موتٌ تحتَ المطرِ
أنا لم أعُدْ مثـلَما تعرِفينْ
لقد غيّروني
وقد زوّدوني بجنسِيَّةِ المُنْتَمِينْ
وقدْ زيّفُوني
تنازلتُ عنْ كلِّ شئ ٍ جميلْ
تنازلتُ عنْ حبِّكم قبلَ سَاعةْ
وعن حُبِّ أهلي وحُبِّ النخيلْ
وعن حبِّ حتى النّهَرْ
تنازلتُ عن كبريائي الكبيرْ
وعن قُدرَتي والشجاعةْ
تنازلتُ عن حقِّنا في الحِصَانْ
وعنْ حقِّنا في البِضاعَةْ
تنازلتُ عن حُبِّكم قبلَ ساعةْ
تنازلتُ عنكم جميعاً فلا تَشْتُمُوني
فقد عِشتُ جاراً لكم ألفَ عامْ
ومِتُّمْ ولم تَعْرِفُوني!
ألسْتُم أّخَذْتُمْ مَكاني؟
ألستم قَتَلتُم سُكُوني؟
دَعُوني أكن تافهاً لكي تَعْرِفوني
وإني إذا حِزْتُ تلكَ الصِّفاتْ
ستحكي الإذاعاتُ عنّي بكلِّ اللغاتْ
لأنَّ النزاهةَ ذنبي الكبيرْ
ومَوْتي طوالَ الحَياةْ!
أنا الآنَ لا تَصْرُخِي لو أقولْ
أنا الآنَ لا أنتمي للبشرْ
تفرّقتُ في حُبِّكمْ في الرِّياحْ
وأنتمْ تعيشونَ مِثلَ الحَجَرْ!
أعودُ إلى الغابِ؟ كلا ّمُحَالْ!
أنا لم أصَدِّقْ عَبَرْتُ النَّهَرْ
وأهلي وقد ضَيَّعُوني وضَيَّعْتُهُمْ
وراحَتْ عيونُكِ خلفَ الشَّجَرْ
تُنادي عُيوني
وقولينَ لي لا تُبَالِ
تَحَمَّلْ قليلاً ولا تعلمينْ
لقد حَمّلَتْني جبالاً مِن الحُزْنِ تِلكَ الليالي
وقد أرْغَمَتْنِي لِأطْوي حِبالي
وأخرجُ مِن أيِّ شيءٍ بلا أيِّ شيءْ
تَحَمَّلْ إذنْ كلَّ شيءْ
وعِشْ كالطيورِ التي صادَروها
مِن الليلِ خُذْ ساعَتيْنِ
ومِمّا مضى خُذ دقيقةْ
ولا تَجْرَحِ النَّاسَ حتى ولو عَذَّبُوكْ
فأفْئِدَةُ النّاسِ جدّاً رقيقةْ
تَحَمَّلْ إذنْ يا صديقي
لأنَّكَ لو طرتَ حَدَّ السّماءْ
ستَهوي بنفسِ الطريقةْ
أنا (آخْ)
كم عِشْتُ تحتَ الجَحيمْ
وكمْ مِتُّ تحتَ المَطَرْ!
أنا لسْتُ أدري
إذا كان قلبي الذي ضيَّعوهُ
مِنَ الماءِ أمْ مِن حَجَرْ
أعودُ إلى النَّهْرِ؟ كَلاّ مُحالْ
أنا لمْ أُصَدِّقْ عَبَرْتُ النَّهَرْ
تنازلتُ عنكمْ جميعاً
فلا تبْعَثوا لي نِداءْ
أنا جئتُ للأرضِ قبْلَ الأوانِ
وبعدَ انتِهاءْ
فهلْ تستطيعونَ أنْ تُرْشِدُوني لوَجْهِ السَّماءْ؟
لقدْ ضيَّعَـتْـنِي حَماقاتُ قَوْمِي
وأصبحتُ جدّاً حَـقيرْ
فلم أدرِ لو طارَدُوني على الأرضِ
ليلاً إلى مَنْ أطِيرْ
وللهِ شكوى الطيورِ التي هاجرَتْ للمصيرْ
إلى هذهِ الأرضِ إذْ لا مَكانْ
فأرجوكِ لا تَصْرُخي لو أقولْ
تنازلتُ عن حُبِّكم باللّسانْ
لأنَّ الذينَ تنازلتُ عنهم أنا قبلَ سَاعةْ
لقد ضَيَّعُوا ساعتي مِن زمانْ