معلمى والنسيان
فقدنا يوما ً أحد الأقرباء الأحباء وبعدما شيعناه الى قبره قصدت معلمى الحكيم وأنا حزين وأبكى بحرقة وأقول:
– يا حسرتى، مات الأحبة، مات الأحبة.
استشعر معلمى معاناتى وتنهد تنهيدة طويلة وقال بهدوء:
– اثبت يا ولدى، الفناء حقيقة الوجود.
استشعرت ضعفا ً يسلب الروح وتساءلت:
– وما لنا لا نعتبر إذن من فقد الأحبة؟!
تنهد معلمى ثانية وقال بحسرة:
– ما الدنيا إلا لعب ولهو، وما اهلها بمتدبرون!!
اعاود البكاء والتحسر ومتعجبا ً أقول:
– عجبا ً لحال المجذوب الذى قال بإستهزاء واشاح فى وجوهنا ونحن نسير فى الجنازة : لم تتباكون عليه؟! لقد استراح من شرور الدنيا وشروركم، تباكوا على انفسكم.
رد على معلمى بثبات:
– لا تتعجب، نور البصيرة يهبه الله من شاء من عباده.
يؤلمنى الحديث أكثر من ألم الفراق فأعود لأهلى مكتئبا ً مكسورا ً واظل هكذا بضعة أيام ثم أعود لحالتى متناسيا ً الفناء، أضحك وألعب إلى أن افقد عزيزا ً آخر.