يسمو بأجنحة القصيدة منطقُ
وفضاءُ فكر ٍ في مداه تحلقُ
وجنون حرف ٍ يستطيع بلحظة ٍ
أن يجمع الكلمات وهو ممّزق ُ
تتزاحمُ العبَرات في رئة الندى
ورئاتُ أروقة ِ الحدائق تعبق ُ
وتئنّ ُ من ألم الرياح سواحل ٌ
وأكفّ أمواج البحور تصفّق ُ
فكأن أشرعة الخيال يريحُها
أن يستغيث من العواصف زورق ُ
وجَعُ القصيدة في عذاب ولادة ٍ
وجَعُ البخور من المحبّة ِ يُحرَق ُ
قدر ٌ .. وللأقدار محض مشيئة ٍ
أن يغمرَ الشعراءَ حزنٌ مطلق ُ
ولقد عرفت مع الحروف كآبة ً
جعلت قلوبا ً بالمسرّة ِ تخفق ُ
بدمي أحاصرُ فكرة ً وعلى فمي
تصحو كرومٌ حين يغفو زنبق
لمواجعي صوتٌ .. وللقلم الصدى
ولصدق ِ ترجمة المشاعر رونق ُ
لا كان شعري إن تحدّث كاذبا ً
وبراءة ٌ من شاعر ٍ لا يصدق ُ
***
ولقد عرفتُ من الكنوز لآلئا ً
وعيون َ شعر ٍ عطرُها يتدفق
وعشقتُ من أجفانها ألق َ الرؤى
فوددتُ لو في هدبها أتعلّقُ
ولربّما قطِعَ الوصالُ .. فشدّني
نغمٌ بهمس الياسمين مطوّق ُ
فكأنّما رجع الغناء قوافلٌ
يحدو بها فوق البيارق بيرق ُ
متميّزُ الإيقاع أجمل ما به ِ
أنّ النبيذ بما يقول معتق ُ
ومسافرٌ في البيد طوع بنانه ِ
حرفٌ على عطش الصحارى يورقُ
هو ذلك العصفورُ يصدحُ منشدا ً
فتردد الأطيارُ عنه .. وتنطق ُ
هو روعة ُ الأشعار فاضت حكمة ً
وبروعة البلّور فاضَ الدورق ُ
هو مالئ الدنيا وشاغلُ أهلها
وإمامُ شعر ٍ مثله ُ لا يُخلق ُ
هو بين ألقاب ٍ لهُ متنبئ ٌ
ونبوّة ُ الحرف البليغ .. تألق ُ
***
يا أيّها الغريّد ُ فوق خميلة ٍ
ودموع عينكَ من أسى ً تترقرق ُ
يا من تذوّقت الغرام على الردى
( وعجبتَ كيف يموت مَن لا يعشق ُ )
إني أتيتك عاشقا ً .. ومُعاتبا ً
وعتابُ عاطفة الأحبّة شيّق ُ
كيف ابتكرت َ من الكلام قلائدا ً
وتركتها بغرور وغد ٍ تُسحق ُ
كيف ارتضى للشعر عملاق ٌ له ُ
أن يستغلّ الشعرَ قزم ٌ أحمق ُ
ولمن كتبت َ؟ مَن امتدحت َ؟ وما الذي
جعل ارتزاقا ً بالمشاعر يرزق ُ
خسرَت حروفٌ فرّطت في قدرها
فأذلّها بين العروش تملق ُ
ومدانة ٌ لغة ٌ تغيّرُ همسَها
ومدادها عند الكتابة زئبق ُ
***
يا مَن أردتَ من الزمان مكانة ً
تعلو عليه ِ .. وفوقه ُ تتفوّق ُ
فقطعتَ في أثر الطموح مراحلا ً
ليراك َعصرُك فارسا ً لا تُسبَق ُ
ماذا لو اعتنقت رؤاكَ عقيدة ً
لتكون أخلاقا ً بها نتخلّق ُ
وحفرتَ من وجع الثبات خنادقا ً
وبكلّ حرف ٍ للإرادة خندق ُ
فتضيق وديان ٌ نهيم بعمقِها
كذِبا ً.. ونفعلُ ما نقولُ ونصدق ُ
لو عُلّقت رأسٌ لشاعر مبدأ ٍ
شرَفٌ لتلك الرأس حين تُعلّق
زمَرٌ من الشعراء كان ولم يزل
يقتادُها للموت نابٌ أزرق ُ
لكنّ أروع ميتة ٍ تلك التي
صنعت لغرب الموت شمسا ً تشرق ُ