خفافيش الكلام
تقاسمته مناقير الغربان، فبات كقشةٍ من رديء التمر، وما خلفته السنابل!
فيا هول عيدان القصب وتقسيم الكراسي، ولا علم لخيزران ظله بما جرى إلا بالتساؤل والحيرة للسراب!
أجل، لكل يدٍ جباية، ولكل عقلٍ دراية، ولكل عينٍ كفاية، ولكل وعيٍ عنوان الصرير؛ فتأمل فحوى الكلام، واكتب أنفاس السبب!
ــ يُثير تعجبي حقاً، ممن يدعي مخافة الله في شُبهة ربا المال، وهو يُدلس المقال ويُكذب الحلال؛ فرحم الله من قال فيه: (هذا يحرم دم البعوضة، ويبلع البعير بكبره)!
ــ يُثير تعجبي حقاً، ممن يكذب ويُراوغ، ويُقطع أنامله ساعة الوضوء،؛ وإذا ما انتهى به الوقت، ذهب إلى المشاهد المقدسة وأداء مناسك العمرة؛ كيما يدعو لزيادة ماله وتوفيق عياله، فحق من قال فيه: (تراك حيرت ملائكة أكتافك يمسحون ولا يكتبون؛ ومتى بتطالع وجهك في المنظره يا بعدي)؟!
ــ يُثير تعجبي حقاً، ممن يلف ويدور حول حلقةٍ مُفرغة كالزئبق، ويُشكل كُنه المرفق؛ ساعة ما اشترك أحدهم مع قريبه لشراء أرضٍ جرداء، دون وثيقة إثباتٍ مكتوبةٍ، أو شهقةٍ مرتوبةٍ؛ من باب ثقة الآخر به.. لينكر بعد حينٍ من الزمن لارتفاع الأسعار، ومرور الأخبار، ليرجع النقود الأصلية التي شاركه صاحبه إليه، وكأنها في محل عقد السلف، فحق من قال فيه:(إذا طاطه الواوي، تُطوطحت الصواوي)!
ــ يُثير تعجبي حقاً، ممن لا يكف لسانه في اللقاء من قول الحديث الحسن ومخافة الوهن، وما أن يلتف ظهرك عنه إلا وصارَّ كالمنشار؛ فحق من قال فيه: (خف علينا يا الراوي؛ وما يعرف الزعتر إلا مغمس بالدسم)!
ــ يُثير تعجبي حقاً، ممن ارتقى ظهر دابته، وقطع فيافي أرضه، ليصل أهل السؤال، ويعرف شمس المنال.. فحق من قال هذا لأحد السلف الصالح: كيف نعرف الرجل المؤمن من غيره؛ هل في صلاته أو بصيامه وقيامه؟
فقال: لا؛ ربما هي عادة اعتاد عليها، ولكن اختبروه في صدق الحديث، وأداء الأمانة؟!