الأربعاء ٦ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٢٣
بقلم أسامة محمد صالح زامل

الجرّافة

جعلتَ العُمرَ عُمريْن: أنوفٌ
مضى ما زلتُ أبكيهِ حنينا
وكَلٌّ لم يزلْ يبكي أخاهُ
ونشهدُ كلَّ مُبكٍ صامتينا
وإنّا إذ يُجمِّعُنا بكاءٌ
فليس لمَن سِواك البتُّ فينا
أمِ امتلأَتْ جداولُك امتثالاً
لعقدِ شراكةٍ معْ قاتلينا
فكان الشرطُ أنّ الطفلَ أولىْ
وأولىْ منهُ من أضحى جَنينا
وأنّ الكهلَ أولىْ من عجوزٍ
و أولىْ منهُما ذو الأرْبعينا
فنوقنُ كلّما حمَلتْ إماءٌ
بأنّا ما نزالُ مُؤَجّلينا
ونُحصيْ العمرَ ما قدْ راحَ منهُ
و ما ظلّ لنا حتّى تحِينا
ونشرعُ في احتسابِ الموتِ منْ ما
تَ قنصاً أو حِصاراً أو سجينا
تعالى اللهُ بالحقِّ خُلقنا
وأُورثنا الحياةَ مُكلّفينا
عدايَ بما تبقّى من سنينٍ
فإنّا جملةً في الشّاهدِينا
يموتُ الفردُ منّا مُستحيلا
لمشروعٍ بدعمِ "مُمَولّينا"
ولا يُحصيْ العدوُّ لنا قتالى
ولا يدريْ الصديقُ اسمَ أخينا
فإنْ سألوا عنِ الأعْدادِ قُلنا:
بنا الأرضُ غدتْ في النّاطِقينا
فإنْ لمْ تسطعِ الأرضُ فهذي
جيوبُ القوْمِ شرُّ الحاسِبينا
فإنْ خَشِيتْ جيوبهُمُ فإنّ
البطونَ لتفضحُ السرَّ الّدفينا
فإنْ كذبتْ وكمْ كَذبتْ وقالتْ:
مُلئنا زيتَ جفتٍ أو طَحِينا
أحَلناهُم لأفئدةِ الثّكالىْ
فبيتُ الدّمعِ حتْماً لنْ يَمينا
فمعْ كلّ شهيدٍ دَمعتانِ
فقطْ صَوناً لحقِّ القادِمينا
ومع كلّ شهيدٍ جُملتانِ
على لُسْن الأشقّاء قُرونا
ومع كلّ شهيدٍ صفعتانِ
من الأعرابِ نقلاً لا يقينا
ألا أقبِحْ بها سُنناً فردُّوا
لما شئتمْ خلا الإسلامَ دينا
بها رقصَتْ قِحابٌ الأرضِ رقصًا
على الأصْحابِ قبلَ التابعينا
ولولا غضبةٌ للهِ عندَ
الأباعدِ ما نجا مثوى نبِينا
فيا شؤمَ زمانٍ فيهِ ديسَ
الصّحابُ كما يُداسُ الطفلُ فينا
فما شفعَتْ لهذا أوْ لأُولا
ءِ نِسبتهمْ لخيرِ الشّافعينا
يموتُ عجوزنا كهلاً وأولا
ء قد ماتوا شباباً يافِعينا
ويافُعنا المُخيَّلُ ماتَ طفلا
وأمّا الطفلُ قدْ ماتَ جنينا
فلا أحياءَ في وطنِي فقولوا
لنا باللهِ من همْ وارثونا؟!
فلا بأسَ إذا أنتُم ورثتمْ
بُعَيْدَ رحيلِنا أقصىً مكِينا
وحيْفا والجليلَ وبيت لحمٍ
وعكّا والخليلَ وعيْلبونا
ولكنّي أرىْ أحفادَ عادٍ
وقد صَاروا عليكُم آمرينا
ولوْ نطقَ العتيقُ لكمْ أو ابنُ
الوليدِ لثبّتوا لكمُ اليقينا
فلا همْ وُلْدُ عدنانٍ ولا همْ
لقحطانٍ وليْسوا مُسلمينا


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى