الاثنين ١١ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٢٤
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

وفاة الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة

توفى صباح يوم الأحد 10 نوفمبر 2024 الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة وشيعت جنازته بعد صلاة الظهر من مسجد السيدة نفيسة وتوارى جثمانه في مقبرة الأسرة بالسادس من أكتوبر واقتصر العزاء على أداء مراسم تشييع الجنازة تنفيذا لوصيته وقد نعته وزارة الثقافة والهئية الوطنية للإعلام كما نعاه اتحاد كتاب مصر والعرب

يذكر أن الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة من مواليد عام 1937 في قرية الودي مركز الصف بمحافظة الجيزة وأول ما صافح أذنه من الشعر هو بيتان للمدرس الأوليّ كان يُدرس له فى مدرسة الودى وهو الشيخ عبد الرازق أبو سنة وقد هجاه لأنه كان طفلًا مشاغبًا ولأنّ الشعر لغةٌ خاصةٌ تتمتع بالجاذبية والسحرية والدهشة فذاع هذان البيتان فى المدرسة فأصبح محمد معروفًا بأنه الإنسان الذى هجاه المدرس

عندما بلغ محمد إبراهيم أبو سنة العاشرة من عمره اغترب عن أهله ليلتحق بمدرسة شويكار قادم الأولية لحفظ القرآن الكريم بجوار سيدنا الحسين وبعد حفظ القرآن الكريم التحق بمعهد القاهرة الدينى الابتدائى ثم الثانوى فالتقى بمساحةٍ هائلةٍ من الأشعار هذه القصائد التى تمتد من العصر الجاهلى حتى الآن وتوقف كشابٍ مشغولٍ بالولع بالجمال وبالمرأة والحب كما توقف عند الشعر العذرى لجميل بن معمر ومجنون ليلى قيس بن الملوح وكثير بن عبد الرحمن وهو كثير عزة وكان هؤلاء يكتبون فى الإطار التقليدى ولكن هناك شاعر تميز عنهم بالجرأة والعصرية هو عمر بن أبى ربيعة الذى عنده صورةً للواقع الذى عاش فيه وصورةً للغة الجديدة التى ابتكرها فى قصائده ودواوينه ففتن محمد إبراهيم أبو سنة به وكان أول من استفزه للالتفات إلى المرأة فى جمالها وفتنتها وقدرتها على الحوار العاطفى مع الرجل

أيضا هناك شاعرة ألهمته الكتابة بهذا الشكل الجديد فى القصيدة الحديثة وهى العراقية نازك الملائكة فقد قرأ الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة ديوانها الصادر فى نهاية الخمسينيات بعنوان قرارة الموجة وحمل هذا الديوان معه إلى القرية وكان يقرؤه بافتتانٍ شديدٍ ويردد قصائده

عام 1963 كان محمد إبراهيم أبو سنة يتردد على الدكتور لويس عوض فى صحيفة الأهرام وكانت فى ذلك الوقت تنشر نماذج شعرية لكبار الشعراء المصريين والعرب منهم صلاح عبد الصبور وأحمد عبدالمعطى حجازى وعبد الوهاب البياتى فحمل محمد إبراهيم أبو سنة قصيدةً لنشرها فى ملحق الأهرام وكانت تحمل عنوان (الذين يسرقون حبكم) واستقبله وقتها الدكتور لويس بتحفظٍ وقرأ القصيدة أمامه وقال: إنها صالحةٌ للنشر.. ولكن لن أنشرها فارتبك محمد إبراهيم أبو سنة ثم فقال له : أنت مريض بالمرض الرومانسى .. ولا أريد أن أنشر لك هذه القصيدة حتى لا أضعك بين شعراء كبار صلاح عبد الصبور وعبد الوهاب البياتى وعندما لاحظ ازدياد غضب محمد إبراهيم أبو سنة قال له: وأنا أيضًا مريض بهذا المرض وردد: أريد أن تقدم لى أفضل قصيدة كتبتها

ذهب محمد إبراهيم أبو سنة مرة ثانية إلى صحيفة الأهرام عندما كان يدرس في السنة الرابعة بكلية العربية وكان الشاعر صلاح عبد الصبور ينوب عن الدكتور لويس عوض الذى كان على سفرٍ وقدم محمد إبراهيم أبو سنة قصيدة كتبها بعنوان (عندما نكون وحدنا) لمعرفة رأي الشاعر صلاح عبد الصبور وعندما قرأها أعجب بها ونُشرها في صحيفة الأهرام يوم 31 يناير 1964 فغمرت السعادة قلب محمد إبراهيم أبو سنة

عام 1964 تخرج محمد إبراهيم أبو سنة فى كلية اللغة العربية جامعة الأزهر بدرجة جيد جداً مع مرتبة الشرف الثانية وعمل محرراً سياسياً بالهيئة العامة للاستعالامات في الفترة من 1965 إلى يناير 1976 حيث نقل للعمل بإذاعة البرنامج الثقافي بالإذاعة إلى أن أصبح مديراً عاماً للمتابعة في 1995 ثم مديراً عاماً لإذاعة البرنامج الثقافي عام 1995 ورقي إلى وكيل وزارة عام 1999 وأصبح نائباً لرئيس الشبكة الثقافية بالإذاعة فنائباً لرئيس الإذاعة المصرية .

قدم الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة للمكتبة العربية العديد من مؤلفاته ففي مجال الشعر نذكر من دواوينه الشعرية: قلبي وغازلة الثوب الأزرق وحديقة الشتاء والصراخ في الآبار القديمة وأجراس المساء وتأملات في المدن الحجرية والبحر موعدنا ومرايا النهار البعيدة ورماد الأسئلة الخضراء ورقصات نيلية وورد الفصول الأخيرة وشجر الكلام وأغاني الماء وفي مجال المسرحيات الشعرية نذكر : حمزة العرب (مسرحية شعرية وحصار القلعة وفي مجال الأعمال النثرية والدراسات نذكر: فلسفة المثل الشعبي ودراسات في الشعر العربي وأصوات وأصداء وقصائد لا تموت وتجارب نقدية وقضايا أدبية وتأملات نقدية في الحديقة الشعرية وربيع الكلمات وآفاق شعرية ومضات من القديم والجديد.

ترجمت العديد من أشعار محمد إبراهيم أبو سنة إلى عدة لغات أجنبية منها: الإنجليزية والفرنسية والروسية والإسبانية والمقدونية والهولندية واليونانية والبنجابية والإيطالية والألمانية.

الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة من الأعضاء المؤسسين لاتحاد كتاب مصر وحصل على عضو لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة واللجنة المركزية للنصوص الغنائية باتحاد الإذاعة والتليفزيون والفرع المصري لنادي القلم الدولي

حصل الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة على منحتين للتفرغ الأدبي عامي 1968م و1967م بالإضافة الزمالة الشرفية من جامعة أيوا الأمريكية في عام 1980 وجائزة الدولة التشجيعية في الشعر عام 1984 عن ديوانه البحر موعدنا وجائزة كفافيس عام 1990م عن ديوانه رماد الأسنة الخضراء وجائزة أحسن ديوان مصري في عام 1993 وجائزة أندلسية للثقافة والعلوم عن ديوانه رقصات نيلية في عام 1997 وجائزة محمد حسن فقي عن ديوانه ورد الفصول الأخيرة وجائزة جامعة شتيرن بألمانيا عن كتاب العرب والأدب المهاجر عام 2008 بالإضافة إلى جائزة النيل في الآداب عام 2024


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى