الجمعة ٢٩ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٢٤
بقلم صالح سليمان عبد العظيم

لا سلام مع الكيان الإسرائيلي

نداء إلى اليقظة والمقاومة

إن اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله والكيان الإسرائيلي، وإن كان قد أوقف تبادل إطلاق النار مؤقتا، فإنه لا يشير إلى نهاية الصراع. بل هو في الواقع توقف مؤقت في حرب طويلة الأمد متجذرة في الاحتلال والعدوان والقمع. إن تاريخ الكيان الإسرائيلي هو تاريخ التهجير والاستعمار والعنف- وهو مسار مستمر بلا هوادة. ويتعين على العالم العربي أن يدرك هذا الواقع وأن يستعد لما ينتظره. فالسلام الحقيقي لا يمكن أن يتعايش مع الطغيان، ولا يمكن تحقيق أي تسوية في حين تصرخ دماء المظلومين من أجل العدالة.

إن وقف إطلاق النار بطبيعته هدنة هشة. فهو يعكس توازنا مؤقتا للقوى ولكنه لا يعالج الأسباب الكامنة وراء الصراع. وفي حالة الكيان الإسرائيلي، فإن هذه الأسباب واضحة: أساسه هو التطهير العرقي للفلسطينيين، وسياساته التوسعية، وانتهاكاته المستمرة للقانون الدولي. إن تصرفات الكيان الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية وخارجها تشكل شهادة على استخفافها بالإنسانية ونيتها إخضاع شعب بأكمله. والمذابح في غزة -حيث تحولت المنازل إلى أنقاض، وتمزقت الأسر، وأبيدت أحياء بأكملها- تشكل تذكيرا قاتما بهذه الأجندة القمعية.

إن ما حدث في غزة ليس حدثا معزولا. بل هو جزء من استراتيجية أوسع نطاقا لبث الخوف وتفكيك المقاومة. ويتعين على العالم العربي أن يفهم أن طموحات الكيان الإسرائيلي لا تتوقف عند فلسطين. فالسياسات العدوانية، والخنق الاقتصادي، والمحو الثقافي تشكل تهديداً للمنطقة بأسرها. ويتعين على الدول المجاورة، والدول العربية الأخرى على حد سواء أن تنظر إلى الدمار في غزة باعتباره نذيرا بما قد يحدث إذا سمح لهذا الكيان بالتصرف دون قيود.

إن السلام الحقيقي يقوم على العدل والمساواة والاحترام المتبادل. ولكن الكيان الإسرائيلي لم يظهر أيا من هذه الصفات. إن محاولات إسرائيل للتطبيع مع بعض الأنظمة العربية ما هي إلا واجهة تهدف إلى إضعاف العزيمة الجماعية للعالم العربي في حين تواصل إسرائيل مشروعها الاستعماري. والمجازر في غزة تكشف كذب هذه الجهود: فلا يمكن تحقيق السلام في حين يرفض المعتدي الاعتراف بحقوق وكرامة المظلومين.

ويجب على العالم العربي أن يظل ثابتا في معارضته للكيان الإسرائيلي. فالمقاومة ليست مجرد حق بل واجب في مواجهة القمع. وتتخذ هذه المقاومة أشكالا عديدة: النضال المسلح، والدعوة السياسية، والحفاظ على الثقافة، والمقاطعة الاقتصادية. وكلها ضرورية لتحدي طغيان كيان أظهر أنه لا يحترم إلا القوة.

إن وقف إطلاق النار مع حزب الله يذكرنا بأن النضال ضد الكيان الإسرائيلي لم ينته بعد. إنه توقف مؤقت، وليس حلا. وينبغي للمجازر في غزة أن تحفز العالم العربي على التوحد ضد هذه القوة الطاغية. وما دام الكيان الإسرائيلي مستمراً في سياساته العدوانية والقمعية، فلن يكون هناك سلام، بل فقط الإصرار على المقاومة والأمل في العدالة. ويتعين على العرب في كل مكان أن يرتقوا إلى مستوى التحدي، لأن مستقبل المنطقة يعتمد على عزيمتهم.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى