الأحد ١ شباط (فبراير) ٢٠٠٤
بقلم نجمة خليل حبيب

قبل ان يتعمد بالشهادة

أنهى صلاته وسلم. كانت رائحة قهوتها قد عبقت في المكان فملأته انتشاء. ارتشف اول رشفة من قهوته وقال فيما هو يهم بالجلوس: الله! . . . الله!. . . اغمض عينيه وسبح ربه على نعمه الكثيرة. جلس الى جانبها التصق بها اكثر مما في عادته ان يفعل. مر بيده فوق خصلات الشعر السوداء اللامعة فوق جبينها وأزاحها الى الوراء. كم يحب هذا الجبين العالي المملوء بالكبرياء. . . مرر يده فوق بطنها المنتفخ وتأمل عينيها الحالمتين وقال:
تسميه نضال. مهما كان جنس المولود تسميه نضال.

ـ متى تعود سألت فيما هو يطبع قبلة فوق جبينها
ـ حسب التساهيل

حاذى الغرفة المجاورة ونادى دون ان يقرع الباب : ادعيلي يمّا
انطلقت مع ازيز الباب دعوات امه التي فتحت مسرعة تلف راسها بالمنديل الاسود: الله يرضى عليك يا حبيبي ويجعلك في كل خطوة سلامة. وحياتك يما لا تنسى ان تمر على الهلال تسال اذا كانوا جلبوا دوا الضغط.

حيا "ابو رباح" المقرفص عند عتبة بابه. طريف هذا الختيار, يرفض ان يغير القمباز. كل هذه السنين في المدن ولا يزال يصر على القمباز وسيكارة اللف. اصولي عتيق.

ماذا يفهمون دعاة التمدن من الاصولية؟ هم يعتبرونها عيب, تهمة, جريمة. منذ مدة قصيرة كانوايقولونها بفخر يعنون بها الطهر, النقاء, فم النبع قبل ان تلثمه الايدي والارجل والعيون, لله كيف يسوقون الكلام حسب غايتهم, وما اغبانا ننجرف في تسويقهم دون تفكير. اليوم يسوقون كلمة جديدة اسمها "شفافية". لم تعد تخلو جملة من هذه اللفظة "الشفافة". من استهدى على هذه اللفظة وكم سيطول عمرها قبل ان تمسي مثل غيرها عيبا او شتيمة؟! . ما لي ولهم. لهم قاموسهم ولي قاموسي. لهم طرقهم ولي طريقي. لهم ايمانهم ولي ايماني. لهم فلسطينهم ولي فلسطيني

كانت الشمس قد بدأت ترسل اشعتها خجولة شاحبة. أحس دفئها يسري ناعما في عروقه. ما أجمله من صباح لا يعكره إلا آثار دباباتهم وقصفهم الذي لا يزال يسد أزقة المخيم. تتسابق دجاجات عمته وضفة على نبش تربة عجفاء . زعماؤنا اللاهثين وراء المفاوضات كدجاجات عمتي وضفة، تربتهم خلت حتى من دودة صغيرة تتقاتل عليها عشرات المناقير. على كل غدا ييأسون ويعرفون ان الله حق

سيختلفون غدا على تسمية عمله: إستشهاد؟ فداء! انتحار! ! ارهاب! . . كله لا يهم انا لا افعل ما
افعل لاجل قولهم ومباركتهم إنه إيماني وحدي وإن كره الظالمون. يبتسم فيما هو يقرا الشعارات التي شوهها القصف من جملة ما شوه. . . حتما سيقيمون له ماتما رمزيا. ليتهم لا يفعلون. لا لزوم لهذه المراسيم الوثنية. لا يريد لدمه ان يسيس. . . فكر بالمولود الذي سيجيء الى هذه الدنيا يتيما. وإن يكن ! ! . . . النبي صلى له عليه وسلم عاش يتيما حتى انه تغذى على حليب مرضعة. قد يهدمون هذا الخص المسمى بيتا. لن يزيد هدمه ولن ينقص على كل الهدم الذي مارسوه. . المهم ان لا يتمكنوا من هدم النفوس . . .

تمنى لو كان اوفر حظا. لو انه ولد في زمان غير هذا الزمان. . . استغفر ربه: "الهم لا اعتراض على مشيئتك". قرأ آية الكرسي. اشاع الدعاء طمانينة هادئة في نفسه ومشى الى قدره بفرح لا يستطيعه إلا من منحه ربه نعمة الشهادة

لمحة عن نجمة حبيب

 فلسطينية الانتماء والجذور, لبنانية النشأة والثقافة.
ليسانس آداب، الجامعة العربية - بيروت عام 1970 -
 ماجستير آداب الجامعة اللبنانية - بيروت 1991
 مقيمة مع عائلتها في استراليا منذ 1991
 مساهمة في مجال القصة والنقد والبحوث في الصحف العربية العاملة في استراليا وفي المهاجر الاخرى
 عملت مديرة تحريرمجلة جسور "فصلية ثقافية استرالية"
 عملت مديرة مكتب جريدة الحياة العربية في سدني
 تعمل حاليا مدرسة للغة العربية وآدابها في جامعة سدني

صدر لها

 في العام 1999 "النموذج الانساني في أدب غسان كنفاني"

2001 ". . . والابناء يضرسون" مجموعة قصصية

2003 "ربيع لم يزهر" مجموعة قصصية

قيد الاعداد دراسة في الادب الاسترالي

حائزة على منحة المجلس الاعلى للفنون في نيوساوث ويلز لعام 2003 عن مؤلف قيد الاعداد بعنوان "وجوه ادبية استرالية معاصرة "


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى