

مشيئـة!
«ولَوْ شَـاءَ كانَ الغَزْوُ مِنْ أَرْضِ حِـمْـيَـرٍ | ولـكِـنَّــهُ عَـمْـدًا إلـى الـرُّوْمِ أَنْـفَــرا» |
ومُـنْـذُ (امرئِ القَـيْسِ) القَوافِـيْ حَوامِـلٌ | فَـأَنَّـى بِـلاديْ أنْ تـُهـَابَ وتُـنـْصَـرَا؟! |
لَـبِسْـنَـا ثِيـَابَ الــرُّوْمِ، إِرْثًـا مُـؤَثَّــلًا، | كَـأنـَّا عُـرَاةٌ!.. لا نُـحِـسُّ.. ولا نَـرَى! |
و(آخِـيْـلُ)، يا (باريـسُ)، طَارَتْ خُيُوْلُـهُ | فلا «كَعْبَ» أَبْقَى الحُبُّ، لا عَقْبَ أَبـْحَرا |
ولولا (ابْـنُ عَبْـدِاللهِ) مـا عَـــزَّ يَــعْــرُبٌ | بَـلَـوْنـَاهُـمُ: ذَيْـلًا لـِمَـنْ دَالَ في الوَرَى |
فَطَـوْرًا مَوَالِـيْ الفُرْسِ ، كِسْرَى يَسُوْسُهُمْ، | وطَوْرًا مَوَالِـيْ الرُّوْمِ، يَـرْجُـوْنَ قَـيْـصَرا! |
بِجُـوْلِ الفُـؤَادِ اصْطَـفَّ لِلْحَـقِّ دَمـْـعُـهُمْ | وذاكَ اليَـتِـيْـمُ ارْتَـفَّ يَـدْعُـوْ مُـبَـشِّــرا |
أَصَـبْـنَا شِـغَـافَ الكَوْنِ، فارْتَـاعَ ظَـالِـمٌ، | وثُـلَّـتْ عُـرُوْشٌ سَـامَـتِ الـنـَّاسَ أَدْهُـرا |
سَمِعْنا سَـماءَ اللـهِ ، لا صَـوْتَ دُوْنَـــها، | تَـصُوغُ لَـنَا فَـوْقَ السِّمَـاكَـيـْنِ مِـنْـبَرا |
بِـنـا الْـتَـاثَـتِ الدُّنْـيَـا غَمـامـَـةَ غـَـارةٍ | وأَضْحَـتْ تُـغَـنِّي: «يـا خَلِـيْلَـيَّ خَــبِّـرا: |
بِـأَنـَّا رَدَى الـبَـاغِـيْ ، ولَـيْسَ بِضَـــائِـرٍ | إِذا صَـحَّ قَـلْبُ السَّيْفِ أَنْ لَـيْسَ عَـنْـتَرا!» |
أيـا دانَــةَ الدَّانَـاتِ ، لا وَرْدَ فـي الرُّؤَى | بِحُمْرَةِ فِـيْـها، لا، ولا نَـشْـرَ أَعْـطَــرا |
ويـا غايَةَ الغـاياتِ ، لا كأسَ فـي الـمُنـَى | كَـخَمْـرَةِ خَـدَّيْـهَـا، ولا دُرَّ أَنـْضَــرا |
ومـا شَــادَ أَسْخِـيْلُوْسُ للشِّعـرِ مَسْرَحًـا | كَما شــادَ قَـلْـبـي يَـوْمَ أَنْ قِـيْـلَ: شَمِّـرا! |
جَـبَـهْـنَا سَمُـوْمَ الـرِّيْـحِ بِالـرُّوْحِ جَذْلَـةً | وخُـضْـنَا عُـبَابَ البَحْـرِ يَـنْـدَاحُ أَبـْـحُـرا |
فما ارْتَـدَّ صُبْحُ السَّيْـفِ بالسَّيْفُ سَـاطِـعًا | ولا انْهَـدَّ بَـرْقُ الرُّمْـحِ بِالرُّمْـحِ مُقْـمِـرا! |
خَلَـعْـنَـا رِبَـاقَ الـرُّوْمِ والفُـرْسِ، نَـهْــزَةً، | وعُـدْنَـا، كمـا كُـنَّـا، رُعَـاعًـا وبَـرْبَــرا |
جَلَـوْنـا جَلِـيْـدَ الـوَقْتِ ، فاهتاجَ مارِجًا، | ومِـن سِـيْـرَةِ الـثَّاوِيْـنَ، فُـلْـكًـا مُؤَسْطَـرا |
رَضِعْـنَا غُـبَـار الدَّهْـرِ لم يَـشْفِ نَخْـلَـةً | ولم نَـرْتَشِـفْ مِـنْ نـارِ جَفْـنَـيْـكَ كَـوثَـرا |
رَحَلْتَ بِـنا في لُـجَّـةِ الـجُـرْحِ مُـشْـئِـمـًا | فما اصطدتَ مِنْ سَبْعٍ ولا اصطدتَ جُؤْذَرا |
فَـعُـدْ، أَيـُّـها الضِّلِّـيْـلُ ، فيـنا سُهَـيْـلَـنا! | وعُـدْ، أَيـُّـها الـمَـأْمُـوْرُ ، فيـنا مُـؤَمَّـرا! |