الاثنين ٢٢ كانون الثاني (يناير) ٢٠٢٤
بقلم حسن لمين

كنوز القصبة

كانت شوارع مراكش الصاخبة مفعمة بالألوان النابضة بالحياة، والروائح الجذابة، وإيقاع الحياة الذي تردد صداه في أرجاء المدينة القديمة. في قلب المدينة، حيث تتقاطع الأزقة الضيقة مثل المتاهة، كان يوجد محل سجاد غريب اسمه "كنوز القصبة". التهامي، نساج سجاد ماهر، ذو يدين غليضتين ولمعة في عينيه، كان يملك المتجر. وفي كل يوم، كان يصنع بدقة أنماطًا معقدة من السجاد في الخيوط النابضة بالحياة، وينسج القصص في السجاد الذي يزين جدران المتجر.

وقد انبهر السياح والسكان المحليون على حد سواء بمشهد الألوان الذي يزين كل قطعة. في أحد الأيام، عندما انخفضت الشمس فوق المدينة، وألقت وهجًا دافئًا على جدران الطين، دخلت مسافرة شابة تدعى أمينة إلى كنوز القصبة. اتسعت عيناها بذهول وهي تشاهد العرض المذهل للسجاد. اقترب التهامي، الذي لاحظ إعجابها، بابتسامة ترحيبية.

"مرحبا يا صديقي، أنا التهامي، ما الذي جاء بك إلى متجري المتواضع؟" استفسر. وأوضحت أمينة أنها كانت في رحلة لاكتشاف جمال العالم، وسمعت أن مراكش تحتوي على كنوز تفوق الخيال. أومأ التهامي برأسه وهو يفهم المشاعر جيدًا. أعلن قائلاً: "لدي الشيء المناسب لك"، قاد أمينة إلى زاوية حيث توجد سجادة ساحرة بشكل خاص. وبدت الألوان وكأنها تتراقص، وتحكي حكايات عن رياح الصحراء والأسواق الصاخبة. وأوضح التهامي أهمية كل فكرة، والتاريخ المنسوج في كل خيط. وبينما كانت أمينة تستمع، شعرت بالارتباط بالثقافة الغنية والتاريخ المتأصل في السجادة. كانت المفاوضات سريعة ولكن عادلة، وسرعان ما غادرت أمينة كنوز القصبة ومعها قطعة من مراكش لتحملها معها في رحلتها.

وعلى مدى الأسابيع التي تلت ذلك، أصبحت سجادة أمينة رفيقة عزيزة. لقد كانت بمثابة تذكير بكرم ضيافة التهامي، والأزقة الضيقة للمدينة، ومشهد الحياة الذي شاركته مراكش معها. وبينما واصلت رحلاتها، انبسطت السجادة تحت قدميها، لتمثل خريطة ملموسة للذكريات التي تعود إلى قلب المغرب. وهكذا، أصبحت قصة أمينة وسجادتها حكاية أخرى منسوجة في نسيج مراكش النابض بالحياة، حيث استمرت المدينة القديمة في سحر أولئك الذين يبحثون عن كنوزها ويتقاسمون كنوزها في المقابل.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى