حُب الحسا
إلى كل مسؤولٍ رسميٍ، وناشطٍ اجتماعيٍ وتفاعلي بالتأثير..
مما لا يخفى علينا في أحساء العطاء نستعذب العطاء الوطني، كيف لا فعلمنا الوطني يحمل النخلة البيضاء في شموخها، والخضراء بتجليها بين الباسقات، وأنواع عذوق التمور..
نعم، ما أكثر مناسباتنا وأيامنا الوطنية، ومحافلنا الوجدانية "كالقرقيعان" وغيرها..
فحبذا أن تستثمر هذه الظواهر (الفرايحية) بتفعيلها دواخل الحارات القديمة، والساحات (والبرايح)، كحي النعاثل الشرقي والغربي، والرفعة الشمالية والجنوبية والوسطى، (ووجاغ وحويش) حي الكوت، وكذلك في (حاوري) كافة القرى والمدن الهجرية؛ كإطارٍ تفاعليٍ يقوم به بالأصل رواد ونشطاء هذه الأحياء؛ والمقاطع المنشورة في وسائل التواصل الاجتماعي تفي بذلك..
ولكن ينقصها الترابط الداخلي والخارجي، وعلى سبيل المثال وبهذه الأجواء الباردة بجمالها، والدافئة في نبض كل محبٍ للعطاء الحقيقي..
تنظيم وإقامة الأماسي الشعرية الوطنية والفنية والتشكيلية والحرفية والتوعوية الارشادية في تلك (البراحات)، والساحات المكتضة بطيب وأصالة أهلها الوطنية؛ وهي بالأصل قائمة ولكم من باب استثمارها بالشكل الأحسن والأفضل إعلامياً وتنظيمياً ودعماً، وها هُم رواد البذل والداعم والرعاية في ازديادٍ وتكاثرٍ وتسابقٍ للمشاركة في أي محفلٍ ولله الحمد والمنة..
والسؤال هنا:
ماذا سنجني من تنظيم هذه المحافل ومشاركتها في دواخل تلك الأحياء القديمة؟!
بكل تأكيدٍ رفع مستوى الوعي والاهتمام من قبل بعض سكان تلك الأحياء المهجورة، وجعل الجميع (كباراً وصغاراً) شريك همة وتفعيلٍ للخدمات الاجتماعية والتطوعية والسياحية والوطنية..
فعلى سبيل المثال تتزين دكك أزقة (وسوابيط) تلك (الفرجان)، والمقاهي والبقالات المنتظمة، كجانب سياحيٍ بالتشجير، والرسم المباشر على الجدران؛ والمقرونة بكافة المناسبات الوطنية ووالوجدانية..
والأهم من ذلك رفع الحراك التفاعلي في جيل الأمس واليوم بالشباب، وما حال هذه البهجة على أرواح الأمهات والأجداد والأطفال حينها؛ ساعة جلوسهم على تلك الكراسي الخشبية المصطفة بالألوان والرسمات التجريدية بالأروقة؛ على لون المخطوطات فوق تلك الجدران التي كساها الغبار والتفطر والهجران، وتريد منا لمس أنامل الطين لإحياء العرين..
فكلنا شركاء نجاحٍ وإبداعٍ في خدمة ونماء وطننا الغالي والعظيم والكريم..
ليكون الختام هذه الوقفة النثرية:
هي الأحساء بتمرها، وعطائها، وتاريخها، ورجالها.. تهدهد الروح مع مصب الماء في جريانه، وتخيط الأرض مشلحاً بزري الذهب والفضة.. لتسكب عطر الماضي جمالاً يتقاطر فوق تراثها.. فهلا حدثتنا يا هجر الحب والطيبة عن أولادك وأحفادك؟
فكل حبة رملٍ منك وِردٌّ وصلاة، وكل قطرة ماء خرجت من قلبك تسبيحةٌ ودعاء، وكل حبة تمرٍ سقطت أنطقت جبين الأرض ورأس السماء.. وكل زرعٍ أنبتِّه قطافُ جنةٍ وعبق نقاء.. فدثريني بجلباب قيصريتك العبقة برائحة الهيل والزعفران، وزمليني بصوت ماء عيونك الهادر عذوبة في أعماق الوجدان.. فهناك عذوبة الكلمة، ورقة المعنى، وصفاء العشرة، وطيب المقام.. فباسقات الطرف من مدللات الحب الأزلي لترابك الطاهر.. تلك هي التي ترسم لنا ملامح الماضي على وجه المستقبل.. هي الأحساء وكفى!