حـــــالة همس
أتى الربيع كعادته كل عام وكانت الأرض تنتظر قدومه والأشجار تنظر الي حضوره بشوق كأنتظار الحبيب للقاء حبيبه ويضنيها شوق الفراق ولوعة البعاد فأتي مهرولا فاحتضنه الشجر بين اغصانه فازهرت فجعلها كالمزهرية الجميلة متنوعة الازهار فاحت منها روائح الحب والاشواق واكسى الأرض حلة خضراء جميلة فصارت في ابها صورها، كل هذا الجمال الذين زين الأرض وتنظره العيون جميعها ولكن لم يؤثر ذلك في همس فهناك صمت دائم وعيون شارده خارج المكان واوراقها مبعثرة هنا وهناك واقلامها ساقطة بجوارها وهي جالسه على مكتبها الخشبي ووضعت جبعتها على حافة المكتب مغمضة عينها شاردة في عالم بعيد وعيونها مغرورقة بالدمع لاتدري ما أصابها وهي التي كانت ملئية بالحياة والفرح وعيونها الجميلة كانت تشع منها شموس السعادة وشفاهه لا تفارقها الابتسامة ابدا وهي رافضة كل محاولات الحديث معها ومجتنبة اصدقائها بالصف الدراسي تماما والكل يسأل ماذا أصاب همس؟
ولكن إجابة هذا السؤال حائرة بين الجميع فلا احد يستطيع إجابة هذا السؤال الا واحدة فقط هي همس، فالجميع اجمع ان هناك سرا ما وراء صمت همس الرهيب وحزنها القانط بداخلها وملامحه تظهر عليها فجعلها كاشباح الليل شارده اطفأ جمالها، وامها اصابتها حيرة كبيرة وتتألم الم شديدا على ما أصاب ابنتها وتسأل نفسها ماذا تفعل؟ فقامت وطرقت باب غرفه همس طرقه خفيفة ونادت بصوت رقيق همس أأنت مستيقظة وكانت همس الدموع تنهمر من عيونها وبصوت خافت كاد لايظهر نعم ماما انا لم انم ومسحت دمعها وقالت لها تفضلي امي؟ ودخلت الام ووجدتها على حالتها فاقتربت منها وامسكت برأسها ووضعته على صدرها وهي تقول لها همس بنيتي الصغيرة والجميلة وهي تمشي يدها على شعرها ما بك؟ اراكي حزينة وشارده؟ أهناك شي معك بالمدرسة؟ احدى زميلاتك قد اساءت اليك؟ وهمس صامته ولم تجيب والام مستمرة في طرح الأسئلة احد اساتذتك قد اساء اليك؟ ومازال الصمت مسيطر عليها
الام ياهمس يابنيتي قلبي ينفطر عليكي عنما اراكي هكذا ماذا اصابك انا امك بل صديقتك أنت دائما تقولي لي انني انا صديقتك اذا حديثيني كصديقة وليس كوالدتك همس تنظر اليها وتقول لها اتفهمين يامي؟ الام نعم ابنتي ساقدر كل شيئ تقصيه علي مهما كان صغير وانا اعتقد ان هناك شيئ معك بالمدرسة وهذا احساسي هل هذا صحيح
تعتدل همس وتقول نعم امي
الام: ما هناك معك؟
همس: يوسف
الام: يوسف من يكون يوسف؟
همس: سأقص عليكي كل شيء ولكن ارجوكي افهميني
الام: تداعبها وتداعب شعرها وتقول لها سأفهم ما تقوليه
الام: اخبريني عن يوسف..هذا؟
همس: انه شخص تعرفت به على الانترنت وكنت احدثة من وقت الي اخر ثم تطور حديثنا فكنا نتحدث يوميا واخذ يرسل الي صوره وبدأنا نتحدث كثيرا حتي تعلقت به وشعرت ان هناك شيئا بداخلى يتحرك نحوه كل ما أحاول امنع نفسي ان ابعد عنه اجدني اقترب اكثر واكثر وهو كذلك فنمت عاطفه بيننا وربطتنا ببعضنا البعض وحدثني عن نفسه وأهله وابيه وامه وكل شيئ عن حياته وقص لي كل شيئ وحتي اصدقه جعلني احادث والدته في مكالمه فديو حتي اصدقة.
الام: وهل هذا هو سبب الحزن الذي اراه في عينيكي والكأبة التي خطفت جمال وجهك؟
همس: لا ليس هذا
الام: اذا ما هناك
وبعد حديثنا اخبرني انه سيأتي ليلتقي بكم ليكون شيئا رسميا بينا، ومنذ ذلك اليوم الذي حدثني انه قادم لم اعرف عنه شيئا وقد اختفى تماما لاادري ماذا أصابه وهذا سبب قلقي وحزني.
الام بيتي ان شاء الله كل شيئ يكون بخير والان اخلدي الي النوم وفي الصباح اذهبي الي مدرستك وان شاء الله يكون كل شيئا بخير.
واشرقت شمس النهار والجو عاصف ريحه متربا وكان انذار بحادثة ستقع، واردت همس ملابسها كالعادة متجهة الي المدرسة ولكن همس غيرت طريقها بدلا من ذهابها الي المدرسة ركبت سيارة واتجهت الي محطة القطار حتي وصلت المحطة وهناك جلست والأفكار في راسها تحلق وتسأل نفسها أأركب القطار ام انتظر كلما يأتي قطار نفس السؤال تسأله فيكون الانتظار هو القرار ويمر اليوم سريعا وقد جثت الشمس فوق قمم الجبال تعلن مغادرتها ويقبل الليل مسرعا وهمس مازالت في المحطة ولصار في البيت هلع كبير على همس وغيابها وأجرت الاتصالات بجميع اصدقائها فاخبروهم بأنها لم تاتي اليوم الي المدرسة مما أصابهم بحيرة اكثر فانطلق الوالد الي مركز الشرطة لتحرير محضر بالاختفاء وسأل في المستشفيات ربما تكون تعرضت لحادث، وهي مازالت في المحطة منتظرة ماذا تفعل وكأنها فقدت الذاكره اذا تنظر حولها تجد الليل والدنيا ظلام فتنظر في ساعة الهاتف فتجدها العاشرة مساء فتصيبها دهشة وتقف وتخرج قليلا من باب المحطة وتنظر يمينا ويسار فلا تدري اين تذهب وترفض بداخلها الرجوع للمنزل وكانت لها صديقة على الفيس بوك فاثناء فتح هاتفها وجدت رساله منها تخبرها على حالها فأجرت بها اتصالا فكلمتها واخبرتها انها بالمحطة القطار فاخبرتها انها لاتتحرك من مكانها وانها سوف تحضر فهي بيتها قريبا منها وكانت صديقتها تقيم في المدينة أي قريبة من محطة القطار فنزلت من بيتها مسرعة وركبت تاكسي واخبرته ان يوصلها المحطة فوصلت وطلبت منه ان ينتظر قليلا ودخلت المحطة فوجدتها جالسه والقلق يسيطر عليها فنادت عليها همس فنظرت اليها وهي تقول لها فاطمة وارتمت في حضنها واخذتها وركبوا التاكسي وعادوا الي بيت فاطمة وعرفتها على والدها والدتها واخذتها فاطمة واحضرت لها طعام وملابس لتغير ومكثت في بيت فاطمة ثلاث أيام وسألها والد فاطمه همس بنتي اريد ان اسألك عن شيئ فقالت له تفضل ياعمي قال لها هل ابيكي وامك على علم بانك لدى فاطمة فنكثت رأسها الي الأرض قائلة لا انا لم اخبرهم انا خرجت ولم اكن ارعرف الي أي مكان اتجه ولكن ربنا الهمني ان اكلم فاطمة فقال لها الم تعرفي كيف يكون حالهما يابنيتي اكيد ابيكي وامك في الم وقلق ومشقة عليكي لابد ان تخبريهم فأخذ رقمهما واجري بهم اتصالا فرد عليه والد همس فقال له معك الحاج على ومعك بنت اسمها همس هي موجودة عندنا الاب اين هي وكيف حالها وما أصابها الحاج على لاتقلق هي هنا مع ابنتي واعطاه العنوان فانطلق الاب والام واخرين واستقلوا سياره حتي وصلوا الي العنوان فوجدوا همس فخافت همس من ابيها فارتمت في حضن أمها وهمست أمها اليها لقد اخبرتك انه مخادع لم تصدقيني ياهمس وما تفعلينه سيدمر حياتك وسمعتك بنتي فقالت لها تعلمت الدرس امي ورجعت الي البيت ذهبت لمركز الشرطة لقفيل المحضر وعادت همس بعد ان علمت ليس كل الأشخاص صادقين وعاد الربيع مبتسما وعادة الفرحه للبيت ومرت همس وعادة كما كانت.
تمت