الندى والموت ـ القسم الأول
الإهداء
لشيءٍ يُـطارِدُني في الـمَساءِ
كَـطَيفِ الوَسَـن
يـُهَـدهِدُني
مِـثلَ مَـهدِ الصغير
ويَـقسو عليَّ
فأهوِي حُـطامَـاً
بقايا وَثـــَـن
. لهذا الوَطـَـــن
ممدوح الشيخ
مِـن أوراقِ عاشِق
مُـفـتَـتَـح
" لا تــعطـني
إلا عيونَ حبيبتي
فأنا مُسَافِر
آخيتُ ترحالي
وعوَّدتُ الضلوعَ
على الخناجِـر
كفٌ تُـصافِحُني
وعَينٌ
تحتوي حُزني
وروحٌ . . .
ترتدي
رُعبَ المُحاصَر "
1 ( وَرَقَـةٌ أُولـَى ) ( رَحـيـل )
سَـآوِي إلى جَـبَـلٍ
يَـعـصِـمُ الـقَـلـبَ
مِـن حُـزنـِهِ
حِـيـنَ تـحـتَـجِـبـينَ
وراءَ غَـمامِ الرحِيل
وأبـحَـثُ
عن قِـصَّـةٍ للصـحابِ
تـُزيِّـفُ ما طَـلَّ
من قُـبحِـنا
بـغِـطَـاءٍ
نـــَـبـيـل
وأُطـفِـئُ
قِنـديـلَ تـَرحَـالِـنا في البِـلادِ
نُـفَـتِّـشُ عن مُـدُنٍ
تـَحـتَـويـنا
فـنَـملَـؤها . . .
بالبـُكَـاءِ الـجَمـيل
2 (وَرَقَـةٌ ثَـانـيـة ) ( نِـزَال )
أَغـمـِدي عَـيـنَـيـكِ
يـا سـيّـدَتي
إنـَّني أصـغَـرُ
مِـن هـذا الـِنـزَال
رايَـتي الـبَـيضَـاءُ
ذِي في مَـفـرِقي
فـأنــــَا الـمَـهـزُومُ
مِـن غَـيرِ قِـتَـال
وأنـا الـهَـارِبُ
مـِن صَـبـوَتـِه
وأنـــَا الـمُـمـكِنُ
والوَهـمُ الـمُحـَـال
أَلـَقُ الثَـلجِ الـذي في هـامَـتي
ألـَقُ الـثَـلـجِ
بِـهَـامـَاتِ الـِجـبـَال
3 (وَرَقَـةٌ ثَـالِـثة ) ( عِـطـرُ الغِـوايـة )
فَـتَـاةٌ
بِـطَـعـمِ الـتَـوَهُّـجِ
والأرَقِ الـمُسـتَـبِد
بـعِـطـرِ الـغِـوايـة تَـحـصُـرُني
بـَيـنَ ثـــَـلــجِ الـفِـراقِ
ونــــَارِ الـجَـسَـد
وأنــــَا
واحِـدٌ ووَحِـيدٌ
بِـلا سَـاعِـدٍ
أو سَـنَـد
أنـُقـِّبُ في الـرِيـحِ عَـنـهَا
وأَهـرُبُ مِـنـهَا
إِذا خِـلـتُ أني أجِـد
4 (وَرَقَـةٌ رَابـِعَـة ) ( رَحَـلـُوا )
رَحَـلـُوا
وما بـَقِـيَـت
سِـوَى الأشـعَـارُ
والـزَفَـرَات
والـحُـزنُ يَـطوِيـنَـا
لِـسَـانٌ مِـن دَمٍ
من طَـنجَـةٍ
حَـتَّى الـفُـرات
رَحَـلـــُوا
فَـلا الأَفـكَـارُ تَـنـفَـعُـنَـا
ولا الـسَـكَـرَات
5 (وَرَقَـةٌ خَـامِـسَـة ) ( مُـفـعَـماً ، جَـاءَ )
ذاتَ يَـومٍ
مـَضَـى
ثُـمَّ عَـادَ وَحِـيـداً
مُـفـعَـمَـاً جَـاءَ
بِـالـشَـوقِ
والـحُـزنِ
والأسـئِـلَـة
كَـطِـفـلٍ
يُـفَـتِّـشُ عَـن أُمِّـه
في دُروبٍ
مِـنَ الـوَحـشَـةِ الـقَـاحِـلَـة
(وَرَقَـةٌ أَخـيـرَة)
اغـفِـرِي لي .. ..
حِـنـيـني إِليـكِ
اغـفِـري لي حنيني
اغـفِـري لي .. ..
إِذا طُـفـتُ تــــَـحتِ الـنَـوافِـذِ
أو سِـرتُ
عِـنـدَ أريكَـتِـنا البـَاكِـية
**
اغـفِـري لي
إِذا شُـفـتُ عَـينـيكِ
في لُـقمَـةِ الـخُبـزِ
أو
فَـوقَ حَـائِـطِ غُـرفَـتيَ الـخَـالِـية
**
اغـفِـري لي .. ..
فـبَـعـدَكِ
لا قِـصَّـةٌ آتـيـة
**
أَنــــَامُ .. .. ..
أَنــــَامُ عَـلى راحَـتـيـكِ
قَـلِـيـلاً
فـيُـوقِـظُـني خِـنجَـرٌ
ثُـمَّ أَغـفُـو
**
وأَغـفُـو عَـلى راحَـتـيكِ
كِـطِـفـلٍ
فَـأغـرَقُ
لـكِـنّ حـُلـميَ
يَـطـفُـو
**
أنــــَامُ عَـلى راحَـتـيكِ قَـتـيـلاً
قَـتـيـلاً أنـــــَـامُ
فَـعَـيـنَـاكِ تــــَـغـفُـو !!
**
أَطَـلَّ الـصَـبـحُ
أَطَـلَّ عَـلى وَطَـنِي الـصُـبـحُ
لــَم يَـندَهِـش
وغَـاصَ بـَأضلاعِـهِ الـرُمـحُ
لَـم يَـرتـَعِـش
وتــــَـاقَ إلى الـبَـوحِ
لَـكِـنَّـه
كَـانَ يـــَـخـشَـى عَـلى الـقَـيدِ
أَن يَـنـخَـدِش !!
**
أنَـا أنَـا
يَـا أَيـُّـها الـحُـزنُ الـنَـبـيـلُ
أنـــَـا أنــــَـا
قِـنـديـلُ أُغنـيَـتِي الـنَـحِـيـلُ
يُـضِـيءُ كُـلَّ شَـوارِع الـتَـرحَـالِ
مُـنـتَـصِـبـاً
عَـلى حَـدِّ الـقَـنَـا
وأنـــــَـا أنـــــَا
**
دَافَـعـتُ عَـن سُـورِ الـمَـدِيـنَـةِ
حِـيـنَ فَـرَّ جُـنُـودُهـَا
ونـــَــثَـرتُ أسـئِـلَـتِي
عَـلى أبـوَابِـهِـا
وصَـحِـبـتُ فيـها الـشَـمسَ
مِـن مِـيلادِهـا
لِغُـروبِـهَـا
وأَكَــــلـتُ
خُـبـزَ حَـنِـيـنِـهَـا
وطَـعِـمـتُ غُـربَـتَـها
احـتَـضَـنتُ أنِـيـنَـها
وقَـرَأتُ حُـزنَ دُروبِـهـا
**
فـعَـرَفـتُ
حِيـنَ تـــــَسَـاقَـطَ الـشُـهَـدَاءُ
مَـا اسـمُ مَـدِيـنَـتي
وعَـرَفـتُ أنَّ هُـويَّـتي
أنــــّي أنــــَـا
**
قِـيــثَــارَ تي سَـيـفِـي
وزَادِي
حِـنـطَـةُ الـتَـذكَــــار
أنـثُـرُهَـا
فَـتـخـضَـرَّ الـمُـنَى
وأنــــَـا أنــــَـا
**
الـرَّحِـيـقُ الـسَّـرمَـدي
يـا شَـارِع الأزهَـارِ
بــُـح لي
بـالـرَحِـيـقِ الـسَـرمَـدِي
بُـــح لي
بِـسِـر أُمَـومَـةِ الأَرضِ الـحِـزيـنَـة
لـلــرِجَـالِ الـقَـادِمِـيـنَ
مِـنَ الـمَخَـاضِ الأَوَّلِي
**
يـــا شَـارِع الأَزهَـارِ
بُـــح لي
وابـدَأ الـتَـارِيـخَ
ثـــَـانـيَـةً
لأنِّي
لا يُـطَـاوِعُـِني الـتَـمَـرُّد
يـا شَـارِع الأزهَـارِ
بُـــح لي
إِنــــَّنــي
مِـن أَلـــفِ عَـامٍ
لَم أُغَـرِّد
**
سَـمـرَاءُ
سَـمـرَاءُ
تَـحـمـِلُ
حُـزنَ قُـبّـرَةٍ
وصَـبـرَ مُـقَـاتِـلٍ
وإِبـــَـاءَ شَـاعِـر
تُـنـبِـيـكَ عَـيـنَـاهـا
عَـنِ الأَوطَـانِ
في صَـمـتٍ
مُـكَـابِـر
**
لا فُـلـكَ يَـحـمِلـُهَـا
إلى جَـبَـلٍ
إِذا الـطُـوفَـانُ حَـاصَـرَهَـا .. ..
ولا
فَـرَسٌ مُـغَـامِـر
**
سِـحـرُ عَـيـنَـيـكِ
دَعِـيني
أَرَى خَـلـفَ عَـيـنَـيـكِ
مَـا لا يُـرَى
دَعِـيني
أُحَـاصِـرُ فِـيـكِ
انـهـيَـارَ الـذُرَى
ومَـوتَ الـعَـصَـافِـيـرِ
في رَدهَـاتِ الـقُـصُـورِ
وفَـوقَ ضُـلُـوعِ الـقُـرَى
**
دَعِـيني
ولا تَـمـنَـحِـي سِـحـرَ عَـيـنَـيكِ
لـلـسَـامِـرِي
فَـقَـد يَـمـلِـكُ الـمَـرءُ
وَجـهَ نَـبـيٍّ
وقَـلـبَ دَعِـيّ
**
مُـرِّي خِـلـسَـةً
مِـن طَـنـجَـةٍ لـلـشَـامِ
جُـرحِـي غَـائِـرٌ
يـا طِـفـلَتِـي
لا تَـنـكَـئِي
أَحـزَانِي
مُـرِّي بِـأبـيَـاتِ الـقَـصِـيـدَةِ
خِـلسَـةً
ودَعِـي لـــَــهِــــيبَ مَـشَـاعِـرِي
يَـنسَـانِي
فَـوَرَاءَ صَـمـتِ مَـلامِـحِـي
يَـبـكِـي دَمـــَـاً
قَـلـبِـي الذي مِـن حُـزنِـهِ
أَعـيَـانِي
**
سَـافَـرتُ
مَـعـشُـوقَـــاً
وعُـدتُ
مُـضَــرَجَـاً
بِـالـــحُـزنِ
أجـمَـعُ بِـالـبُـكَـا
أَشـلائي
مَـرَّت عـلى جَـسَـدِي الـسُـنُـونُ
خَـنَـاجِـراً
وبِـكِـلـمَـةٍ
أصـبَـحـتُ خَـيـطَ دُخَـانِ
وحُـطَـامَ تـــَـمـثَـالٍ
وقِـصَّـةَ عَـاشِـقٍ
لا يَـحـتَـوِيـهَـا مَـنـطِـقِـي
ولـِسَـانـي
تــــَـغـتَـالُـنِـي الـكِـلـمَات
حِـــيـنَ أَقُـولُـــهـَا
تـــَـجـتَـــاحُـــنـي ذِكـرَاكِ
في أَشـيَـائي
**
يـا أَيـهَـا الـذَنـبُ الـذي
أَدمَـنّـتُـهُ
قَـد كُـنتِ لي بَـيـتِـي
وكُـنـتِ رِدَائـي
الآنَ
أشَـعُـرُ أَنـَّنِـي عَـارٍ
إذا
لـلـذِكـرَيـاتِ
فَـتَـحـتُ بـَابَ خُـبَـائي
**
هَـل صِـرتِ حَـقَّـــــاً
بَـعـدَ مَـوتِ وَلِـيـدِنـــَـا
مَـاضٍ
تُـدَحـرِجُـهُ الـسُـنُـونُ وَرَائـي ؟ !
أَم أَنـتِ آَتٍ
لا أُطِـيـقُ لِـقَـاءَهُ
وفِـرَاقُـهُ
أقـسَـى مِـنَ الإِرجَـاءِ ؟
أَم شَـوكَـةٌ
في كُـلِّ مَـهـدٍ ضَـمَّـني
حَـتَّى أَلِـفـتُ الـوَخـزَ
في أَعـضَـائي ؟ !
**
ضِـدَّانِ نــــَحـنُ
وبَـيـنَـنـا يـا طِـفـلَتِـي
أَلـفٌ مِـنَ الـحُـرَّاسِ
والأَبــَـوَابِ
طِـفـلانِ في دَربٍ طَـوِيـلٍ
رُبـَّمَـا
خُـضـنَـاهُ نــــَـركُـضُ
خَـلـفَ خَـيـطِ سَـرَابِ
هَـذا الـضَـبَـابُ يَـــلُـفُّـنـا
وَوَرَاَءهُ
سَـنَـكُـونُ صَـرعَـى
وَهـمِـنَـا الـكَـذَّابِ
**