غزّة
امتطي موتكِ غزةَ وانتشي
واذهبي معهُ أينما انطلقا
إنكِ والهوانَ عدوّان ما
عشتهِ ساعةً منذ أنْ خُلقا
مالكِ في حياةٍ جعلنا بها
كالّذي فرّ خوفاً وما سَرقا
مالكِ في حياة هي موتنا
عمرُهُ حين أقبلَ ما طرقا
قد كفيتِ ردىً لو تبصّرتِه
فرَّ من وجهكِ الدمُ محترقا
كم رموكِ بعشقِ الفناء ولا
ريبَ أنّ الذي قال ما صَدقا
أيُّ زعمٍ وقد علموا أنّكِ
والحياةَ حبيبان ما افترقا
سلّم الشرقُ للجبتِ والغربُ
حــــــاشـــــــاكِــــــــــــــ
فاغتاظ فرعونُ واختنقا
فدعا حقدَه قائلًا أفتني
في ابنة الأنبياء وجِدْ طُرُقا
وادعُ هامان مع من عبَدْنا وشر
رًا سيأتي وشرًا لنا سبقا
علّها تنحني من أبت ذُلّنا
أو تلين كجار لها حَمُقا
ثمّ لمّا رأى وجهكِ مشرقاً
في سوادِ سرائرهِ احترقا
إفترى فاحْتملتِ عدا فابتسَمْ
تِ فما رقّ أو لانَ بلْ فسَقا
فأتى البحرَ خلفكِ فانعتقا
من سكونٍ به البحرُ وانفلقا
فغدا فيه للحمقِ مستبقا
فقضى وكذا حمقُهُ غرقا
قسّم الرزقَ ربّك يا غزّتي
واستجاب الدعاءَ وقد فرَقا
فأتى ربَّه الروضُ حين دعا
فارتضى منّةَ الله إذ عبِقا
وأتى ربَّه النخلُ حين دعا
فارتضى منّةَ الله إذ بسَقا
وأتى ربَّه الطودُ حين دعا
فارتضى منّةَ الله إذ شهَقا
وأتى ربَّه البحرُ حين دعا
فارتضى منّةَ الله إذ زرِقا
وأتى ربَّه السيفُ حين دعا
فارتضى منّةَ الله إذ ودَقا
ثم نُوّلتِ كلّ الذي نُوّلوا
والعُلا فوقه نلتهِ خُلُقا
فاعلمي أنّكِ بعد من بُعثوا
كنتِ في خلقهِ خيرَ من رُزِقا
كم علا قبلك البُطلُ حتى رجا
الحقُّ إذ ذاك لو أنّه شُنقا
فإذا أنتِ تؤوينه وإذا
هو كالصّبحِ من بيتكِ انبثقا
وإذا بالسّكون رياح وإذ
بوجوم المقابر قدْ نطقا
وإذا البطل يُفصحُ مفتضحًا
أنّه قبل إزهاقِه زهَقا
إذْ بكِ استيقن المعتدي أنّه
ما أصاب السماءَ وما خرَقا
صبْرُكِ غزتي ليس إلّا إرا
ثَ النبيّين إذْ طال ما انفرَقا
ما أسنّ بأهلٍ له صبرٌ
الّا وتلا الخيرُ مندفِقا