مؤسسة عسكرية أم ملكية استثمارية ؟
المغرب من الدول القلائل الذي لا تحكمه المؤسسة العسكرية في الظاهر، والذي تم تشكيل جيشها وتأسيسه غداة الاستقلال سنة 1956 تحت تأطير وهيكلة ورعاية فرنسية، إلا أن الواقع يعكس تلك القاعدة، لأن السلطات الحقيقية تحت إمرتها، كقوة المال والسلاح والنفوذ، والسلطة وقوة توفر المعلومات، وحصانة كوادرها العسكرية التي جعلتهم فوق كل مساءلة مما سهل اختراق الفساد بألوانه حصنها العتيد وجعلها تتصدر عناوين الصحف الوطنية والمنابر الإعلامية العربية و العالمية بالخط العريض
إن فساد الجنرالات والضباط السامين في الجيش انفجر دفعة واحدة، وعلي رأس هذه الفضائح، فضيحة الكتيبة المغربية المتواجدة في مهمة لحفظ السلام في ساحل العاج المتورطة في قضية (التحرش الجنسي)، تتلوها أزمة تسريب وثائق سرية والتي اعتقل علي إثرها سبعة ضباط، ومدير صحيفة الوطن الآن وزميله في التحرير، الأمر الذي دفع بالرأي العام المغربي إلى طرح عدة تساؤلات ومتابعة أطوار هذه القنابل التي لم يعهدها من قبل بعدما تغلبت وتحررت ضمائر بعض الأحرار من الرعب والخوف السائد في العلاقةالقائمة بين الشعب ومؤسسة الجيش إذ لم تجرؤ أي جهة من قبل الاقتراب من هذه الملفات الساخنة لكن الآن في العهد الجديد قررت الأصوات الحرة كشف المستور ومحاربة الفساد بدءا من قمة هرم المؤسسة العسكرية لأن فساد الكبار لا مثيل له، بعكس فساد الصغارالأمر مقدور عليه، من هنا انطلقت الشرارة الأولى وخرجت الأصوات عن صمتها وتعالت بالتنديد بالفساد وأظهرت بعض الخبايا وطالبت بالتغيير و وإعادة النظر في التسيير والتدبير لهذه المؤسسة وما لها من دور حساس داخل المجتمع.
لائحة التنديد جاء كالتالي:
– المحجوب الطوبجي ضابط في الجيش المغربي سابقا يعيش حاليا في فرنسا، أصدر
مؤخرا كتابا تحت عنوان (( ضباط صاحب الجلالة)) تطرق من خلاله للفسادالقائم داخل مؤسسة الجيش المغربي مؤكدا حدوث عمليات اختلاس لا حدود لها جرت خلال سنوات السبعينات والثمانينات والتسعينات، محاولا الإفصاح عن الفساد الذي كان ولا زال يتكاثر حتى الآن. إلا أن هذا الإصدار يخلوه أحيانا من الدقة بخصوص بعض الحقائق والمعلومات ورغم هذا سمح ببيعه في الأسواق المغربية لأن سياسة جلالة الملك محمد السادس متمسكه برأي السديد وهو( الإقرار بحرية التعبير والرأي كاختيار لا رجعة فيه)
– نشرت أسبوعية (الأيام) المغربية خلال الشهر المنصرم ما يحدث من فوضى داخل الجيش، وأشارت إلي أن الفرق في المرتبات بين الجنود والعمداء هي الأعلى من نوعها في العالم، فإذا كان الجندي العادي يحصل علي 180 دولارا شهريا، فالجنرال يصل راتبه إلي 18 ألف دولار شهريا، بينما جنرال جارتنا أسبانيا لا يتعدى راتبه ستة آلاف دولار.
وكتب كذلك يوسف بجاجا في هذه الأسبوعية أن زوجة احد جنرالات المغاربة استقبلت ضيوفها وهي ترتدي في أذنيها حلقتين من الماس قيمتهما 400 مليون سنتيم ما يعادل (480 ألف دولار)، فقفز أحد الضباط من مكانه بعدما أدرك أن تلك الزوجة تتزين بمدرعتين في أذنيها، لأن سعر الحلقتين هو سعر مدرعة أي 480 ألف دولار.
– وفي خضم هذه التطورات نشرت أسبوعية( المشعل) مقالا بعنوان" مافيا جنرالات يسيئون للملك والمغرب"، وتتساءل في عنوان فرعي لماذا لم يقدم محمد السادس علي تخليص المؤسسة العسكرية من رؤوس الفساد رغم انفضاح أمر بعضهم؟
– وتصدرت أسبوعية( الوطن الآن) فضائح الجيش والاختلال الحاصل الذي يشوب مؤسسته في الترقيات والمرتبات وكيفية تحول بعض الجنود إلى عبيد بسبب عملهم في الضيعات الفلاحية لكبار الجنرالات بدل القيام بمهامهم في منشآت الجيش، وخصصت كذلك ريبورتاجا لجنود مغاربة كانوا أسري لدي (البوليزاريو) وعند عودتهم لأحضان بلدهم تم التخلي عنهم فاضطر بعضهم إلي التسول طالبين الصدقة رغم تضحياتهم الجسام في سبيل الوطن.
– كذلك أسبوعية (دومان) التي كان يديرها علي المرابط وتعرضت للحظر نشرت بدورها أسماء شركات للصيد البحري والتي تدر ملايين الدولارات سنويا لحساب بعض الجنرالات النافذين الذين يستغلون المياه الإقليمية في الصحراء الغربية ومقالع الرمال والضيعات الفلاحية، علما أن القانون المغربي يمنع منعا كليا علي الجيش التعاطي للتجارة والأعمال الاقتصادية.
– وفي 14 يوليوز2007 نشرت صحيفة (الوطن الآ ن) ملفا عنوانه "التقارير السرية خلف حال التأهب في المغرب" مستندة إلى "وثائق سرية والذي يتعرض بسببها مدير الصحيفة عبد الرحيم أريري وزميله في التحرير مصطفى حرمة الله لمتابعة قضائية بتهمة نشر وثائق عسكرية سرية.
غير أن أريري ابلغ القدس العربي أن صحيفته مستهدفة بسبب ما نشرت في السابق. وقال لقد تم استهدافنا بسبب خطنا التحريري وأفرج عن أريري ومازال زميله في التحرير معتقلا. وتسببت أزمة الوثائق حتى الآن في اعتقال ومتابعة سبعة ضباط منهم كولونيل ماجور.
– وفي سنة 2002 ظهرت وثيقة موقعه باسم (الضباط الأحرار) مطالبين فيها تطهير الفساد التي اتسعت رقعته في صفوف الجيش ومتابعة سبعة جنرالات بتهمة نهب الأموال العامة وإنشاء مؤسسة لمراقبة صرف ميزانية الجيش وتدبير ممتلكاته وعائداته الضخمة إلا أن بعض المسؤولين برروا الادعاء بأنه خال من الصحة وهو صادر عن مجموعة الناقمين علي أوضاع لأن البيان كان يطالب بإقالة مجموعة من الجنرالات وقد رجحوا الجزائر وأسبانيا بالوقوف وراء الدعاية الغير صحيحة والترويج لها.
– وفي سنة 2004 ظهرت فضيحة اختفاء أسلحة بالثكنة العسكرية لمدينة تازة، على إثرها تمت إدانة سبعة عسكريين بتهمة التواطؤ في تسهيل الهجرة السرية.
– و في سنة 2003 كشف الضابط أديب فضيحة حلقات من مسلسل الفساد والرشوة والانتهاكات ونهب الثروات بالحجة والدليل وكان مصيره السجن كجزاء لحماية فساد المفسدين، وأدين واعتقل وسجن وجرد من مهامه من طرف محاكم وطنه في حين كرمه العالم بسبب إنجازاته ومنحه الجائزة الدولية ( ترانسبرنسي) ضد الرشوة، ولم يسمع الرأي العام عن أي متابعة لرؤوس الفساد لكنه عرف هذا الضابط ولم يعرف اي شيء عن المتهمين بهذا الفساد، ومن هنا تتضح جليا قوة ونفوذ جنرالات المغرب من خلال إسكات كل من سولت له نفسه كشف الفساد المستشري داخل المؤسسة الذين يسهرون على مصالحها.
– كذلك حاولا ضابطي الصف إبراهيم جالطي وجمال الزعيم في فضح ما يجري من فساد وتلاعب بمجموعة من الثكنات العسكرية رغم أنهما لم تكن لهما سوء النية في التشهير بمؤسستهما العسكرية أو بالقائمين عليها وإنما سعيا للتغيير للإصلاح، فطلبا مقابلة القائد الأعلى للقوات المسلحة ليقدما له مستنداتهما فأوهماهما المسؤولين بضرورة الإدلاء بالوثائق قبل استقباليهما من طرف جلالة الملك محمد السادس، وبمجرد وصول الوثائق بين أيدي المعنيين تم إتلافها لتبدأ أشواط متابعتهما القضائية والزج بهما في ظلام وظلم السجون والسهر على توفير أرضية خصبة للمفسدين للإفلات من العقاب والحساب وهذا ما طرحه وأكيدعليه بيان " الضباط الأحرار".
– كذلك حاول بن بوشته فضح الفساد المرتبط بتواطؤ المسؤولين على الوحدة 49 مكرر العاملة بالشمال لكنه لقي نفس مصير من سبقوه، طرده من منصبه بأمر من رؤسائه السامين.
– وفي صيف العام 2006 شهدت المؤسسة العسكرية هزة أخرى بسبب خلية "أنصار المهدي" واتهام عناصر من قوات المظلات ضمنها مما أدى إلى عزل قائدها من منصبه الجنرال بلبشير وإبعاد نائبه الكولونيل ماجور فؤادي من دواليب المخابرات العسكرية.
لازالت الفضائح تتعاقب وتتسع معها بؤرة فيروس فساد المؤسسة العسكرية المغربية دون تحريك ساكن، اللهم معاقبة وإسكات كل صوت شجاع كسر حاجز الصمت بالتنديد والاحتجاج ومحاولة تسليط الضوء على قضايا جد حساسة والتي أزكمت رائحة فسادها الأنوف.
المغرب بلد من البلدان القلائل الذي لا تتوفر على وزارة الدفاع، والتي تم إلغاؤها من طرف جلالة الملك الراحل الحسن الثاني إبان أحداث الانقلابين العسكريين الفاشلين لسنة (1971 و1972) ومن تم حذف منصب وزير الدفاع الذي كان آخر من احتله هو الجنرال محمد أوفقير، وبذلك أضحت القوات المسلحة مؤسسة مستقلة عن الحكومة، خاضعة مباشرة للملك الذي يعد قائدها الأعلى.
إن ميزانية القوات المسلحة، الوحيدة التي لا تناقش في البرلمان ولا تراقب من قبل وزارة المالية ولا المجلس الأعلى للحسابات.
على إثر هذه الأحداث الفاصلة أصبح الواقع يقر بأن المؤسسة العسكرية في حاجة ماسة للتغيير و الإصلاح بحثا عن آلية تسيير وتدبير جادة ونزيهة كفيلة بإعادة ترميم ما إنكسر من خلال تفعيل الدور ملموس لهذه المؤسسة الحساسة داخل المجتمع، سيما مرحلة العهد الجديد ليست شبيهة بمرحلة الأمس القريب.
لقد حقق العهد الجديد تحت إشراف جلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية تقدما ملموسا في العديد والكثير من المجالات، إلا أن هاجس الرأي العام والذي يتجلى بوضوح في سؤاله الوحيدالذي بدأ يتكرر هذه الأيام خصوصا بعد هذه الأحداث الأخيرة التي عصفت بمؤسسة الجيش هو: لماذا لم يقدم جلالة الملك على تخليص المؤسسة العسكرية من الفساد رغم انكشاف المستور ؟؟؟؟
إن عملية الإصلاح والتغيير في المؤسسة العسكرية جد عصيب ويتطلب التأني ورجاحة الفكر وليس بالأمر الهين أوالسهل كما يعتقد البعض، لأن وراء الفساد غالبا ما يكون تواجد لوبي نشيط يعمل على معاكسة مجرى التغيير من أجل إعاقة وتأخير ر مسيرة الإصلاح ففطنة وحنكة جلالة الملك جعلته يتبنى و يعتمد خططا حكيمة، مرنة و سلسة ولو بوثيرة بطيئة حسب ما تقتضيه مصلحة البلد انطلاقا من :
– تنصيب مسؤولين نزيهين ومقربين منه على رأس هرم المناصب الحساسة في البلد.
– إقالة العديد من الجنرالات مثل عبد الحق القادري، محمد بلبشير ونائبه الكولونيل ماجور فؤادي، و أحمد الحر شي، و الجنرال عروب ، كذلك تقليص مهام الجنرال حميدو العنيكري من مدير الأمن الوطني إلى مفتش القوات المساعدة، وللائحة طويلة إذ لم يظل من ارث جنرلات الملك الراحل الحسن الثاني إلا الجنرال حسني بنسليمان و الجنرال عبد العزيز بناني. وهذه الإقالات لم يعهدها ولم يعرفها المغاربة من قبل حيث كانت هذه الفئة لا تتقاعد إلا بالوفاة
– كذلك إعادة هيكلة مؤسسة المخابرات العسكرية وجهازها الأمني وترقيتها من مجرد مكتب إلى مديرية وتمكينها من الموارد البشرية والمالية الصلاحيات والواسعة.
– كذلك تخلى القانون المغربي عن التجنيد الإجباري.
وهناك العديد من إنجازات العهد الجديد والذي يتعذر علي سردها في هذا المقال. إلا أن الشعب المغربي يعتبر جلالة الملك هو ضامن الحرية والعدالة وهو الوحيد الكفيل بحماية المال العام و الثروات التي يتصرفون فيها هؤلاء بكامل الحرية، ينهبونها ويبعثرونها ويهربونها إلى البنوك الأجنبية و فيما تتضاعف وتتكاثر ثرواتهم تزداد وتتسع رقعة الفقر في المغرب ومن تم يتضرر المغاربة وترتفع مديونية الوطن لهذا لا زال الرأي العام المغربي ينتظر بشغف كبير عملية التطهير والإصلاح الواسعة في صفوف المؤسسة العسكرية التي فاحت روائح فسادها ولا سيما قد تكون الفرصة سانحة بعدما شارف العمل على الانتهاء من الأولويات التي كانت قائمة وأكثر إلحاحا
رغم كل ما سبق ذكره، فوطننا يجتاز أصعب المراحل الانتقالية،و مازال يتعرض لعدة عراقيل ومآمرات سواء منها الباطنية أو الظاهرة لكن بعض المأشرات وانعكاساتها يجبرها على الخروج من الظلام لتظهر جليا أمام أعين الجميع، لهذا اتفق جل المحللين والساسة والباحثين على ضرورة جدية العمل والتفكير والدراسة المعمقة للرؤى البعيدة من أجل وضع اليد على أسباب الشلل السياسي الذي لا زال يخيم بظلاله على الحياة السياسية المغربية و البحث عن وسائل العلاج الناجحة والقابلة للتفعيل و التطبيق فورا والكفيلة بالتصدي لكل المآمرات من أجل تحقيق أهداف الإصلاح المطالبين به من خلال مكنونات مصلحة الوطن كي لا تتعقد المهام وينعكس سير نتائجه نحو مسار آخر أسوء مما هو عليه.
مشاركة منتدى
29 تموز (يوليو) 2016, 16:05, بقلم salah dif
يشرفني أن أتقدم للمشاركة في مدرستكم و لعلمكم أنا متحصل على شهادة البكالوريا 2016 شعبة تسير واقتصاد بمعدل 14.03 واقامتي في ولاية برج بوعراريج وأنا في انتضار ردكم وتقبلو مني فأق الاحترام و التفدير
7 آب (أغسطس) 2020, 17:53, بقلم الحسن لشهاب (المغرب)
في راي ،لا فرق بين هيمنة و غطرسة المؤسسة العسكرية و هيمنة و غطرسةحكومة الظل الملكية و حاشيتها و مربعها،كلاهما يشرعن فسادها باسم قداسة الدين و بلسان القيادات الدينية ،و كلاهما يوسع دائرة اتباعه ،عبر التحفيزات و الاغراءات و الامتيازات بواسطة اموال الصناديق السوداء المخزنية التي هي من حق الشعب،و الشعب يريد حكومة دمقراطية وطنية تناوبية،لا ملكية و لا عسكرية و لا دينية،فيها كل الاحزاب السياسية تمارس نشاطها بشكل طبيعي،هذفها خدمة الصالح العام ،و ليس خدمة المؤسسة الملكية او العسكرية او الدينية،و فيها السيادة للقانون و ليس للاشخاصّ.اذا كان المغاربة سواسية في بطاقة التعريف الوطنية فينغي لهم ان يكونوا سواسية امام القانون،حيث لا فرق بين ابن الاسرة العلوية و ابن الاسرة العربية او الامازيغية او الصحراوية او اي كانت امام القانون...
7 تشرين الثاني (نوفمبر) 2020, 16:36, بقلم الحسن لشهاب (المغرب)
في راي اسباب الشلل السياسي الذي لازال يخيم بظلاله على الحياة السياسية المغربية هي بصراحة، العلاقة القائمة و المستمرة بين التوريث السياسي و ادواته الجهنمية الفاسدة،و التي هي مصلحة الوارث السياسي الاستراتيجية في الدفاع عن ظواهر سياسية لا صلة لها بالعمل السياسي،كخلود الزعامة النقابية، استدامة المناصب العليا،سياسة الريع ،غض النظر عن الاعتناء الغير المشروع ،حتى و ان كانت مصادره ،الفساد المالي و الاداري و السياسي و الخلقي بين كل فئات المجتمع،كل ذلك من اجل فبركة عقليات ريعية،لا تملك درة تفكير منطقي يقول لا للتوريث السياسي العلوي,,,و ان العلويين مواطنين مغاربة عاديين ككل المغاربة و ليسوا اسياد المغاربة الاحرار بالتوريث,,,