عينان خضراوان
لم يتبقى سوى بضعة ساعات على موعد إقلاع الطائرة، تذكر بعض الأشياء التي يجب عليه شراءها قبل رحيله، فتوجه للمتجر مسرعا.
كل شئ كتب عليه بالإيطالية التى لا يعرفها، حاول سؤال إحدى البائعات بالمتجر، لكنها لم تكن تتحدث الانجليزية، لتظهر إحدى الزبائن محاولة المساعدة، كانت تعرف القليل من الكلمات الانجليزية، وتتحدثهم بصعوبة، لكنهم كانوا كافيين لتفهم البائعة ماذا يريد، وتفهمه رد البائعة
(الايطاليون لديهم نفس سرعة البديهة وربما الفهلوة مثلهم مثل المصريون)
هكذا حدث نفسه مبتسما بعد أن فوجئ بقدرتها على استخدام تلك الكلمات البسيطة فى حل مشكلته، وإنجاز ما أراد.
حاولت بعدها أن تتجاذب معه أطراف الحديث، سائلة إياه:
من أين جاء؟
وماذا يعمل؟
ولمن يشترى تلك الأشياء؟
ولماذا جاء لمدينتها الصغيرة؟
لكنه قطع حديثها مظهرا العجلة، متحججا باقتراب موعد رحلته، فسلم عليها وابتسم ابتسامة فاترة ثم رحل.
ما إن هدأ من لهاثه لجمع حقائبه، وبينما هو في طريقه للمطار، استرجع احداث اليوم، ليتذكر شيئا هاما لم يكترث إليه كثيرا، ألا وهو، ابتسامتها الخفيفة ونظرة عينيها الخضراوين الأخيرة له قبل أن يغادر المتجر، تلك النظرة التى لم يفهم مغزاها أبدا وظلت تشغله طيلة الرحلة، فهل أرادت أن تقول له بها على الرحب والسعة، أم كانت نظرة لوم لأنها عاملته بلطف بينما عاملها هو بفظاظة، أم كانت تعبير عن رغبة في التحدث مع أجنبى قلما ترى مثله فى الجوار.
لم يستطع تفسير النظرة وما كان وراءها، لكن شعور بالذنب تملكه، ثم أخذ يلوم على نفسه، فماذا لو كان قد تمهل خمس دقائق تحدث معها فيهم بشكل لائق وشكرها على مساعدته بطريقة ملاءمة، وهكذا طيلة رحلة العودة للقاهرة، لم تغرب نظرتها الأخيرة وعيناها الخضراوان عن ذهنه قط، لتلك الدرجة التي دفعته للنظر بإتجاه كل فتاة شقراء يراها، لعله يجدها بينهن، فيقدم إليها الاعتذار المناسب، ويرد على أسئلتها العابرة.
تمت