الخميس ٢ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٦
بقلم أحمد محجوب

عن كلامه الشخصي

1-

في الشوارع

وعلى أبواب البيوت

وحتى في غرف النوم

لا أحد يعرف على وجه الدقة كلامه الشخصي

فمن بين كل الأشياء المختلطة في الهواء

وبين قبضة الهواء نفسه

تتعفن الكلمات خارج الأذن المناسبة

ويصبح من المستحيل

قول الأشياء الجيدة

كما لأول مرة

.

.

قلت يا حبيبتي :

الله لا يقتل الناس في الشوارع

لا يمسحهم من عيون المارة بضغطة زر

ولا يجعلهم فزعين بهذه الطريقة على المال والبنين

أنا شخصيا لا اصدق هذا الأمر

و أريدك ألا تشغلي بالك بالتفاهات

من داسوا على لحمي

ليسوا أفضل حظا ممن فعلوها ليلة أمس

كلهم نوافذ خربة

فالجثث التي تغطي الإسفلت

ربما وضعها الأصدقاء للعب معي

و الصراخ المتحفز في الهواء

خرج من أجل نكتةٍ في الأصل

حتى النوافير المعطلة و أيدي العشاق المقطوعة و شجر الكورنيش الأصفر

كلها كلها مشاهد رمزية

توضع لكسر الخاطر

ومنع الكلام الحر من التناسل

خاصة في هذا الوقت من الليل

حيث تتحول المدينة إلى علبة معدنية

ويصبح الناس أنفسهم

الصواب والخطأ

.

.

كان بودي أن تفهمي أكثر

أن مجرد الصمت أمام الحبيبة

لا يعني أن عين قلبي تغازل امرأة أخرى

ولا أن شيئا ما يختفي خلف القماش

فربماكنت أتمهل في التفاصيل كي لا تفوتني البهجة

حين أمسح وجهك بعينين ثابتتين و لسان مقطوع

و أقف على مسار الحمرة في الخدين

أتعلم شيئا عن الإقامة و التفرغ

في المسافة المنحدرة من أسفل أنفك ِ و حتى جذور الرقبة
2
 

 سأقول كلاما جيدا

لأمر ٍ ما لا أدركه أريد أن أقول كلاما جيدا

لكن الشعراء

و السياسيين

و وصية أمي ببنات الناس

لا تمنحني فرصة جيدة للحديث عن نفسي بشكل معقول

والتمسك بأدق التفاصيل أمامك

أيضا تعاندني اللغة العربية

ماذا عليها لو قلت ( احبكي )و أموت( فيكي)ز

أليس رائعا أن اكتب بلساني على أذنيك

وفيما تصر اللغة أن اكسر المؤنث

يتجول الكلام في الفم خائفا من المصير

ورافضا في الوقت نفسه

أن أحبك ِ أو أموت فيكِ

فماذا على أن افعل غير تزوير الإرادة و اللغة

حين يملأ فمي الكلام الجيد

و أذنك

الطيبة البيضاء

تمتلئ بالعنكبوت

*

الشعراء يغلون دمي في الليلهم

سفاحون بالفطرة

يسلقون القلوب في البيت

ويعلقونها على الجدران

فتنتعش التجارة

وتصبح اللغة العصبية قادرة على التناسل

.

.

أنا لا أحب كلامهم

خاصة حين يتكلمون عن الحبيبات

و يتحول الهواء لكائن لزج

يعكرون مزاجي

هم دائما في المسافة بيني وبينك

حيث العبارات الركيكة لا تعجب العالم

والكلام المبتور ينتفخ في أذن البنات

ويملأ الأرض كلها ببيض النمل الفاسد

اصمتوا قليلا

أرجوكم

ليس لدي كلاما جيدا حتى الآن يليق بالحبيبة

أو على الأقل

يرضي طموحها الأنثوي

برجل ٍ يجيد تقطيع الهواء بلسانه

ويترك علامات ٍ فارقة على جانبي الطريق



هنا على الكوبري

وفي تلك البقعة تحديدا

قلت َ لي " أنت ِ كمال العالم "

و حين مرت يدك على كتفي فخجلت

رفعتَ رأسي بالسبابة

" هكذا نخب السماء "

لا أعرف ما الذي يمكن فعله على وجه الدقة

معكم بالذات تصبح المسائل أكثر تعاسة

حين تضخون في دم العشاق كلامكم الهلامي

وتصرون على وضع آلية للتقبيل

و حتى اللمسات المسروقة بين الحين والآخر

تعلقونها على الجدران

بسن القلم

تخرمون عيني الوحيدة

حين تمتلئ بالوحشة

من أذنيها المفتوحتين كطبق العسل

ولساني المتكور على نفسه

يخشي من اللغة الأم

ومن غضبة الشعراء والمزاج العاطفي العام

لا يعرف كيف " يحبكي "

ولا حتى " يموت فيكي" .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى