مرج ابن عامر
قمرٌ يضيءُ ،
وألف نافذة تحطُّ على شفاهي ،
ما استُبيح من الكلامْ
إشراقةُ امرأةٍ ،
ووجهٌ زئبقيٌّ ،
تحرق الأوراقَ سيرتُها
فيكتظُّ الكلامْ
وعيونُ عاشقة أضاعتني ،
على شفتين من عسلٍ ،
ووجه في الغمامْ
أبكي عليها كلَّ حزنٍ ،
حين تبكيني ،
وأبكي كلما بانت بلاد الله عن جسدي ،
ويشتد الملامْ
لأظلَّ أحملُ وجنتيَّ ،
ولا أغادر من دمي
حتى أغادر ما استبيح من الكلامْ
*
ما كانت الشرفات أعلى ،
والمصابيح التي كانت أقلْ
فَرَدَت جناحيها على صوتي لأخرجَ من بقايا جثتي
يا أيها الولد الذي سَرَقَت يداهُ ملامحي
ونما بذاكرتي ،
وأيقظ في دمي
عبق السنينْ
وسما بضحكتهِ ،
ولملم ما تشرَّد من كلامٍ ،
حين حطَّت بين عينيه القوافي تستريح من الحنينْ
يا أيها الولد الذي
عيناهُ نافذتان أسرقُ منهما
ألق الرجوع الى فضاء الروحِ ،
أرسمُ فيهما شكلاً يرتب كل أشيائي ،
وأنهضُ ،
من مساء الحزنِ ،
نحو تكاثر الفرح الذي اكتظَّت ملامحه بعيداً ،
أيها الولد الذي
قسماته وجهي ،
وبسمته شراعٌ شدَّني
من ساحل العطش الطويل الى جداول روحهِ
لأعيد ترتيب القوافي في القصيدةِ ،
والمنازل في فضاء الريحِ ،
واللغة التي احترقت لتورقَ ،
حين نرجع من بقايانا ،
لتأكل وجهنا المرآةُ ،
كم أخفيتَ من تعبٍ ،
لتأكل خبزك اليوميَّ ،
كم شدّوكَ من شفتيكَ ،
كي تغفو ،
لماذا تسرق الأيام من خطواتنا ما يشتهي ليلٌ ،
ونبكي في ملابسنا عراةً نحتفي
برجوعنا للأندلس ؟
*
هي ذي عيون المرج فينا يا أبي
يا صاحبي
يا صانع القسماتِ ،
في جسدي المكبل بالعظامْ
هي ذي عيون المرج فينا ،
أحرقتني منذُ أن كنا وكانتْ ،
وافترقنا ذات يومٍ في زحامْ
وركضتُ خلف فراشةٍ
أَلِفَت زهور الجرح فيَّ ،
ولم تفارقني لأبكي ،
تحت نافذة أضاءت في فمي
مر الكلامْ
حتى إذا انتفضت جراحي بالنوافلِ ،
شدّني للأرض نبراس القوافلِ ،
وهي تحدو في الظلامْ
وصرختُ ملء نوافذي
شوقاً وحزناً وانتظاراً للقوافلِ ،
حين تعبر نحو وجهكَ ،
أيها المجبول فيَّ ،
وأيها المسكون فيَّ ،
وأيها المكتظ بالوجع الطويلِ ،
بأغنيات الريحِ ،
يا قمر النوافذِ ،
تشرأب قصائدي شوقاً ،
وخانتك القصيدةُ ،
يا ابن عامر ، يا أبي
يا ابن الكرامْ
وسرقْتَني لما انتبهتُ ،
وكان صوتي غارقاً
في بحرك المخضرِّ ،
واحترق الصهيل على البيادرِ ،
حين عضَّتنا المجاعةُ يا أبي
أين اختبأتَ من انكساري ،
أين ألقتكَ الضواري ،
أيُّ جُبٍّ كنتَ فيهِ ،
وأي " قوّادٍ " سفيهٍ ،
نام في عينيْ إمامْ ؟
من باع وجهكَ للرمالِ ،
ومن توارى خلف وجهكَ ،
كي تبول على فراشي ،
كل عامْ ؟؟
من باع وجهكَ للرمالِ ،
لكي تجوعَ ،
ومن توارى خلف حزنكَ ،
كي تفرَّ إلى الرجوعِ ،
من الأمامْ ؟؟؟
أيقظ بلادكَ ،
يا ابن عامرَ ،
يا أبي
وفتاك يقرؤكَ السلامْ
مرج ابن عامر هو هو السهل الفلسطيني الممتد من جنين الى شاطئ البحر المتوسط في حيفا .. وقد فقد أكثر من ثلثي مساحته بعد معاهدة رودوس في العام 1949م .
مشاركة منتدى
15 آب (أغسطس) 2004, 05:59, بقلم نجلاء محمود محرم
أخى باسم ..
دمت متألقا يا صوت الصمود القادم من أرض الصمود..
ليذكرنا دوما أن الحياة إصرار .. وعطاء .. وليست هبة تعطى لمن لا يسعى لنيلها ..
أتشرف دائما بقراءتك ..
نجلاء محرم