أخرجوا من إحباطكم
وصلني بالبريد الالكتروني رسالة من صديقة تشعر بالإحباط مما يجري حولها ، وبدلا من الرد عليها مباشرة كان هذا الموضوع لما لهذا الشعور ـ شعور الإحباط ـ من أهمية .
عزيزتي الغالية
كثيرا ما تساءلت وأنا أقرأ رسائل الأصدقاء او المعارف او القراء المحبطين في هذا الزمن الصعب ، ما هي الدوافع التي تصيب الانسان بالاحباط ؟؟
تساءلت باحثا عن إجابة تقنعني قبل ان تقنعهم ، ذلك انني واحد من الذين اصيبوا كثيرا بالاحباط وضاقت بهم السبل حتى وكان الدنيا اظلمت وما عادت الشمس تشرق كل صباح .
نعم تساءلت كثيرا وأنا أبحث ذات اليمين وذات اليسار وأطيل النظر الى الأمام ثم أعود اتأمل الخلف ، حتى قادني تساؤلي الى نتيجة واحدة وهي ان الانسان المصاب بالإحباط ، أو بشكل أدق الذي يشعر بالإحباط ، انما يصل الى ذلك الشعور لأنه ينظر للحياة باتجاه واحد تماما كمن يسير في شارع باتجاه واحد لا يستطيع العودة منه مرة اخرى الا اذا قرر ان يقاوم كل من يسير خلفه . وإذا ما فشل هذا الانسان في تجربة ما في حياته ، او فقد عزيزا عليه أو تخلى عنه اصدقاؤه ، ينهار بسرعة ويشعر بعدم جدوى الحياة ، فينعزل عن الناس لفترة قد تكون قصيرة او طويلة ، بل ان بعضهم يصاب بالاكتئاب ويكفر بكل القيم الانسانية ثم يفقد ثقته بكل من حوله حتى اكثر الناس قربا ومحبة له .
المحبطون في هذه الحياة كثيرون ـ فهموم الدنيا كثيرة ـ وهم مهددون ان لم يتخلصوا من احباطهم ان يخسروا كل شيئ تبقى لهم في هذه الحياة . وبما ان الايام تمر بسرعة ويفنى العمر فان الانسان وخصوصا الذي يشعر بالاحباط مطالب بالخروج من إحباطه والخروج من يأسه حتى لا يقوده إحباطه ويأسه الى الهاوية .
ولكي يتخلص الانسان من شعوره بالاحباط عليه ان يخرج من المسلك الذي وضع نفسه فيه ليسير في كل الاتجاهات باحثا عن افضل الطرق التي تجلب السعادة له ، او التي توصله الى هدفه بأمان .
عزيزتي الغالية
نعم قد يفشل الانسان في مباراة رياضية امام خصم امهر منه لكنه ينجح بتفوق اكبر في دراسته ويكون مثار اعجاب زملائه .
وقد يرسب طالب في الامتحانات ولا يوفق في المدرسة لكن الامتحان الحقيقي هو امتحان الحياة الذي قد ينجح فيه إنسان واحد ويتفوق على الاف الطلاب المتفوقين في دراستهم . واذا فشل طالب في ان يكون طبيبا او مهندسا او مبرمجا للكمبيوتر ـ الحاسوب الشخصي ـ فقد ينجح في العزف على الة موسيقية ويبدع لحنا رائعا يجذب فيه العشاق وقلوب العذارى .
واذا فشل مهندس في تصميم بناء كبير فقد ينجح في ابداع اجمل قصيدة شعرية خالدة .
مجالات الحياة كثيرة ومتعددة وليس بالضرورة اذا فشل الانسان في تجربة واحدة ان يعتبرها نهاية الحياة ، اذ عليه ليس فقط ان يعيد التجربة بل ان يبحث عن ذاته في اطار جديد .
فقد يخسر الانسان اصدقاءه ويتخلوا عنه لان ظروفهم تغيرت او لاي سبب كان وربما يشعر الانسان حينها ان لا احد جدير بالثقة مع ان في مكان قريب منه اناس يحبونه وهو لا يشعر بمحبتهم .
عزيزتي
قد تبكي امراة حظها وتندب صبية بختها لان فارس احلامها لم يات بعد وربما تشعر فتاة بالاحباط لانها خسرت حبيبها وان لا احد يحبها ، في الوقت الذي يكون فيه شاب على الطرف الاخر يتمنى لو اتيحت له الظروف للتحدث معها والبوح بحبه لها .
لا تقولي لي يا عزيزتي ان الانسان قد يفشل بكل شيئ في الحياة ، لاني ساقول لك حينها ، قد يكسب الانسان الاخرة وهي خير وابقى ، ولو بقي لديك امل بسيط ان الانسان قد يخسر الدنيا والاخرة ، اقول لك بقي لديه مفاجأة كبيرة ، رحمه الله " ولا تقنطوا من رحمة الله " ، والان لن تستطيعي ان تسأليني ماذا عن الذي لا رحمه له ذلك ان رحمته سبحانه وتعالى لا سلطان لاحد عليها ولا يعرف الغيب سواه . من يدري فقد يغفر الله لانسان ذنوبه لانه زار مريضا او تصدق لفقير محتاج او عزف لحنا يطرب له قلوب حزينة او ابتسم في وجه طفل وأدخل السعادة الى قلبه .