الأربعاء ٢٥ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٢٤
بقلم مكرم رشيد الطالباني

بعيداً عن جمهورية أفلاطون

شعر: چنور نامق

أنا موسمٌ آخرَ الآنَ
وموعد غروبي غير معلومٌ
تَتَيَبّسُ فيَّ ذبابةٌ
وتستَكينُ بغربةٍ على غصنِ ضفيرتي الموشحة بالهموم
عصفورةٌ
يزورني الشتاءُ
ويبدو بيضاءً بيضاءً
فيما الصيفُ يذروَ رمادَ إنتظاري
والخريفُ يمرّ من جنبيَ
مرتدياً عباءةً صفراءَ
ويحسدُني الربيع
ليقطفَ بالهسيسِ أطواقَ شَعريَ الخضراءِ
ليتساقطَ بدوره

الآنَ أنا جزءٌ آخرَ من جسدِ النساء الغاضبات
متقرفصةٌ أمام الجناتِ
يحدقنَ فيَّ بحسَدٍ
هن لن يكفنَ عن الماراثون وأنا من زياراتي المفاجئة
الآنَ أنا نهرٌ آخرَ
لن تسمحَ الهموم الصغيرةَ لـ(فيرمينيا) أن تتعرّفَ علي الأسماكُ
تُلَوِنُني الأمطارُ
تغترِفُني طحالبُ الحياةِ
الآنَ أنا نهرٌ آخرَ
تخطفُ نحلةٌ منيّ قبلَةً
لتسقطَ على بضعِ خطواتِ منيّ
لتطمسَ نملةٌ تاريخ الأرضِ
بحبة قمحٍ ثقيلةٍ
فيما يهدمُ دارَ خياليَ غُرابٌ
ومن ثم تخطِفُ نحلةٌ أخرى قبلةً منيّ
لتسقطَ على بضعِ خطواتٍ منيّ
والآن تجدني ملأى بنحلاتٍ تواقاتٍ للقُبَلِ
بنملاتٍ ذي أحمالٍ ثِقالٍ
بعصافيرَ أضطربتْ نومها

وزعةٌ تلتهمُ البعوضَ
على مرأى من الشمسِ
فيما فراشةٌ تتلذّذُ بكلتا قدميها من قبلاتِ شفاهيَ
شبحٌ ينشرُ كفنٌ خُيّطَ حديثاً أمام مرآى ناظريّ
ملاكان يتشاجران حول الوجود
الصيفُ يرشني بالنارِ
والشتاءُ يُجَمّدُني
والخريفُ يُغَطّيني بعباءةٍ ناصعةِ البياضِ
فيما ها هو الربيعُ يسيرُ أمامَ جنازاتِ النحلاتِ
الوقتُ متأخرٌ وصخبُ موسمي هذا لا ينتهي
عنكبوتٌ
يبحثُ كيديكَ في ثنايا شعري عن القملِ
فيما تحرثُ دودةٌ أرضَ شُجَيراتي
يُبَلِغُني نورٌ بنبأ رحيلِ البرقِ
فيما الأشجارُ ترقصُ فيّ لدرجةٍ أهتزُّ
يا إلهي
لِمَ غدوتُ موسماً مدمراً غيرَ مُتصالحٍ
المزهریاتُ تملأُ نفسها من عِطريَ كلّ مساء
المسافرونَ يُعيدونَ آمالي إلى أحضانِ الحياةِ
بملء سلالهم
تَتَيبسُّ صرصورٌ بأمر النور على بضعِ خطواتٍ من إحدى شجيراتِ رغبتي
حان وقتُ غروبيَ الآن
يخطفُ عصفورٌ، نملةٌ ناظري
ونحلةٌ تخطفُ شفاهي
على إثر وقعَ أقدامهِ
يقوم خيالي بمَحوِ مواسمي 2013

عن ديوان (لن أعودَ إلى دار الفؤاد)، جنور نامق، طبعة 2022.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى