السبت ١٩ نيسان (أبريل) ٢٠٢٥
بقلم مكرم رشيد الطالباني

سأخاطبُ نفسي وأديري ظهري لكَ

نص الكاتبة: گوڵاڵه‌ حسين

أديرُ ظهري لكَ
لأصنعَ من صمتكَ ذاتاً آخر لنفسيَ،
لكنكَ لن تحبّها!
عندها سأكون أنا ذاتيَ المقلوب وتكونَ أنتَ
إسماً لا غير، كنتُ أودّ أن أخبركَ هذا يوماً!
لكنني... ما أخبرتُكَ.. أبداً.
أديرُ ظهري لكَ
وأنسَكِبُ في ناظري أمي
التي كانتْ تُشاهدُ وحدتي دون أن تستطيعَ فعلَ أي شيء،
قلبي يستعطفُ قلبها!
التي كانت حتى تلك اللحظةِ لا تعرف ما تفعلُ وما تقوله فإنك في حدّ ذاتك وحيدٌ ليس إلاّ!
سأديرُ ظهريَ لكَ
لكنني لن أنفصلَ عنكَ، لأنّ ظهركَ ملتصقٌ بظهري، وقلبيَ بينَ يديكَ،
طريقٌ في إنتظاركَ، قريبٌ من بُعدِكَ... قريبٌ... جداً.
سأختَبِأ
وأرسلُ فؤادي في إثركَ
وأحتضنُ رُكبتيَّ
واضعاً يداي على منضدةِ القراءة وأدركُ
إن هذا هو الجزءُ مني الذي سيشيخُ قبلي.
كثيراً ما كنتُ أشعرُ بذلكَ
أمام المرآة.
سأديرُ ظهريَ لكَ
وأبقى ليلاً في بيتِ تلك الأمنية!
التي لمْ أُبدِها: ذرني في حربٍ وأرسل سلاماً صغيراً
في إثري وقلْ: بين أمسكَ واليومَ، أنا أكثر إضطراباً
أخاطبُ نفسي
وأدخلَ إلى دفترَ رسمِ طفولتي
وأسافرَ نحو الكِبَرِ، لأننا لمْ نكبُرَ .......ابداً.
أخاطبُ نفسي
لن أخافَ
من قول صديقتي التي كانت تقول: الموتُ لديه مشكلةٌ!
إنهُ لن يممممممموت. لن أخافَ من هزيز الريح وهدوء الغيثِ
وهجوم الشمس وشحوبه هو......
لن يعتريني الخوفُ ويعتريني الخوفُ... من أيّ شيء وكلّ شيء موجود وغير موجود وما يأتي ويمرّ.
أخاطبُ نفسي..
لكنّ صراماتي زالتْ
مدعيةً بحالةٍ سيئة إنني لا زلتُ بخيرٍ!
أوشكُ أن أرويَ
رويداً ...رويداً...
أسراريَ لشجرة المشمش في باحة دارنا
وهي صامتةٌ لا تنطق!
أخاطبُ نفسي
أتخلى
عن سحبِ جزءٍ منيّ ورائي.
لن أتخلی عن ما أخذته منيّ ولم تعدهُ ليّ،
لن أتخلی عن إنهيار الأماني
وإعتياد العادات السیئة
وترك النهر لدیاره
والكتابة عنكَ،
ولن أتخلى عن التخلي.
أخاطبُ نفسي
وأحررُّ ذلك الجزء منيّ من قبضتكَ
الذي قسمته على قسمة وحدتي
وأستعيدُ أجزائي تلك التي أخذتها
من خلال ناظريكَ
وأدفنُ ذلك الجزء منيّ
الذي تركني من أجلكَ...
وقد تركتُ هذا لكَ في رسالةٍ
على طاولة الكتابة.!

سأديرُ ظهريّ لكلينا
كثيراً ما أتذكر
حينَ كنتَ تكتبُ لي:
أبقَي بجانبي
هبّي كالريح
وأهطلي عليّ كالمطر
تعالَ كتنهیدةِ حسرةٍ أمام مرآتي
أو هشمني بكلمةٍ جوفاء!
أسندُ ظهري للفراغ
لأنشطر رأساً إلى شطرين.
الآن قطعةٌ مني
هي وطني وغربةٌ لكَ
قطعةٌ ملتئمةٌ فيّ وخرابةٌ فيكَ
أنا الآن ضياعٌ في أعماقكَ
حيثُ فرَّتْ آخر قطعةٍ مني.. فراراً.
لن أخاطبَ نفسي،
سأعثرُ عليكَ في صورةٍ في الشوارعِ!
واقفٌ عند ساحلِ بحرٍ
ويداكَ في جيبيكَ
تسكبُ الإضطرابَ في البحر
أدركُ بأنكَ مُرتَبكٌ.
سأديرُ ظهري للعالمِ كله
لكننی لن أخاطبَ نفسي!
لملمتُ حضناً من الرؤى وأنظرُ بتأني،
كلّ شيء في مكانه، لسناااااااااا نحنُ.
إنني أتحدثُ إلى الكُرسي الذي يقبعُ قبالتي،
ولن يصلني صوتي،
رغم ذلك... لا أريد أبداً... أن أكون إكتشافاً لأي كان.
لن أطأ الماضي،
أي ماضٍ، لم يمضي أبداًّ، وحاضري مليءٌ
بكلّ شيءٍ غيرُ ذي نظام، وها هو أن المستقبل
ليس له سببٌ كي يكونَ واقعاً!
أقولُ لجارتنا: إن سألوا عنّی فأخبریهم: لقد هاجروا
إلی الكواكب.
أتوجهُ إلى الأيام الخوالي
أيامكُ الخوالي ونحن الخوالي
لا أبالي بعدم مبالاتكَ ولن أوليه أي أُذنٍ صاغية
تَكُنْ يوماً، ولا تكونَ أياماً!
أديرُ ظهري للأرض
ووجهيَ نحو السماء لأنه لم يكن هناكَ أحدٌ!
كي يبحثَ عني، أبحثُ بحثاً في أعماقي
غير إنني أجدُ نفسي عالقةً في زاويةٍ.

أديرُ ظهريَ للخنادقِ
أدركُ أن شيئاً فيّ سيتأذى، ويتغيرُ شيءٌ فيكَ.
لم يؤدي إيذائي إلى تغيركَ ولم يصلَ تغييركَ إليَّ!
أديرُ ظهري للحياة لأنتحرَ مرتين كلّ يوم
كي أبقى فيكَ حيةً... لكن لم يتحقق ذلك.
سأديرُ ظهريَ لماضينا العريق
وأواجه الحاضر، حاضرُ ما بيننا
الذي أخفيناه في ظهرِ رسالةٍ
وأُكتُشِفَ في غمزةِ عين.
الآن
لن يتعلقَ بي أحدٌ، ولن أتعلقَ بأحدٍ،
لا أديرُ ظهري لأحد ولا وجهي،
الآن لا أعرفُ إلى أين وصلتَ أنتَ.
إنني بلا جواب .. بلا جواب.

عن مجلة (رامان) الكوردية، العدد (330)، الصادرة في 5/4/2025.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى