الأحد ٢٦ حزيران (يونيو) ٢٠١١
بقلم سامية إدريس

أتوشح المساء

ترمقني عمتي من علياء برجها الخمسيني الباذخ. أعرف تلك النظرة المستفزة ، أعرف مهاتراتها، هي لا تبوح تستكثر علئ راحة صغيرة. ولكني أقرأ السر بطريقتي أسرقه من حركة شفتيها الخفية، تقول عمتي من خلف الصمت: " الحلم يا صغيرتي ليس فاكهة ناضجة، لكنه فسيلة نحن نربيها بأيدينا وندلل خضرتها".

تضيف عمتي في صمتها المنزوي: الحلم يا صغيرتي شجيرة تمد عنقها نحو الشمس لترضع الضوء. الحلم كالجنين له آلام ومخاض وزقزقة، لأنه بداية الحرية. والحرية يا فتاتي الغريرة دربها أغبر ولكنها تتلألأ هناك عند القمة.

تضج كلمات عمتي وأنا خلف الستارة أرقب شجيرة الحلم الصغيرة تتنشق نسائمها الأولى وتعرش بوجل وتمد وريقاتها على استحياء. تدفعني عمتي من الخلف وتفتح النافذة، أعني مجرى الضوء والهواء وتطوح بالستارة بعيدا. واقفة تضع وجهي بين راحتيها: " اقرئيني، أنا كتابك المفتوح. هل سمعت؟ أنا كتابك المفتوح، ثم امرقي كالعصفور نحو الضوء، لأن الأحلام تموت خلف الجدران والستائر. اقرئيني فاسمي حورية أو حرية ــ حسب النوايا الطيبة لأمي ــ وكما تعلمين فتاريخي مفضوح ولدت عند فجر الاستقلال وفي زحمة الفرح وفيما أمي تتبرك بطيور الحرية الوافدة دخلت الواو سهوا أو خطأ فحدث الالتباس والواو علته، لأن الواو تعني الوهن، لذلك أسقطتها الحرية، طبعا بغض النظر عن نوايا أمي التي كانت بكل تأكيد تقصد الحرية بعيدا عن واو الوهن وتردداتها.وأنت اليوم با صغيرتي تزرعين حلمك، تنظرين في عيني وترين أني مازلت عند النقطة الأولى مع أني أتسلق أبراج الخمسين.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى