يوم داخل بيت فقير
وجد نفسه تائها في الشوارع بدون عمل، منكسر الأجنحة، وجيوبه مزقها الفقر والبؤس، أما ذاكرته فقد تزاحمت بها الأفكار، والتساؤلات التي لم يجد لها جواب. ..وقف قليلا لإسترجاع أنفاسه، ثم قرر العودة للبيت عله ينعم بقليل من الراحة بعد يوم شاق من البحث عن لقمة العيش بدون طائل...
وهويطرق الباب وجد اّبنته الصغيرة في إستقباله بنظرات بريئة زادت
براكين الهموم إنصهارا داخل قلبه، ساعتها ترجى الله ألا تسأله عما إذا كان قد جلب شيئا للأكل...
وفجأة خرجت الصغيرة عن صمتها قائلة:
– أبي أحس بالجوع.
فتوجه بنظراته إلى الأرض، تمتم قليلا بعدما أحس بنيران العجز تشتعل داخله،
ثم بحث عن جواب يرد به عن الصغيرة، لكنه ظل عاجزا، لتسبقه دموع الإنكسار، أحس حينها أن الدنيا قد ضاقت به، وجبال الأحزان تراكمت فوق ظهره...لم يجد من يواسيه سوى زوجته المكسورة مثله، التي رفعت بصرها إليه ثم واسته بكلماتها الرزينة قائلة:
– أرجوك لا تنكسر وكن قويا، فإن الله لا يختار لك إلا الخير وهذا قدرنا، فكن مؤمنا، لأن أشد لحظات الليل سوادا هي أقرب لحظة لبزوغ فجر الأمل...
دموعه كانت لا تزال تجري على خذيه...لم يخف عليها ما يعاني ويصارع من ويلات الحياة وخذلان الزمن له ثم أجابها:
– أي أمل تتكلمين عنه، وهل يستطيع الأمل أن يداوي جراح قلبي؟ وهل يستطيع...وهل يس......؟
وأخذت هي تمسح دموعه. ..وشرد هوكعادته...فقالت:
– أ تعرف أن إيمانك بالله ضعيف، فدوام الحال من المحال، أرجوك كن قويا لأن فرج الله قريب...
جالت كلماتها بسرعة هذه المرة داخل عقله فحركت كيانه من الداخل، أحس
بشيء غريب يمده بالقوة. ..إقترب من اّبنته الصغيرة فأخذها في حضنه، ثم هتف من كل أعماقه قائلا:
– من أجلك يا ملاكي سأضحي بأي شيء.
أحبك...أحبك......أحبككككككك.......
بذل جهدا ليزيل عن وجهه علامات الكآبة والإستسلام وبعدها اّستغرق في نوم عميق، ليستفيق على أذان الفجر، فصلى ورفع كفيه للسماء قائلا:
– يا ربي إني عبد ضعيف خذلته الدنيا، فأرجوك يسر لي أمري وفك محنتي...
ومن تم خرج للبحث عن قوت يومه من جديد، ولم يكن يدرك أن فرج الله قريب. ..وأخيرا وجد عملا يلبي حاجيات أسرته الصغيرة، كم كان فرحه كبيرا فرفع كفيه للسماء ودموع الفرح في عينيه قائلا:
– الحمد والشكر لك يا ربي. ...يا رببببب..
وبعدما أتم عمل يومه الأول، وهوفي طريقه إلى البيت كان يعد الأيام المتبقية للشهر من أجل اّستلام الأجرة، ولم تكن الأمورفي البيت قد تغيرت عن سابقتها نفس المشاهد تتكرر إلى حين..