
رُؤى ثقافيّة«97»

عُيُونُ الشِّعْر
عُـيُونُ الشِّعْرِ تَصْحُو في الـمَرايـا | فَـتُوْرِقُ فِـضَّـةُ الأَمَـلِ الكَـسِيْحِ |
عُـيُونُ الشِّعْرِ تَـقْرَأُ كَـفَّ وَقْـتِي | وتَكْـتُبُ قِـصَّـةَ الأُفُـقِ الـمُشِـيْحِ |
تَـرَى مِنِّيْ، وفِـيَّ ، مَدَى احتمالـي | وتَكْـشِفُ شاهِدَ الأَمْـسِ الجَرِيْحِ |
عُـيُونُ الشِّعْـرِ تَقْـدَحُ بَـيْنَ ذاتـي | وبَـيْـني نَبـْعَ شِـرْيَـانِـي ورُوْحِـي |
فمـا أَدري ، إذا ما قُـلْتُ شِعْـرًا، | أشِعـْـرًا كانَ قَوْلي أَمْ جُرُوْحِي؟! |
أَ أَنْـفـاسَ القَـصِـيْدِ ، ورُبَّ رَيَّـا | مِنَ الفِرْدَوْسِ في الحَـرْفِ الذَّبِـيْحِ |
لنـا فـي الشِّعْـرِ مَـحْـيًا أو مَمـَاتٌ | ومَوتُ الحُـرِّ كالشِّعْـرِ الصَّحِـيْحِ |
فَقَدْ تَغْـدُو الحياةُ كأَرضِ «يَهْوَى» | وقـد تَغْـدُو القصيـدةُ كالمـَـسِيْحِ! |
يُـشِـيْعُ الـمُـرْجِفُونَ بِـأَنَّ خَطْـبًا | أَحـاطَ بِطـائـرِ الشِّعْـرِ الفَصِـيْحِ |
«فُلُـكْـلُوْرِيَّـةً» صـارتْ مِـزاجـًا | فـلا تَحـفـلْ بذا الفِكْـرِ النَّطِـيْحِ! |
لَكَـمْ تُزْرِيْ القَمـاءَةُ بالدَّعاوَى: | تُحَمْلِـقُ وهْـيَ تَـنْـظُـرُ لِلسُّفُوْحِ! |
يُـشِـيْعُ المُـرْجِفُـونَ بـأنَّ خَـطْـبًا | طَـوَى بالـنَّـثـْرِ دِيـوانَ الجُـمُـوْحِ |
وأنَّ قـصيـدةَ الـيَوْمِ استـقـالتْ، | تَـنـامُ على حُـرُوْفٍ مِن صَفِـيْحِ! |
لهـا لَـيْلُ امرئِ القـيسِ اغْـترابًا، | لهـا صُبْحٌ كَـصُبْحِ ابنِ الجَمُـوْحِ! |
تُـوَشِّـحُ رَبـَّـةَ الإِلـهـامِ سَـيْـفـًا | وتَلْعَـنُ عاثِـرَ الحَـظِّ الشَّحِـيْـحِ! |
وما يُـجْدي مَعَ الـمَوْتِ التَّداوي! | وما تُغـْني السُّـيُوفُ على الطَّرِيْحِ! |
كَذَا كَذَبُوا ، وبعضُ الحَـقِّ كِـذْبٌ | يـُواري سَـوْءَةَ الكِذْبِ الصَّرِيْحِ! |
يَلُـوْمُ الفـاشِـلُ الدُّنـيا ويَشْـكُـو | فَسَادَ الدِّيْنِ فـي السُّوْقِ الرَّبِيْحِ |
وتَعْـقُـمُ أُمـَّـهـاتُ الخَـيْـلِ لَـمَّـا | يُـخِـبُّ الوَهْنُ في المعنَى اللَّقُـوْحِ |
فَـوَيْـلُ غَـدٍ مِـنَ الـيَومِ ، ومِـمَّـا | تُخَـبِّـئُ تحـتَ إِبْـطَيـْـهِ قُـرُوْحِي! |
مَـعـاذَ الشِّعْـرِ، والأَرْزَاءُ تَـتْـرَى | بِمـا نَـعَـقَ الغُـرابُ بِكُـلِّ رِيْـحِ |
سيَبْقَـى فـي أَتـُـوْنِ الخَلْقِ وَحْـيٌ | مِنَ الشُّعَراءِ ، والشُّعَـراءُ تُوْحِـي |
سيَبْقَـى الشِّعْـرُ دِيْـوَانَ البَـرايـا، | نَـدِيَّ النَّبـْضِ بالوَعْـدِ السَّمُـوْحِ |
سيَبْقَـى فـي الوَرَى رِئَــةً، وقَلْـبًا، | صَبِيْحَ الصَّوْتِ، مُنْتَفِضَ الصُّرُوْحِ |
يُـقـايـِضُ وَرْدَةَ الآتِـيْ بِـأَمْـسٍ | مِنَ الصَّحْـراءِ والعَصْرِ الضَّرِيْـحِ! |
وإِنـَّـا نَــبدأُ الأَحـلامَ شِـعْــرًا | فـتَـنْـبَجِسُ الخَـوابـيْ بِـالصَّـبُوْحِ |
نُـعِــيْدُ بِـهِ الـرَّوائـحَ لِلْـعَـشايـا | ونَحْمِـلُ سِــفْـرَهُ يَـوْمَ الـنُّـزُوْحِ |
ولولا الشِّعْـرُ ما كـانـتْ لُغـاتٌ | ولا اقْـتَرَحَ الخَـيَالُ مَدَى الطُّمُوحِ |
ولولا الشِّعْرُ ما سارتْ سَحابُ الـ | ــمَشاعِـرِ، جَـيْشَ هَطَّـالٍ دَلُـوْحِ |
يُـرَوِّيْ خَـابِـيَ الـتَّاريـخِ فِـيْـنـا | ويَـغْـشَانـا بِشُـؤْبُـوْبٍ سَـحُـوْحِ |
يُـعِـيْدُ بِـنـاءَ أَوْجُـهِـنا، ويَـرْنُـو | لِوَجْـهِ الحـُـسْنِ فـي وَجْـهٍ قَـبِيْـحِ |
هَلِ الشِّعْـرُ- وقد تَعِبَتْ نِصَالُ الـ | ـقصائدِ- غَـيْرُ إِنسـانٍ ورُوْحِ؟! |
فَـرُبَّ قَـصـيـدةٍ قَـصَدَتْ لِـواءً، | ورُبَّ قَـصـيدةٍ فَـتْـحُ الـفُـتُـوْحِ! |
* المصدر: صحيفة «الرأي» الكويتية، الثلاثاء 11 مارس 2014، ص34.