فاروق جويدة وصالح جودت
أثناء دراسة فاروق جويدة في الجامعة كان يكتب الشعر وأراد أن يعرف من النقاد والمختصين مدى موهبته ليقرر مواصلة كتابة الشعر أو التوقف وبالفعل عرض كتاباته على الدكتور شوقي ضيف أستاذه في الكلية فقال له: أنت بتكب شعر من الشباك.. فقال له: كيف؟ قال: عندما تحب سوف تكتب شعر بصحيح.
ثم ذهب فاروق جويدة إلى الشاعر الصحفي صالح جودت وقال له: قريب لي يكتب الشعر وهذه بعض كتاباته وأتمنى معرفة رأيك؟ وبعد أيام قال له: ما اسم قريبك؟ فقال فاروق جويدة: لماذا ؟ قال الشاعر صالح جودت: قريبك شاعر وأنا ناشر قصيدة له في العدد القادم لمجلة الهلال وعاوز اسمه .. فقال: الشاعر هو فاروق جويدة.
يذكر أن الدكتور شوقي ضيف من مواليد 13 يناير عام 1910 في دمياط وتوفى يوم 10 مارس عام 2005 وأن الشاعر الصحفي والإذاعي صالح جودت من مواليد 12 ديسمبر عام 1912 في الزقازيق وتوفى يوم 22 يونيو عام 1976 وأن الشاعر الصحفي فاروق جويدة من مواليد 10 فبراير عام 1946 في قلين بمحافظة كفر الشيخ وعاش طفولته في محافظة البحيرة وتخرج من كلية الآداب قسم الصحافة عام 1968 وعمل في صحيفة الأهرام وقدم للمكتبة العربية مجموعة من دواوين ومسرحياته الشعرية ويعد من أشهر الشعراء في مصر والدول العربية وقد كتبت عنه كتابي الصادر عام 2008 بعنوان الحب والوطن في شعر فاروق جويدة ومن أشعاره أذكر قوله :
يا سادة الأحقاد
مصر بشعبها .. بترابها
بصلابة الإيمان
مصر العظيمة
سوف تبقى دائماً
فوق الخداع
وفوق كل جبان
مصر العظيمة
سوف تبقى دائماً
حلم الغريب
وواحة الحيران
مصر العظيمة
سوف تبقى دائماً
بين الورى فخراً
لكل زمان
يا من تريدون الزعامة ويحكم
مصر العظيمة
كعبة الأوطان.
أذكر أيضا أن الشاعر فاروق جويدة نسخة من ديوانه (حبيبتي لاترحلي ) إلى العندليب عبد الحليم حافظ وعندما قرأه عبد الحليم توقف عند قصيدة (عندما ننتظر القطار) ووضعها في جدول أعماله واتصل بالشاعر فاروق جويدة وأخبره أن قصيدة (عندما ننتظر القطار) ستكون أول قصيدة يغنيها بعد قصيدة قارئة الفنجان وعلق عبد الحليم على قصيدة أن للقطار مكانة في قلب كل إنسان ربما أخذ القطار من الإنسان حبيبا وربما حمل إليه حبيبا وأختار عبد الحليم ملحنا كبيرا ليلحنها وأعجب هذا الملحن بالقصيدة أيضا وعندما بدأ يستعد الملحن لتلحينها أشفق على عبد الحليم حافظ وكان يومها كان عبد الحليم سافر إلى الخارج للعلاج من غناء كلمات القصيدة الغارقة في الحزن واقترح على الشاعر فاروق جويدة أن يقوم بتعديل المقطع الأخير في القصيدة وأن يضيف إلى نهايتها قدرا من التفاؤل بأن تعود الحبيبة مع نهاية القصيدة فوافق على اقتراح الملحن وعندما عاد عبد الحليم من رحلة العلاج اتصل به الشاعر فاروق جويدة ليخبره بمقترح الملحن ولكن عبد الحليم رد على الشاعر بصوت حزين أنه مصر على غناء القصيدة بنهايتها كما هى ولكن القدر لم يمهل عبد الحليم لغناء القصيدة
تقول كلمات القصيدة:
قالت: سأرجع ذات يوم
عندما يأتي الربيع
وجلست أنظر نحوها
كالطفل يبكي غربة الأبوين
كالأمل الوديع
تتمزق الأيام في قلبي
ويصفعني الصقيع
كان الخريف يمد أطياف الظلال
والشمس خلف الأفق تخنقها الروابي .. والجبال
ونسائم الصيف العجوز
تدب حيرى .. في السماء
وأصابع الأيام تلدغنا
ويفزعنا الشتاء
والناس خلف الباب تنتظر القطار
والساعة الحمقى تدق فتختفي
في الليل أطياف النهار
واليأس فوق مقاعد الأحزان
يدعوني .. فأسرع بالفرار
* * *
الآن قد جاء الرحيل
وأخذت أسأل كل شيء حولنا
ونظرت للصمت الحزين
لعلني .. أجد الجواب
أترى يعود الطير من بعد اغتراب؟
وتصافحت بين الدموع عيوننا
ومددت قلبي للسماء
لم يبق شيء غير دخان
يسير على الفضاء
ونظرت للدخان شيء من بقايا يعزيني
وقد عز اللقاء
* * *
ورجعت وحدي في الطريق
اليأس فوق مقاعد الأحزان
يدعوني إلى اللحن الحزين
وذهبت أنت وعشت وحدي .. كالسجين
هذي سنين العمر ضاعت
وانتهى حلم السنين
قد قلت:
سوف أعود يوما عندما يأتي الربيع
وأتي الربيع وبعده كم جاء للدنيا .. ربيع
والليل يمضي .. والنهار
في كل يوم أبعث الآمال في قلبي
فأنتظر القطار
الناس عادت .. والربيع أتى
وذاق القلب يأس الانتظار
أترى نسيت حبيبتي؟
أم أن تذكرة القطار تمزقت
وطويت فيها .. قصتي؟
يا ليتني قبل الرحيل تركت عندك ساعتي
فلقد ذهبت حبيبتي
ونسيت .. ميعاد القطار.