيقة قهي تتأتى عبر قراءة كاملة للمشهد دون اجتزاء، وفي سعينا للحقيقة نستند في عملنا الى مقولة علي بن ابي طالب "أن الرجال يعرفون بالحق وليس الحق من يعرف بالرجال".
وللنشر حكاية ورواية
في هذا السياق يقص علينا رفيق عوض حكايته مع دور النشر التي رفضت طباعة معظم اهماله الأدبية وعن رواية آخر القرن وبلا البحر يقول د. عوض" "اخر القرن" لم تنشره دار نشر ولم يقبل به ناشر ابدا، فلم يطبع من دار نشر ممولة من " الأراضي المنخفضة او المرتفعة" أو ما بينهما، ولم يقبل به ناشر يدافع عن ليبرالية رخيصة حاقدة وكاذبة، ولم يمول من قبل مؤسسة لها اسم مختصر لا تعرف أصلها من فصلها بل نشره ماجد ابو غوش ودفعت ثمنه بالكامل في العام 1999، وعندما نشر الكتاب أثار ضجة لا علاقة له بها سوى هذا الاستفزاز الذي يصيب بعض من يشمئز قلبه من ذكر الله ويفرح لذكر من هم دونه، وحظي الكتاب ببعض المقالات التي لم تذكر ابدا انه يدعو إلى التطبيع او ما حوله".
اما كتاب "بلاد البحر " فهو ايضا لم يقبل به ناشر ابدا واعتذرت كل دور النشر عن طبعه "لحدته " "ولأنه لا يسير مع الموجة " وطبعه أول مرة ماجد أبو غوش أيضا، ودفع الراوي ثمنه من جيبه، دون دعم من دور نشر ممولة او مؤسسات أجنبية على كثرتها،ويضيف د. عوض " ثم طبع هذا الكتاب مرة ثانية في دمشق وصدر عن دار الرواد لصاحبها الأستاذ حمزة برقاوي، الذي اعتقد انه لا يمارس التطبيع ولا يدعو اليه، ثم نشره مرة ثالثة الاستاذ احمد ابو طوق الذي اعتقد أيضا انه لا يتبنى التطبيع منهجا او مصدرا للرزق مثل غيره، ثم طبع الكتاب مرة رابعة في ايطاليا مترجما عن دار نشر ايطالية فلسطينية صغيرة مشتركة ، وعندما ذهبت الى روما من اجل توقيع الكتاب استقبلني هناك حشد من مثقفين يساريين وضد العولمة ومتشددين أكثر منا، حتى أن السفارة الفلسطينية رفضت الحضور لأن هؤلاء المثقفين لا يجاملون أحدا".
ونجد ان من بين من كتبه العشرين بطبعاتها وترجماتها المختلفة لم تصدر واحدة منها عن دار نشر ممولة او مؤسسة تطبيعية او جهة لا يثق بها الكاتب او يؤيديها او وتؤيد ما يكتب، ويعترف – على حد تعبير د. عوض- انه دفع من اجل طباعة بعض كتبه، فلم يقبل ناشر او دار نشر ان يطبع مسرحية "تشرشل" وأصدرها على نفقته الخاصة ، ولم يقبل احد ان ينشر مسرحية الأمريكي وأصدرها على نفقته الخاصة، ويذكر د. عوض أن مسرحية الأميركي بالذات لأنها كانت ضد التطبيع، او كتبت من اجل محاربة هذا الاتجاه فقد طبعت طبعة شعبية ووزعت مع مجلة الموقف الأدبي الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب في دمشق، وقد نشرها الاستاذ الروائي الكبير حسن حميد بمقدمة بالغة الفتنة.
سيمياء المطبع حتى في ضحكته وقبله
وفي حديثنا حول موضوع التطبيع فإن د. عوض يرى بأن المطبع عادة ما يعرف بالقرائن، مثل أن ينشئ مؤسسة او يتبوأ منصبا أو تظهر عليه معالم الغنى, دائم السفر، دائم التقلب والتمطي والاسترخاء، دائم الضحك، "دائم التقبيل" مستعد لكل دور، استعدائي او استعلائي او هجومي او مستسلم أو مستجد او متغير الوجوه والثياب، لا تعرف له وجها من قفا ولا ظهرا من بطن، يقفز الى التوقيع على كل عريضة ويبحث عن دور أو ينتحله أو يدعيه او يخلقه. والمطبع كمت يراه ويرسمه لنا أحمد رفيق عوض شخص صاحب دور ووظيفة، وما يكتبه او يقوله او يفعله يصب في ذلك كله ويقول متابعا" ولا اعتقد انني أنا، احمد رفيق عوض, مثل ذلك أو مثل جزء من مليون مليون جزء فيه، ولو كنت كذلك فعلا او قولا أو كتابة لكنت غير الذي أنا عليه، وما أنا عليه رائع ولا مثيل له, فأنا آكل وأستمتع، وأتنفس، وأتذوق، ولي أصدقاء، وأستمع إلى موسيقى عجيبة تغسل روحي من الأدران والعفن والسذاجة والاستهبال والفذلكة التي أسمع وأرى من حولي، وأشعر أنني أقوم بدوري كمثقف من وظيفته النقد والاشتباك والكشف والتحذير وإطالة اللسان على كل السلطات، المثقف الذي يواجه لا الذي يستجدي الأعطيات والإكراميات، المثقف جريء في الحق والموقف لا شتاما ولا لعانا، وهو واضح وكريم ورجل لا رجل الصفقات والاتهامات والمعارك وقنابل الدخان والغاز، لماذا أقول ذلك!! لانني أعتقد أنني عشت حياة قاسية جدا لا تشبه حياة من عاشوا يبيعون المواقف والمقولات، عشت حياة تمنيت فيها اللحم في الوقت الذي كان غيري يأكل لحم غيره, وقد ناضلت طويلا من أجل أن استطيع كتابة ما أكتبه الآن في حين أن غيري كان شيئا أخر تماما فأنا وبصدق لم أطبع ولم أدع إلى ذلك ولم أشترك في نشاط من هذا النوع"
ويستذكر ضاحكا" فأنا وصديقي الشاعر يوسف المحمود، ومنذ اللحظات الأولى من شهر تموز عام 1994 وعندما كنا في الإذاعة الفلسطينية استطعنا أن نفعل الكثير في هذا الاتجاه، ولا أريد أن أستعرض نفسي أو أستعرض صديقي الشاعر المحمود. فالمطبع هو شخص غيري تماما وأنا اتحدث عن نفسي الان, ولا أتحدث عن رواياتي كما قلت، لأنني لن أنجر إلى ذلك، فرواياتي أفضل مني ألف ألف مرة.
في الرأي النقدي وأصحابه
ونأتي إلى السياق الأكثر أهمية، ففي الوقت الذي ذكر فيه أنه يمجد قاتله أو انه معجب به، فإن كبار النقاد والكتاب والشعراء الذين كتبوا عن هاتين الروايتين قالوا شيئا أخر تماما، إذ يقول الكاتب الكبير رشاد أبو شاور عن رواية" بلاد البحر في مقالته في جريدة القدس العربي في لندن. ثم ضمنها كتابه عن الأدب الفلسطيني المعاصر "انها صوت البؤساء والفقراء وإنها تعري المطبعين والمساومين"
أما الدكتور المرحوم زكي العيلة فقد كتب في كتابه" صورة الذات وصورة الأخر في الرواية الفلسطينية في الأراضي المحتلة بعد عام 1967" وبالذات عن رواية " أخر القرن" - في فصل كامل- انها رواية ضد التطبيع تماما، ويستذكر د. عوض حادثة مشابهة فيقول " على عكس ما فعل أحد الناشرين عندما طلب من ناقد وأكاديمي أن يحذف فصلا عني حتى يطبع له ذلك الكتاب، يعني قام ذلك الناشر بتهديد الناقد ووضعه إمام خيارين أما أن يطبع له كتابه دون ان يذكرني او ان لا يطبع له أبدا، وهذا الكلام حقيقي،فالناقد والأكاديمي حيّ يرزق ويستطيع ان يكذب هذا الكلام او ينفيه".
وفي كتاب "فضاءات روائية " للناقد المغربي الكبير الدكتور محمد برادة يقول عن روايه " خر القرن" ما نصه : ان رواية اخر القرن هي من النصوص النادرة التي تجعلك بعد قراءتها تقول: هذه هي النغمة التي يمكن ان تقترب من مشاعر الإحباط والهزيمة واللاجدوى التي لا نجرؤ على أن نعبر عنها بمثل هذا الشكل الذي يلملم أقصى ما يمكن من التفاصيل والأفكار والاحتجاجات عبر لغة وكتابة تنضحان بالفوضى والبوح والغضب العاجز" وينهي برادة مقاله الطويل بالقول عن الرواية " وأظن اننا لو تأملنا رواية اخر القرن خارج الفضاء الذي تستوحيه، لوجدنا أنها تضعنا أيضا في عمق الهزيمة التي تعيشها بقية المجتمعات العربية مع اختلاف التفاصيل: الا تحاصرنا عناصر الأسئلة نفسها: التبعية للأخر، اللاديموقراطي، الفساد والرشوة، تمجيد المال، إفراز الكلامنجية وتلاشي الفعل العقلاني، غياب مقاومة التدهور وفقدان المبادرة ."
اما الدكتور يوسف رزقة فقد كتب دراستين محكمتين عن روايات رفيق عوض، و يكتب عن إحدى الروايات " ان هذه المفارقات والتناقضات هي جوهر معاناة المجتمع العربي المعاصر الذي تخاطبه الرواية كمتلق أول للنص، صوت السلطة في الرواية (فاسد، متعفن، تأمري، مهزوم) وصوت الشعب والمثقفين (خافت، ضعيف، ويعيش خارج دائرة الحدث ) مما يعني بقاء الرواية في حالة انفتاح على المستقبل، لتقول لنا وللآخرين ونقول معها، وماذا بعد"
حقيقة وإن اختلفت القراءات
ويكتب الدكتور نادي ساري الديك عن رواية اخر القرن أيضا , وبعد ان "بهدل" الرواية تماما كما يقول د.عوض، ليقول رغم ذلك ما نصه بالحرف " فإن اراد الكاتب ان يكون الإسلام هو الحل فعليه ان يضع ثوابت خاصة للانطلاقة لا ان يجعلها عامة، و يجعل اسامة معجبا بصديقه الذي فجر نفسه في احدى مدن فلسطين (إسرائيل) كما هو متعارف عليه الان"
لنجد ان الدكتور الديك يزعم في نقده أن رفيق عوض يدعو الى حل اسلامي و هو بالذات ما زعمه ايضا الشاعر علي الخليلي في مقالته عن رواية " بلاد البحر" تحت عنوان " كتابة ضد الصمت و الخوف " انه يدعو الى الإسلام هو الحل، ولكنهما وان اختلفا مع الروائي بالتوجهات وقراءة الروايتين فلم يجدا فيهما ما يدعو الى التطبي كما قيل. وفي ذلك يقول رفيق عوض:" و من العجيب ان هذين المثقفين لم يجدا دعوة للتطبيع انما دعوة للحل الاسلامي و هو أمرٌ و ان كنت اتشرف به الا انني لم أقل ذلك أيضاً، فالنص الروائي نص تأويلي متعدد الدلالات، وللناقدأن يقرأ كما يريد لا أن يظلم كما يريد، و بهذه المناسبة فان الشاعر و الناقد علي الخليلي ادعى ايضا أن رواية "بلاد البحر" رواية جريئة لانها تصدر في وقت صمت فية كثير من المثقفين و لم يجسروا على قول كلمة الحق أو ما يدعى أنه حق".
آخر القرن تحليل واستشراف
أما الشاعر يو سف عبد العزيز فقد كتب عن رواية "اخر القرن" تحت عنوان " مائة عام من الكبرياء " ما نصه: و ذلك ما حدث فعلا بعد انتهاء الروائي أحمد رفيق عوض من كتابة روايته قبل أشهر قليلة من إنتفاضة الأقصى، حيث اندلعت المواجهات في كل مكان، و لاول مرة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني يقوم الشعب الفلسطيني بأخذ زمام المبادرة، و يقف بندية كاملة أمام ذلك العدو المتغطرس متسلحا بقوة الارادة، و في تصوري أن مثل هذه الرؤية الثاقبة التي قدمتها الرواية شكلت البديل الموضوعي لحالة الانتكاس والتدهور التي أعقبت أتفاق أوسلو والتي تعرضت الرواية لتشريحها وتحليل تداعياتها بعمق".
صورة اليهودي وتمجيد القاتل
وكتب الدكتور المتوكل طه عن رواية أخر القرن أيضا وتحت عنوان "صورة اليهودي في رواية أخر القرن" ما نصه: أن الكاتب هنا يشير إلى أحدى تجليات عقلية الهزيمة، تلك العقلية التي تميل إلى جلد ذاتها، باعتبار ذلك آلية نفسية روحية للخلاص أو للتطهر أو للهروب، الرواية- بهذا المعنى – تحاول الامساك بجوهر ما حصل وتجاهد لتفسير كيفية حصول ذلك.
وحول صورة اليهودي في آخر القرن التي قدمها الـــــ د. طه نكمل ما كتبه عنها قبل عدة سنوات والذي ينفي – وقبل الادعاء الأخير - ما أتهم به رفيق عوض من تمجيد للقاتل، يكتب طه ما يلي: "وهكذا تقدم رواية أخر القرن اليهودي مصقولا، متعلما، ولكنه لا يستمع الا لنفسه، ولا يرى الا ذاته، وكان صوت اليهودي في الرواية تلخيصا لكل ( الاجتهادات) اليهودية وأطيافها، بدءا من المفاوض المزود بتقارير الموساد والمستوطن الذي يبني مستوطنة على قمة جبل العاصور المطل على بلدة سلواد شرق مدينة رام الله وأنتهاءا بالمثقف الذي يبني تاريخا مختفا للبلاد،...كل شيء على حافة الانفجار في الرواية.
عمل طموح وأسئلة تنفجر
الكاتب والشاعر والناقد الكبير أحمد دحبور الذي كتب مقالا طويلا عنها وكانت له ملاحظات كثيرة ولكنه لم يتهمها أو يتهم صاحبها بالتطبيع، حيث انتهى إلى القول" على أن هذه الملاحظات التي لا يمكن أن توجد الا في عمل مركب وطموح كهذا، من شأنها أن تحرص على تفجير الأسئلة ، وهو أمرٌ في صالح الرواية التي هي رواية أسئلة لكاتب فلسطيني موهوب ومثقف وقلق على مصيرة الشخصي في ظل وطن لا يزال العمر يمضي وهو لم يظفر بعد بجواب أخير عن سؤال المصير...".
وقد كتب عن هاتين الروايتين الكثيرون، منهم المرحوم عزت الغزاوي والناقد الدكتور علي الخواجا في كتابه" عين السارد" الذي خصصه بالكامل عن سيرة وأعمال رفيق عوض، والكاتب زياد خداش والشاعر مراد السوداني، الأمين العام لإتحاد الكتاب الفلسطينيين المعروف بمواقفه من التطبيع والمطبعين وصراعه معهم.
عن الفن والنقد والفذلكة
ويصف رفيق عوض التطبيع بـ" ليس ما يكتبه الكاتب فقط بل هو السياق الكامل للحظة التاريخية و لثقافه النصر و الهزيمة، و الكاتب ليس من وظيفته الدفاع أو التمجيد فقط بل مهمته تكمن في الحب القاسي و حتى اللئيم ليصارح جماعته بأوجاعها و اورامها و عيوبها، و الفن له شروط، الفن ديموقراطي تماماً، بمعنى ان الأبيض ليس جميلاً دون ان يجاوره الأسود، وانساني، و جدلي، و الفن دلالي، و جرئ وهو مغامر، و الفن عميق و متعدد المستويات، و ليس كما يريده فلان أو علان، و انما حرية عالية و فضاء واسع، والفن رائع اروع و اجمل من اية فذلكة، و الرواية في نهاية الامر هي علامات النضج الذي يبديه المجتمع في لحظة من اللحظات، لان الرواية تكتب ما لا يكتبه السياسي و لا المفكر و لا الاجتماعي، الرواية هي الهواجس و الأحلام و المكبوت و الممنوع و المحرم، هي كتابة ما بين الحلم و اليقظة، و بالتالي فإن الاجتزاء وقراءة نصف الجملة وقراءة النوايا و القراءة الافتراضية تقوض اية رؤية او اجتهاد وتعتبر فذلكة نقدية.
ويضيف متابعا " الرواية – كل رواية- لا يحكم عليها الا بمجملها، أو بمقاصدها النهائية او ان شتت- بلغة ايام زمان- بأفكارها الرئيسية و بمزاجها العام و طعمها العام و مقولتها الاخيرة، هكذا نحكم على الرواية لا على كلمة هنا أو هناك. أرغب حقاً في العودة الى هذا الموضوع ذات يوم، و قد كتبت في الماضي مقالاً نقدياً و نشر في عدد من الصحف حول اختفاء المقاوم و المقاومة في الرواية الفلسطينية و عللت ذلك بسيادة الهزائم و اختفاء البطل و ظهور انماط سياسية و اجتماعية معقدة و مربكة، و برأيي فإن النقد الأدبي و الناقد كذلك- ان لم يكن مسلحاً بما يجب من ثقافة واسعة و قلب كبير، فإنه يضر نفسه قبل ان يضر الآخرين"..
بين الظلم والراي النقدي
ويفرق الكاتب بين مفهمي الظلم من جهة ومن جهة اخرى الرأي النقدي، ويرى بأنه لو أراد منذ البداية لكتب ردا ولكان له أن يقول كلاما كثيرا يحفر فيه تحت فكرة التطبيع و الكيفيات التي ظهرت بها في النصوص الأدبية و الفنية، و كان يمكن ان يدافع عن الرواية الفلسطينية ما بعد اتفاق أسلو، و كان يمكن ان اسرد عشرات الأمثلة ابتداءاً من اسحق موسى الحسيني مروراً بمحمود درويش و حبيبي و كنفاني و حتى أكرم مسلم لأدلل على ان الروائي و المثقف لا يستطيع ان يعزل نفسه عن المواجهة و الاشتباك، وهو لا يستطيع ان يكون ساذجاً أو أعمى بحيث لا يرى تعقيد الواقع و انخفاض السقوف و تبعثر المشروع الوطني، على حد قوله.
ويبدو أن رفيق عوض ينطلق من دافع شعوره بالظلم ليحاورنا حول هذا الموضوع الذي مله ومل من أدعيائه كما يقول، ويسترسل في هذا الشأن رفيق عوض يقول: " لقد مللت من الكتابة ، ولولا الغضب والظلم و البهتان ما تحدثت في هذا الموضوع، وقد قرأت في الماضي مقالاً حول رواية أخر القرن ولم اعلق لان ما كتب كان مجرد رأيا نقديا , وهذا من حق كل قارئ , ولكن ما قيل مؤخرا كان لا علاقة له بالنقد وان تزيا بذلك, ولا علاقة له بالإدراك وان ادعى ذلك, فقد كانت قراءة وظالمة وتفترض النوايا وتقرأ ما هو ابعد من النص وتقوله ما لم يقل وتضع نصا مجاورا مختلفا تمام الاختلاف ,وبصراحة أقول أني أريد ان انهي أي حوار حول هذا الموضوع لأهرعُ إلى موسيقاي المفضلة والى العالم المليءبالاخضرار تاركا ورائي الفذلكة والفيهقة لأصحابها وللمعجبين بها".